الأرقام تتحدث عن15 ألف منطقة عشوائية في مصر, والأرقام تتحدث عن أكثر من15 مليون نسمة يقطنون هذه العشوائيات, والواقع يشير إلي حياة يخيم عليها البؤس, وتنهكها الأمراض, والواقع يؤكد معاناة يومية مع تلوث مياه الشرب, وافتقاد الصرف الصحي, والحقيقة المرة هي أوكار البلطجة وتجار المخدرات, مع الخارجين علي القانون, والهاربين من تنفيذ الأحكام. وعلي الرغم من خطورة الأزمة التي طرحت نفسها علي موازنات الدولة وخطط المحليات علي مدي أكثر من نصف قرن, فإنها لا تجد طريقها إلي الحل, بل علي العكس تتزايد حدتها, وتتفاقم المأساة, ويتزايد عدد العشوائيات, وبالتالي القاطنون فيها عاما تلو الآخر, مما يرفع من حالات المرضي في المستشفيات العامة, وعدد الخطرين علي الأمن العام, ناهيك عن الكثير من الجوانب. مراسلو الأهرام في المحافظات يرصدون المشكلة بجميع جوانبها, في محاولة لإلقاء الضوء من جديد علي هذه المأساة المتفاقمة لعلها تجد طريقها إلي الحل, ونحن علي أعتاب مرحلة جديدة من حياتنا في محافظة بني سويف يوجد17 منطقة عشوائية بالمدن المختلفة منها2 في بني سويف و6 في اهناسيا و2 في الفشن و6 في ناصر ومنطقة واحدة في ببا أما مدينة الواسطي وسمسطا لا يوجد بها مناطق عشوائية. وتعتبر منطقة عزبة الصفيح( شق الثعبان) أخطر واهم المناطق العشوائية في بني سويف كونها تقع داخل عاصمة المحافظة وتقترب من العديد من المواقع الحيوية المهمة داخل مدينة بني سويف والتي لا تبعد عن ديوان عام المحافظة سوي مسافة300 متر تقريبا ومساكنها عبارة عن صفوف متلاصقة لا يفصل بينها أي فراغات وعرض شوارعها لا يتعدي نصف المتر إلي جانب وجود منحنيات بها ويعاني أهلها من مشكلات عديدة ترتبط بظروف الحياة اليومية حيث إن سكانها يعيشون في حجرات منفصلة ودورات مياه مشتركة مما يترتب عليه العديد من المشاكل بالإضافة إلي عدم وجود صرف صحي حيث يعتمد قاطنوها علي الخزانات والطرنشات التي يتم نزحها كل شهر إضافة إلي انتشار التلوث الناتج عن عملية طفح الخزانات المستمر ورشح المياه بالشوارع وانتشار أكوام القمامة إلي جانب مخلفات المواشي والأغنام والحشرات الضارة التي أدت إلي انتشار العديد من الأمراض والأوبئة بين سكان تلك المنطقة مما يؤكد افتقارها الي الحد الأدني من الحياة الآدمية. هذا ما أكدته الدراسة التي أعدتها الدكتورة عليه حسين أستاذ الأنثربولوجيا بكلية الآداب جامعة بني سويف حول أنماط وأسباب ظهور العشوائيات أضف إلي ذلك عدم توافر وسائل الأمن والأمان خاصة وقت حدوث الكوارث لا قدر الله مثل صعوبة دخول سيارات الإطفاء عند اندلاع حريق لإمكانية السيطرة عليه حيث ان ضيق مساحة الشوارع والتخطيط السييء لهذه الأماكن يؤثر علي امكانية ونجاح عمليات الانقاذ ومجابهة الكوارث وهذا التخطيط السييء لهذه المناطق نتاج تراكمات سنوات من الإهمال وعدم الاكتراث والاهتمام من قبل النظام السابق الذي لم يعر اهتماما لآدمية المواطن الذي يعيش في تلك المناطق والتي أطلق عليها بالفعل( القنابل الموقوتة). وفي آخر اجتماع لصندوق تطوير العشوائيات بمحافظة بني سويف الذي رأسه الدكتور ماهر الدمياطي محافظ بني سويف السابق بحضور السكرتير العام والسكرتير العام المساعد وسعاد نجيب مدير وحدة متابعة محافظة القاهرة ومحافظات الجنوب ومنسق وحدة متابعة المشروعات ورؤساء المدن ومديري المصالح ببني سويف أوصي الاجتماع بمراجعة خطط تطوير العشوائيات فنيا في بني سويف في اطار استعمالات الأراضي المقترحة بالمخطط الاستراتيجي لتطوير المناطق غير الآمنة في المحافظة. وفي إطار المشاركة الشعبية وتحديد المناطق ذات الأولوية علي مستوي المحافظة للبدء في اعداد خطط العمل لتطويرها ومنها خطة العمل لتطوير المنطقة التي نتحدث عنها( عزبة الصفيح) بمدينة بني سويف بهدف توفير وحدات سكنية آمنة لقاطنيها انطلاقا من نتائج دراسة التطوير انتهت الي ضرورة ازالة العشش والمباني غير الآمنة والتسكين بوحدات سكنية خلال فترة24 شهرا وتحسين الظروف المعيشية للسكان في برنامج زمني محدد للتطوير من خلال تخصيص موقع بمنطقة شرق النيل بمدينة بني سويفالجديدة بمسطح حوالي344 فدانا لانشاء عدد22 عمارة سكنية يتم نقل شاغل الوحدات اليها مع تعويض ملاك الاراضي وشاغلي وحدات النشاط وازالة العشش غير الآمنة وعمل مشروع تقسيم وعرضها للبيع لاستعادة التكلفة. وأشار الدكتور ماهر الدمياطي المحافظ السابق وقتها الي ضرورة توفير وحدات سكنية ذات ملكية خاصة لأهالي منطقة عزبة الصفيح( شق الثعبان) دون تحميل الأهالي أعباء مادية في دفع أقساط عن الوحدة السكنية مع ضرورة اقناع الأهالي أولا بأن المنطقة غير آمنة وغير صالحة للمعيشة وأنه سيتم تعويضهم بوحدات سكنية راقية ودفع تعويضات لهم. وبرغم كل ما سبق فإن مشروع التطوير لم يكتب له النجاح حتي الأن لعدة أسباب منها ما هو متعلق بالاهالي أنفسهم بسبب الموروثات الاجتماعية حيث يرفضون عمليات التطوير وترك منازلهم التي تربوا وعاشوا بها لفترات طويلة من الزمن وارتباطهم النفسي والروحي بمناطقهم بينما يري البعض أن الأسباب الاخري لعدم التطوير ترجع الي الظروف التي تمر بها البلاد وتغير استراتيجيات العمل بكافة مؤسسات الدولة بسبب الأحداث المتعاقبة والتي عطلت وأجلت امكانية تنفيذ خطط التنمية البشرية والاقتصادية وتطوير مستوي الخدمات الامر الذي أسهم ومازال يسهم في تأخر إنجاز المشروعات المهمة. وعلي رأسها مشروعات البنية الأساسية في كافة محافظات مصر الأمر الذي دفع البعض لطرح وجهة النظر التي تقول بأنه لا يجوز الحديث عن أي مطالب في ظل عدم وجود دولة أو حكومة ثابتة تنفذ مشروعات تطوير أو انتاج قبل تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي أولا والذي سيتحقق معه بالتبعية الاستقرار والانتعاش الاقتصادي الذي يحقق الحياة الكريمة والآدمية للمواطن.