تستمر بعثة من ستة أعضاء بمجلس إدارة الغرفة التجارية الامريكية في مصر برئاسة أنيس أكليمندوس رئيس الغرفة في إجراء مباحثات مهمة في واشنطن مع رجال الكونجرس والإدارة الأمريكية تتلخص في رسالة مفادها أن ما حدث في30 يونيو في مصر' ثورة' لتصحيح المسار وليس' إنقلابا' عسكريا, وأن الجيش إستجاب للشعب وحما ثورته. المعروف أن القانون الأمريكي يحظر توجيه أي مساعدات لإنقلابات عسكرية تهدف لتغيير انظمة الحكم' قسريا' بخلاف الطريق الديمقراطي والإنتخاب عبر الصندوق, حول الموقف العام والقضايا المهمة المثارة علي الساحة كان هذا الحوار مع أنيس أكليمندوس رئيس الغرفة التجارية الأمريكية في محاولة لاستقراء الأحداث وتصور حلول للمشكلات التي تواجه الوطن في هذا الظرف التاريخي المهم. بداية أود أن أسألكم عن سبب سفركم لواشنطن في هذه البعثة المصغرة, ونتيجة هذه الزيارة؟ سافرنا لواشنطن بصفتنا رجال أعمال نهتم في الأساس بمناخ الإستثمار وتشجيع التجارة المشتركة, ومن ثم فإنه يتحتم علينا أن نشرح للجانب الأمريكي حقيقة ما حدث في30 يونيو وأن هذا التحرك من ملايين الشعب للتعبير عن رأيهم هو ثورة حقيقية لتعديل المسار وليست إنقلابا عسكريا, وهذه الثورة إستجاب لها الجيش وحماها وهذا واجبه الوطني الذي قام به في ثورة25 يناير وفي ثورة30 يونيو, والدليل أن الجيش وكان في مقدوره أن يفعل لم يدير المرحلة الإنتقالية, ولكنه قام بتطبيق الدستور وإنتقلت السلطة المؤقتة لرئيس المحكمة الدستورية العليا. وقد حققت الرحلة نتائجا إيجابية للغاية, ولمسنا تغيرا واضحا في الخطاب الأمريكي. وسنستمر الأسبوع الجاري في لقاء المزيد من أعضاء الكونجرس والإدارة و مجلس الشيوخ للتأكيد علي الرسالة. تقلدت رئاسة الغرفة بعد سنوات طوال من العمل بها.. هل تحدثنا عن نشاط الغرفة وكيف بدأ؟ أنا عضو مؤسس في الغرفة من1983, وكنت مشتركا معهم من1982, كنا نستأجر غرفة أمام السفارة الأمريكية ندفع إيجارها, وكان أعضاء الغرفة أنذاك لا يزيدون علي15 عضوأ, وبالنظر لما تحقق فنحن فخورون بها. المؤسسون إسماعيل عثمان, وجون بنتلي, ونيلز أكريسون, ومحمد منصور, الآن عدد أعضاء الغرفة1850 عضوا, في البداية كان رئيس الغرفة لابد وأن يكون أمريكيا, وتغير ذلك بالسماح لمصريين برئاسة الغرفة منذ فترة شفيق جبر الذي كانت له مساهمات كبيرة في تطوير العمل بالغرفة. وأذكر أيضا الأيادي البيضاء للدبلوماسي الكبير أشرف غربال, النجاح لا يكون بفرد واحد ولكن بإخلاص مجموعة من البشر تؤمن بالفكرة ولديها الحماس والقدرة. ما أهم الرحلات التي شاركت في معالجة مشكلات جوهرية بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية؟ كل الرحلات مهمة وكل واحدة منها لها مذاق خاص, ولكن أذكر في التسعينيات ثارت مسألة الإعفاء من الديون العسكرية التي تقدر بنحو7 مليارات دولار, ناقشنا ذلك خلال رحلة الغرفة ثم عدنا وفدا مصغرا بصحبة المشير أبو غزالة وأشرف غربال, ومكثنا هناك40 يوما لمناقشة كيفية الحصول علي الإعفاء من الدين, والمعروف أنه لم يحدث من قبل إعفاء للدين العسكري, ما تحقق أن خفضناها لأصل الدين, ودخلت علي ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية, هناك قانون أن الجهة التي تسببت في الدين من حقها وحدها أن تصدر قرارا بالتنازل عن الدين, هذا تذكرناه منذ عامين بعد ثورة يناير أن يمنح الرئيس أوباما لمصر إعفاء عن الدين, هذه الرحلة كانت مهمة للغاية. وفي عام97 هددوا بقطع المعونة الإقتصادية عن مصر بدعوي عدم السماح بممارسة الأديان, وحضر لمصر ثلاثة من أعضاء الكونجرس, وتحركوا في مصر بميكروباس عادي وزاروا كنائس كثيرة وتأكدوا من حرية ممارسة الأديان, وكتبوا تقريرا بأن مصر بعيدة للغاية عن فكرة عدم التسامح الديني أو عدم حرية ممارسة الأديان, بعدها أصدر الكونجرس قرارا باستمرار المعونة الإقتصادية لمصر, ورفع مصر من قائمة الدول التي لا تسمح بحرية ممارسة الأديان. أيضا عملت الغرفة جهودا كبيرة علي صعيد إتفاقية التجارة الحرة بين البلدين, وميزة هذه المفاوضات أنهم منحونا قائمة بالأمور التي تحتاج لإصلاح, وهي أمور في مجملها تساهم في إصلاحات مطلوبة, ميزة إتفاقية التجارة ليست في حد ذاتها لإن مصر تستورد من الولاياتالمتحدة بأكثر مما تصدر لها, ولكن أهميتها ترجع إلي أنها تفتح أسواق أخري وتعطي تصويت ثقة لمصر, من ناحية ثانية تجبرنا علي إجراءات تنظيمية مطلوبة, ومصر أنهت في ذلك الوقت95% من الإجراءات المطلوب تعديلها من القائمة, وهذا لمصلحة البلد بغض النظر عن توقيع الإتفاقية. الغرفة مؤسسة مدنية لا تهدف للربح, ومهمتها تحقيق المناخ الملائم لتتنمية العلاقات الإستثمارية والتجارية بين مصر وأمريكا, وشرح وجهة النظر المصرية في الموضوعات الخلافية, إننا عامل مساعد أو همزة وصل كما يقولون. إن بناء علاقات قوية وشخصية مع الجانب الأمريكي لصالح مصر في نهاية المطاف. صبغة رجال الأعمال وإستقلاليتهم عن الحكومتين تعطي مصداقية أعلي, وبالتالي فهم الأكثر إقناعا, لقد نجحنا في بناء علاقات نفعت الحكومة المصرية والخارجية المصرية. من أين أتي لقب طرق الأبواب؟ هذا متعارف عليه في الولاياتالمتحدة, وفي الأداب العربية هناك دائما طرق الباب قبل الدخول, فكرنا في تغيير الاسم, ولكن وجدنا أنه معروف في الأوساط الأمريكية والدبلوماسية الأمريكية, وبدأ المصطلح يتردد في مجالس أعمال أخري, ونحن سعداء بذلك. الغرفة أسست' إتحاد غرف تجارية أمريكية لمنطقة الشرق الأوسط' هل حقق أهدافه؟ حقق أهدافه وبقوة وربط بيننا وبين الكثير من الدول العربية. أسسناها خلال إجتماعات بالأردن, وتقرر أن تكون السكرتارية الدائمة في مصر. لقد مارستم الديمقراطية كما ينبغي أن تكون, فما الفارق بين هذه الديمقراطية وما هو مطبق في مصر بعد ثورة بناير؟ البعض يلخص الديمقراطية بأنها صندوق الإنتخابات, ولكن الديمقراطية هي قبول الرأي الآخر أولا, واحترام الرأي الآخر قبل فهمه, وبعدما تمارس الديمقراطية يتم إحتواء الأخرين, الشطارة أن من يخسر الانتخابات يعمل مع الفائز بدون حساسيات, وبوطنية كاملة, وعلي الفائز العمل مع كل شركاء الوطن دون تمييز. ما هو دوركم في تقوية العلاقات المصرية الامريكية؟ نحن لا نتحدث في السياسة, ودورنا تشجيع التجارة المشتركة بين البلدين, ولكن لا يمكن تجاهل الولاياتالمتحدةالامريكية كقوة إقتصادية أولي وكبري, وكدور في المؤسسات الدولية المهمة مثل الأممالمتحدة, وصندوق النقد والبنك الدوليين, وغيرها, وبالتالي هناك أمور تحتاج إلي الشرح خاصة لتأثيرها علي التجارة والإستثمار والإقتصاد ككل, وهذا دورنا, الحوار وتقريب وجهات النظر, ونقل وجهة النظر المصرية بكل أمانة, ولا يجب أن ننسي ان علاقتنا بأمريكا تحدد علاقاتنا بالاخرين في أوربا واسيا وحتي في إفريقيا. وبالتالي تجاهل الواقع ليس في صالح مصر. نأتي لفكرة المعونة هل هي في صالح مصر؟ وهل هناك مشروطية في هذه المعونة تضرنا؟ الفكرة ليست في المعونة ولكن في الذي تموله المعونة, فلو مولت مشروع محطة كهرباء ستبقي المحطة لمصر حتي ولو أنفقنا المعونة علي معدات وخبراء أمريكان, ولكن لو استوردت بالمعونة دواجن, كما كان يحث في بداية عهد المعونة الاقتصادية لمصر, ماذا سيبقي لمصر بعد استهلاك هذه الدواجن؟ العبرة بالمشروع الذي يحقق إستدامة وتنمية وقيمة مضافة. العبء في التعامل مع الخارج يقع علي عاتقنا. ما هو انطباع الجانب الامريكي علي ثورة25 يناير؟ في البداية كانت مفاجأة أن الجيل الجديد فعل ما لم نفعله نحن, كل المجتمع المتعلم كل الناس اللي عاشت متهمة بالإهمال الجسيم لاننا وجدنا سبلا للتحايل علي المشكلة, وكانت الحجة' أننا نؤذن في مالطا', لقد وصلنا لحلول فردية مريحة مما أدي لتفاقم المشاكل. الشباب فعلها واحترمه العالم وأولهم الأمريكان. في رأيك ما هي أكبر مشكلة إقتصادية تواجه مصر؟ أكبر مشكلة أن نحب بلدنا جميعا وبحق, فلو فعلنا ذلك لن تحدث الكثير من الظواهر السلبية, وأولها مشكلة التهريب التي تضر المنتج الشريف والمستورد الشريف ولا يسدد عنها ضرائب, فلو تمكنا من حل هذه المشكلة وحدها لن نحتاج بعد عام واحد لمعونات أو لاتفاق اقتراض مع الصندوق أو غيره. ما هي الصناعات التي يمكن أن تحقق لمصر دخلا؟ أهم صناعة يمكن أن تغير الكثير في مصر هي الصناعة التحويلية. والوصول للأسواق يتأثر بثلاثة عوامل تؤثر في التكلفة وهي تكلفة العمالة, النقل, والضريبة, لو قدرت أعمل صناعات تحويلية وصدرتها لإفريقيا سنكسب, التدريب المهني لتعظيم مخرجات الثروة البشرية. لدي30 مليون شاب أعتبرهم عبئا, لو أخذتهم ووضعتهم في تعليم موجه مرتبط بالطلب في سوق العمل, وندربهم لا ليقفوا في طابور البطالة, ولكن ليعملوا. هل تعتقد ان البطالة كانت عنصر من عناصر الدفع لثورة يناير؟ بالطبع, خاصة بالنسبة لمن تلقي تعليما جامعيا ولا يجد عملا به فيزداد الأمر إحباطا, ولدينا نوعين من البطالة, الأول البطالة غير القادرة علي الإنتاج, وهناك البطالة المحبطة الذي منحته أمل ولم يحصل علي شئ. نري من تجارب الأخرين, البرازيل كانت أسوأ منا ولكنهم عظموا المزايا النسبية التي لديهم, ونحن لدينا ثروتنا المتمثلة في الثروة البشرية, ففي كل مكان في العالم العمالة المصرية التي حصلت علي حظها من التدريب والتعليم هي الأكفأ وفي مختلف المجالات. لماذا لم تتحسن الأوضاع بعد ثورة يناير؟ لأننا منحنا للناس توقعات بأكثر من الواقع, والحقيقة أنه لا يمكن حل مشكلات متراكمة في عشرة شهور أو عام, لم يكن ليقدر عليها الرئيس مرسي أو من يأتي بعده, فالسيارة تخرج من النقلة للخلف للأمام نقلة واحدة ثم تنطلق للنقلات الاسرع بعد ذلك, لابد وأن نسير من الخلف للأمام ببطء, وأن نعرف خريطة أهدافنا وموقعنا منها. لدي لوغاريتما غير مفهوم, نحن أكثر شعب في العالم يحب بلده, ولكنه حب لا يؤدي لازدهار البلد أو نظافة شوارعها, أو إنضباط مرورها, أو منع الفساد في المعاملات؟ فما هي طبيعة هذا الحب؟ مشكلة المصري أنه لا يزال يكره الحكومة منذ عهد الإحتلال الإنجليزي, هذه الثقافة استمرت ولم نتمكن من القضاء عليها فأصبح الشعور بالوطن شئ, والحكومة شئ أخر, المصري يحب وطنه, ولكن ما يجعله غير قابل للإنضواء تحت النظام والقانون هو هذه العلاقة الغريبة مع الحكومة, فقدانه للثقة في الحكومات المتعاقبة. المصري كإنسان وحضارة من أعظم شعوب الأرض والدليل علي ذلك الأهرامات وأبو الهول وثورات19 و23 يوليو ويناير و30 يونيو ولكن, حتي يعطي المصري لابد أن يكون مؤمنا بما يعطيه, عبرنا73 نتيجة لإيمان الجندي المصري ورغبته في النصر ومحو عار الهزيمة. وأعتقد أن حب الوطن لا ينفصل عن حب كل منا للآخر, لا يمكن أن نصدق حبنا للوطن ونحن لا نحب بعضنا البعض. هذه في نظري هي البداية, وأملي أن تكون30 يونيو بداية لمحبتنا جميعا وتقبلنا لبعضنا البعض. البقية الأسبوع القادم بمشيئة الله تعالي.