تمر مدينة العجمي التاريخية.. أشهر أحياء الأسكندرية بظروف بالغة الصعوبة..فبعد أن كانت ضمن أفضل مناطق مصر في الراحة والهدوء وجمال الطبيعة بها.. وكان قاطنوها ينعمون بصفاء ونقاء أجوائها وشوارعها البيضاء ورمالها النقية وأشجارها المزروعة بالتين والمتراصه كالسلم الموسيقي علي جوانب الطرقات فينعم كل من داست أقدامه هذه المدينة التي تألف العيش فيها سريعا. فصيفها كان ملاذا لهواة المصطافين ومأربا للعاشقين ومفرا للسياسيين, أما شتاؤها فكان دفئا لذويها وقلبا كبيرا يسع كل قاطنيها.. سكنها أهالي البدو البسطاء.. فاحتضنتهم مئات السنين.. واستأنس بها أهل المدينة والحضر وبنوا فيها الفيلات والقصور.. وأستقطبت أجواؤها العليلة أهل السياسة والفن فعاشت بها أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفاتن حمامة ونادية لطفي وصالح سليم وعادل امام ومرفت أمين ونجلاء فتحي.. أما الساسه فكان منهم فؤاد سراج الدين وفكري مكرم عبيد وثروت أباظة وخالد محيي الدين وفؤاد محيي الدين وعاطف صدقي ورجال أعمال عاشوا فيها أجمل أيام السنين فلم يتركوها إلا بعد أن انكسر عرش هذه المدينة منذ مايقرب من51 عاما. وقد تحولت الآن هذه المدينة التي كانت مقصد الجميع الي أكبر بقعة عشوائية عرفتها الأسكندرية.. فقد تغير الحال ومرضت العجمي فلم تجد من يداويها أو يأخذ بعافيتها التي أعيتها يد الإهمال وداست علي رأسها الأقدام وهجرها محبوها وذووها ووصفها أهل الحل والعقد بأنها شاخت وماتت إكلينيكيا.. فاضطروا إلي فك الرباط المقدس فيما بينهم فباعوا فيلاتهم وأراضيهم بها ولسان حالهم يقول ياخسارة ياعجمي!! بداية يقول الدكتور أحمد خليل خير الله عضو مجلس الشعب بالعجمي وأحد سكانه إن العجمي يمر بظروف سيئة للغاية فقد مر العجمي بمراحل ثلاث: أولاها سكنه البدو وحافظوا علي رونقه وزادوه جمالا عندما حولوا أراضيه بزراعة أشجار التين المثمرة وأعقبتها المرحلة الثانية وعاش فيه البدو مع الطبقات الإرستقراطية وجعلوا منه أعلي المناطق رقيا في الأسكندرية.. أما الحقبة الثالثة فغزو جارف من الطبقات المتوسطة التي حولت العجمي إلي أكبر منطقة عشوائية عرفتها الأسكندرية وكان السبب الرئيسي هو تخويف وإرهاب أهالي العجمي البسطاء من سحب أراضيهم وعمل مشروعات عليها من قبل الحكومة كإسكان شعبي الأمر الذي دفع أهالي المنطقة للبيع العشوائي السريع والتفريط فيها وعدم الإلتزام بمخططات الدولة في تنظيم الشوارع أو استخراج التراخيص اللازمة للمباني, وشرعوا في هدم الفيلات والقصور تحت وازع الخوف علي سحب ممتلكاتهم الأمر الذي أعلن عن تحويل وجه العجمي الجميل الذي عرف عنه إلي وجه قبيح يصعب علي أطباء التجميل تحسين صورته أو وضع لمسات جديدة للوجه المشوه فطالته العشوائية في كل شيء وإمتدت الي إركانه حتي مزقته فالشوارع به أصبحت كخطي الثعبان في استقامتها, وضيق عرضها كمريض الربو في إتساع شعبه. أما طبيعة شوارعه فقد اختفي منها رائحة الأسفلت وتحولت إلي مطب كبير في مجملها خالية من الرصف, أما الطرق الرئيسية فحدث ولاحرج حيث تحتاج إلي عمل شاق من قبل مسئولي الحي حتي يعود كشارع آدمي الذي أصبح كمصيدة تنال من سيارات سكان العجمي, أما الباعة الجائلون فقد أصبحوا قنبلة موقوتة الانفجار فتزايدهم دائم ومستمر ويتزايد عددهم اليوم تلو الاخر حيث افترشوا الطرقات حتي أغلقوها وإزدادوا عنفا في التعامل مع من يقاومهم وتحولت المنطقة برمتها إلي أكبر بقعة عشوائية تهدد روع الآمنين وتحجب الشوارع للمارة. فشوارع العجمي تحولت إلي سوق عشوائية يجب أن يتدخل المحافظ بكافة أسلحته كي يعيد إنضباط الشارع بالعجمي بالتعاون مع أفراد الجيش والشرطة معا.. فالأمر أصبح خطيرا للغاية.. يجب ألا يصمت المسئوليون. ويقول أبو خير الله: الأمر الثاني هو اجهاض أي عمل اصلاحي بهذه المنطقة خاصة من بلطجية السرفيس والتوك توك فإستطاعوا أن يحولوا شوارع العجمي إلي سيرك كبير الكل فيه يرفع شعار سر في الممنوع فضلا عن الغياب التام لرجال المرور الذين أغفلوا العجمي وغابوا عنه تماما.. كما لو كان العجمي مقاطعة في الولاياتالمتحدة ممنوع تنظيم المرور فيها من قبل رجال مرور الأسكندرية أما عصام محمد السيد رجل أعمال بالعجمي فيقول إن معاناة أهالي العجمي أصبحت كبيرة ومشاكلهم اليومية تتعاظم والعجمي أصبحت مدينة تتخطي2 مليون نسمة يعيشون في ظل أجواء معيشية صعبة فالعشوائيات تحاصرنا من كل جانب والخدمات في تراجع ملحوظ فالقمامة في حي العجمي كتلال الجبال والمستوي الصحي بالمنطقة متدهور وحالة المستشفيات به غير مرضية وأصبحت الحياة به شبه مستحيلة وطالب عصام بالتدخل الفوري من قبل المسئولين بالدولة لإيجاد الحلول اللازمة التي أصبحت كابوسا مخيفا يهدد أهالي العجمي الذين ينتظرون الفرج وإيجاد الحلول المناسبة التي قد تساعد علي حل مشاكلهم ولو بعض الشيء!! أما المهندس. وائل كمال استشاري التخطيط والعمارة فيقول لابد من التدخل العاجل والفوري لإنقاذ مايمكن انقاذه فالعجمي مالم يتم إسعافه ستكون الحياة به مستحيلة.. فلدينا طرق لابد من فتحها كي يتم فك تلك الإختناقات وشوارع داخلية تعتبر شرايين طبيعية لحل الأزمة والإسراع في فتح كورنيش العجمي الذي يربط الإتجاه الشرقي بالغربي ويخفف الضغط علي المناطق الداخلية به خاصة طريق اسكندرية مطروح وفتح طريق أم زغيو الذي سيساعد علي نقل السيارات الكبيرة من وسطه إلي أطرافه وتحويل طريق المنيا إلي طريق أم زغيو وفتح طرق موازية داخل المساكن الضيقة الرابضة بوسط العجمي وأطرافه فضلا عن فتح طريق من داخل الملاحات يربط بين الطريق الصحراوي وصولا إلي العجمي والاسراع في رصف تلك الطرق المتهالكة والمتوقفة عن العمل. أما بالنسبة للمباني العشوائية فيحذر المهندس وائل من وقوع كوارث يومية من انهيارات للمنازل في العجمي بسبب البناء بدون مواصفات علمية فضلا عن ارتفاعات المباني بأدوار لن تتحمل الصمود أكثر من خمسة أعوام مقبلة.. وطالب بتكاتف الجهود لانقاذ العجمي من مأساة يحياها كل من يسكن في هذا الحي المنسي وتبقي للأهرام كلمة أن الخطر أصبح يقف علي الأبواب في تلك المناطق المنكوبة التي جني عليها المسئولون وساعد في زيادة الأزمة أصحاب الذمم الضيقة.. فهل تجد العجمي جراحا ماهرا لاجراء العملية لها بعد أن نزفت دماؤها وأشرفت علي الموت!!