رمضان كريم علي المصريين: كريم في خيراته, وكريم في عطائه الروحي, الذي طالما ألهمهم بما لم يلهم أحدا سواهم. أيام معدودات علي ذكري العاشر من رمضان, التي خاض فيها المصريون أعظم معاركهم الحديثة بروح صائمة عن كل شيء, إلا النصر أو الشهادة. عاشت مصر مثل مائدة وطنية, تتسع للجميع دون تفرقة أو إقصاء. هذا العام يأتي رمضان وهي تعيش مرحلة حرجة ولكنها تحمل بشارات خير كثيرة, تبدو مصر اليوم مثل طائر العنقاء الأسطوري, الذي ينهض من رماده, ليحلق بجناحيه الأسطوريين في السماء صادحا بأناشيد الحرية والعتق من قيود العتمة: عتمة المكان وعتمة الروح. المصريون عشاق من نوع فريد, يحبون وطنهم كثيرا, ويغنون له كثيرا, ولكنهم لا يعملون من أجله شيئا جديرا بعشقهم له أو به, فقط في أوقات الخطر, عندما يأتي من يتوهم أنه يمكن أن يسرق تاريخهم أو أرضهم أو أرزاقهم أو أرواحهم, في هذه الأوقات فقط ينتفضون مثل مارد يخرج من فانوسه المسحور, الذي سجن فيه طويلا, يصنع المعجزات التي تبهر الجميع, ويعيد ترتيب البديهيات. قبل03 يونيو, كنت مثل هؤلاء العشاق, الذين قال عنهم الشاعر الكبير صلاح جاهين, أحد أعظم مسحراتية مصر, في قصيدته النبوءة علي اسم مصر: علي اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء.. أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء.. أحبها وهي مالكة الأرض شرق وغرب.. باحبها وهي مرمية جريحة حرب.. باحبها بعنف وبرقة وعلي استحياء.. واكرها وألعن أبوها بعشق زي الداء.. واسيبها وأطفش في درب وتبقي في درب.. وتلتفت تلاقيني جنبها في الكرب. هذا هو حالنا مع مصر بالضبط, حالنا الذي نريد له أن يتغير يجب أن نكون عشاقا طوال الوقت, عشاقا بالعمل, واذا كان التاريخ يقدر أن يقول ما شاء علي اسم مصر, فالمصريون يقدرون علي صناعة المعجزات باسم مصر. في الختام.. يقول صلاح جاهين في ذات القصيدة: صبية ولادة يابا ولحمها جلاب.. طلع الصباح زغرطت في السكة فرحانة.. علي كتفها مولودتها لسة عريانه.. وفي لحظة كانت جميع الدنيا دريانة.. علي اسم مصر.. لمزيد من مقالات محمد حسين