ندوة توعوية موسعة لهيئة التأمين الصحي الشامل مع القطاع الطبي الخاص بأسوان    نهائي دوري أبطال أفريقيا.. الجباس يتحدث عن خبرات لاعبي بيراميدز قبل مواجهة صن داونز    وزير الشؤون النيابية يهنئ وزيرة البيئة بأمانة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 23-5-2025 في مصر بعد ارتفاعه الكبير بالصاغة    توجيهات بسرعة الانتهاء من تطوير شارع «سوهاج- أسيوط» بنهاية الشهر الجاري    المشاط: الاستقرار الاقتصادي ضرورة لدفع النمو لكنه لا يكفي بدون إصلاحات لتمكين القطاع الخاص    مسؤولة أوكرانية تدعو لإعداد الأطفال لحرب طويلة مع روسيا    جامعة هارفارد تقاضى ترامب بعد إلغائه حقها فى تسجيل الطلاب الأجانب    جوارديولا: مواجهة فولهام معقدة.. وهدفنا حسم التأهل الأوروبى    انتهاء الاختبارات العملية والشفوية لطلاب كلية العلوم الرياضية    حريق هائل بمخزن كاوتش بأحد قرى الدقهلية    علم الوثائق والأرشيف.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب    صفاء الطوخي: أمينة خليل راقية وذكية.. والسعدني يمتلك قماشة فنية مميزة    المجمعات الاستهلاكية تستقبل المواطنين اليوم الجمعة حتى هذا الموعد    لبحث الاستعدادات النهائية لانطلاق المنظومة.. قيادات «التأمين الشامل» في زيارة ميدانية لأسوان    وفاة موظفة بديوان عام محافظة المنيا صدمتها سيارة    ضبط مدير مسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    بينها عيد الأضحى 2025.. 13 يوما إجازة تنتظر الموظفين الشهر المقبل (تفاصيل)    قصور الثقافة تعرض مسرحية تك تك بوم على مسرح الأنفوشي    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    الأهلي يجهّز ملف شامل للرد على شكوى بيراميدز بالمحكمة الرياضية    بدون خبرة.. "الكهرباء" تُعلن عن تعيينات جديدة -(تفاصيل)    منها «استقبال القبلة وإخفاء آلة الذبح».. «الإفتاء» توضح آداب ذبح الأضحية    أخبار الطقس في السعودية اليوم الجمعة 23 مايو 2025    القاهرة الإخبارية: الاحتلال استهدف أهالي حاولوا الوصول إلى شاحنات المساعدات    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    غدًا.. جلسة عامة لمناقشة مشروع قانون تعديل بعض أحكام "الشيوخ"    "فيفا" يعلن استمرار إيقاف القيد عن 7 أندية مصرية.. ورفع العقوبة عن الزمالك بعد تسوية النزاعات    أسعار الحديد والأسمنت اليوم فى مصر 23-5-2025    استمرار تدفق الأقماح المحلية لشون وصوامع الشرقية    انطلاق قافلة الواعظات للسيدات بمساجد مدينة طلخا في الدقهلية    أرني سلوت ينتقد ألكسندر أرنولد بسبب تراجع مستواه في التدريبات    شرطة الاحتلال تعتقل 4 متظاهرين ضد الحكومة بسبب فشل إتمام صفقة المحتجزين    على غرار اليابان.. نائب أمريكي يدعو لقصف غزة بالنووي    وفد الصحة العالمية يزور معهد تيودور بلهارس لتعزيز التعاون    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة (صور)    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    الهلال يفاوض أوسيمين    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    المشروع x ل كريم عبد العزيز يتجاوز ال8 ملايين جنيه فى يومى عرض    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    جامعة القاهرة تعلن عن النشر الدولى لأول دراسة بحثية مصرية كاملة بالطب الدقيق    مصادر عسكرية يمينة: مقتل وإصابة العشرات فى انفجارات في صنعاء وسط تكتّم الحوثيين    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    أسرة طائرة الأهلى سيدات تكرم تانيا بوكان بعد انتهاء مسيرتها مع القلعة الحمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



همس الأصدقاء
الدموع الغالية
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 12 - 2011

تعودت من زمن بعيد وقبل أن أطالع رسائل أصدقاء بريد الجمعة أن أتحصن وراء ساتر نفسي قوي يحميني من الانفعال والاستغراق فيما قد تحويه تلك الرسائل عادة من أحداث يدمي لها القلب والعقل‏,‏ ومع ذلك هناك رسائل أجدني أقف عاجزا أمام أحداثها, بل أكاد أعيش مع أبطال وقائعها المؤلمة, حتي أكاد أشعر انني أصبحت جزءا من تلك المشكلة, أو طرفا فيها.. ورسالة اليتيمة هي واحدة من تلك الرسائل التي لا تملك الا أن تتفاعل مع أحداثها, وتتعاطف مع صاحبتها, لأنها تحمل الكثير من المعاني والمشاعر البريئة لفتاة صغيرة في العشرين من عمرها, شاءت إرادة المولي عز وجل أن يرحل والدها عن الدنيا, وهي لاتزال طفلة في العاشرة, فكانت تلك صدمتها الأولي التي أفاقت منها لتجد نفسها وقد فقدت الأب الحنون والقدوة والسند القوي أمام حياة قاسية لا ترحم, ومرت الأيام وكبرت الصغيرة مع احساس تعاظم معها بمرور الزمن بأنها يتيمة, وبلا سند حقيقي يحميها من تقلبات الزمن, ومع ذلك فقد حاولت قدر استطاعتها أن تترجم أحزانها لفقد والدها الي طاقة ايجابية تساعدها علي النجاح في الحياة, وكرست حياتها للعلم والدراسة مما جعلها تتفوق علي زميلاتها في المدرسة والجامعة, ولكن الاحساس باليتم وافتقاد القدوة والرمز ظل كامنا بداخلها, حتي صار يشكل فراغا نفسيا هائلا كان هو السبب الرئيسي في اندفاعها الي الاعجاب بأحد المعيدين الذين يحاضرونها في الجامعة, كحل لا إرادي لملء الفراغ الداخلي, وسرعان ما تحول هذا الاعجاب الي حب غير متكافيء من طرف واحد أوقعها في صدمة أخري, لا تقل عن صدمتها الأولي, عندما فوجئت بهذا المعيد يتقدم لخطبة فتاة أخري أعجب بها وقرر الارتباط بها!!..
وكان من الطبيعي أن تجد تلك الفتاة الصغيرة نفسها ضحية وأسيرة لقضيتين متزامنتين وعلي نفس القدر من الأهمية وهما احساس متناه باليتم وشعور جارف بحب من طرف واحد لم يعلن عن نفسه, وهي بعد غير مسلحة بأدني أسلحة الخبرة والحكمة للتعامل معها.. ويبدو أن الحمل كان أكبر مما تتحمله بنت العشرين البريئة الطاهرة فلم يكن أمامها سوي أن تصرخ من أعماقها طلبا للمساعدة أو النجدة فيما يصفه علماء النفس بإيجابية التعامل مع المشاكل الحياتية بطلب النجدة من الآخرين عندما يستلزم الأمر ذلك.
وتلبية لهذا النداء أرجو من صاحبة الرسالة أن يتسع صدرها لتحليل وتفسير ما حدث في الواقع لنري حقيقة دوافعه وتداعياته لعلنا نساعدها في الخروج من أزمتها, والاستفادة من الماضي, ليكون درسا مستفادا للمستقبل.. والقصة لها شقان متلازمان:
الشق الأول في تلك القصة هو الاحساس المتعاظم باليتم والشعور بالدونية لافتقاد القدوة والسند في الحياة, وهي قضية نفسية يجب أن نتعامل معها بطريقة واقعية, باعتبارها أولا وأخيرا إرادة الله الذي لا راد لقضائه, وأنه ليس أمامنا سوي الرضا بما قسم الله, ومن الحكمة والعقل أن نركز علي الجانب المضيء في تلك المحنة, وهو أن اليتيم أمانة الله في المجتمع, وأن النبي صلي الله عليه وسلم ولد يتيم الأب ثم ما لبث أن فقد أمه وهو في سن السادسة من عمره, ولعل في ذلك مواساة لكل يتيم من أمته, فعندما يعلم الطفل اليتيم أن خير وأفضل البشر ولد يتيما فإن في ذلك أسوة له ومواساة ودافعا علي الاقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم, ولقد كانت عنايته ووصايته صلي الله عليه وسلم بالطفل اليتيم من خلال أقواله وأفعاله ومواقفه عناية لم يشهد التاريخ لها مثيلا فقال صلي الله عليه وسلم خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه, وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه وقوله تعالي وأما اليتيم فلا تقهر, وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتي النبي صلي الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه فقال صلي الله عليه وسلم: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك.. وعن ابن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:( إن اليتيم إذا بكي اهتز لبكائه عرش الرحمن, فيقول الله تعالي لملائكته: يا ملائكتي, من ذا الذي أبكي هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب, فتقول الملائكة ربنا أنت أعلم, فيقول الله تعالي لملائكته: يا ملائكتي, أشهدوا أن من أسكنه وأرضاه.. أنا أرضيه يوم القيامة) فهل بعد كل ذلك يا صغيرتي يعتصرك كل هذا الألم لمجرد أنك يتيمة!!
أما عن الشق الثاني في القصة وحب بنت العشرين بأحلامه وأوهامه الذي حلق بك في السماء وهو حق لا ينكره عليك أحد.. ولكنه حب ولد ومات دون أن يشعر به أحد سواك.. لأنه كان من طرف واحد هو طرفك أنت.. وأغلب ظني أنك كنت تبحثي في هذا الحب عن نوع خاص من الحب والاهتمام من أحلامك الذي سينتشلك من أحزانك ويذهب بك بعيدا.. ولكن المعادلة كانت غير متكافئة فكان هذا المعيد لا يري فيك سوي احدي طالباته المتميزات, وعندما حانت ساعة تفكيره في الارتباط اتجه الي من اختارها قلبه وعقله لتشاركه مشوار حياته, ولا لوم عليه في ذلك.. وأنا علي يقين أن هناك من ينتظرك ويستحق أن يرافقك في مشوار حياتك, ومن المؤكد أن كل شيء كتبه الله لك في موعد ومكان لا يعلمه سواه جل في علاه.. وينصح علماء النفس كل الشباب والشابات ألا يتسرعوا في الاقدام علي الارتباط وبناء حياة أسرية جديدة قبل أن يشتد عودهم وتنضج أفكارهم, وتكون لديهم الخبرة والحكمة لاختيار شركائهم في الحياة علي أسس وقواعد تتناسب مع ما يقره العقل والقلب معا.. ويعتقد البعض أن سن الخامسة والعشرين هو أفضل توقيت عمري لضمان سلامة وصدق الاختيار وإن كان لكل قاعدة شواذ..
فانهضي يا ابنتي وجففي دمعك واشحني بطاريتك وابتسمي للحياة تبتسم لك, فلا يزال مشوارك مع الحياة طويلا بإذن الله ولعل تلك التجربة قد زادتك صلابة وحنكة, وصدقيني أنه سيأتي يوم قريب ستضحكين فيه من كل قلبك علي الكثير مما يحزنك الآن, وستكتشفين أن هناك العديد من الأمور الحياتية العارضة التي لم تكن تستحق أن تذرفي من أجلها كل هذه الدموع الغالية.. مع تمنياتي لك بالسعادة والصحة والعافية..
د. هاني عبد الخالق
أستاذ إدارة الأعمال
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.