كثير من الناخبين الايرانيين سيتوجهون إلي صناديق الاقتراع بعد غد لاختيار رئيسهم السابع وليس لديهم أي أمل في حدوث تغيير حقيقي في البلاد. فرغم تنافس ستة مرشحين علي المنصب, خمسة منهم يمثلون التيار المحافظ وواحد محسوب علي التيار الاصلاحي, إلا أن أغلب الناخبين يشعرون بأن ليس لديهم خيار حقيقي وأنهم يشاركون في انتخابات محسومة سلفا لصالح الموالاة للنظام. ويري المحللون أن المرشحين كلهم, هم في الحقيقة ينتمون للتيار المحافظ ولكن بدرجات متفاوتة وإلا لما كانوا حصلوا علي موافقة مجلس صيانة الدستور للترشح, وكان المجلس قد استبعد المرشحين الاصلاحيين الأوفر حظا للفوز:الرئيس السابق هاشمي رافسنجاني واسفنديار رحيم مشائي القريب من الرئيس الحالي أحمدي نجاد.وقد ساهم هذا الاستبعاد في ترسيخ الشعور باليأس من التغيير لدي الناخب وبالتوجس مما يصفه البعض ب'النية المبيتة' لدي المرشد الأعلي للجمهورية الاسلامية علي خامنئي ومؤسسة الحرس الثوري بتفادي حدوث أي مفاجآت أو تكرار ما حدث في انتخابات.2009 فقدان الثقة في النظام الحاكم وفي رغبته في اجراء انتخابات حرة ونزيهة ربما يفسر حالة اللامبالاة وعدم الاكتراث بل والتشاؤم والدعوة للمقاطعة التي سيطرت علي المزاج العام في ايران في الاسابيع السابقة للانتخابات, وهو ما يتناقض تماما مع الاجواء الاحتفالية الحماسية المصاحبة لانتخابات2009 حين تعلقت آمال الكثيرين بحلم التغيير الذي جسدته' الحركة الخضراء' بزعامة الاصلاحيين مير موسوي ومهدي كروبي إلا أنه سرعان ما سحقت تلك الآمال تحت أقدام الادعاء بتزوير النتائج لصالح الرئيس أحمدي نجاد ثم القمع الوحشي للمظاهرات التي خرجت للدفاع عن الحلم المنهوب. ويشير المراقبون إلي أن حالة عدم الاكتراث والتشاؤم نتيجة طبيعية للعملية الممنهجة التي اتبعها النظام لتضييق الخناق علي دعاة الاصلاح.فموسوي وكروبي مازالا قيد الاقامة الجبرية بمنزليهما وعقوبة السجن أبعدت كثير من النشطاء السياسيين عن الساحة أما القمع الوحشي الذي فوجئ به المتظاهرون في2009 فكان كفيلا بابتعاد الكثيرين عن السياسة بل ودفع بالبعض إلي الهروب بالهجرة. وخلال الاربعة أعوام الماضية حرص المرشد الأعلي والحرس الثوري علي اتخاذ كافة الاجراءات للحيلولة دون تكرار ما حدث في2009 حيث تم تشديد الرقابة علي كافة وسائل الاتصال التي كانت اداة رئيسية في التعبئة واصدار توجيهات صارمة للصحف المحلية حول كيفية تغطية الانتخابات.كما تم نشر المزيد من قوات الأمن وعناصر التجسس في أنحاء البلاد وخاصة العاصمة طهران لتضييق الخناق علي أي بادرة للاحتجاج ولو حتي شفهيا. ويوضح تقرير لوكالة أنباء اسوشيتدبرس أن ما يزيد الأمر تعقيدا هو أن صفوف المعارضة تعاني الانقسام والافتقار للتنظيم وهو ما يضمن عدم وجود استراتيجية موحدة لتأييد مرشح بعينه وهو ما يترك الناخبين المؤيدين للاصلاح أمام خيارين كلاهما مر: المقاطعة أو اختيار المرشح الأقل سوءا وليس المرشح المفضل ليبقي التغيير حلم لم يحن آوان تحقيقه بعد. وفيما يلي نبذة عن أبرز المرشحين: المعسكر المحافظ علي أكبر ولاياتي وزير خارجية ايران السابق ومستشار المرشد الأعلي للشئون الدولية علي مدي16 عاما وبذلك يتفوق علي كل المرشحين من حيث الخبرة السياسية والدبلوماسية, يعتبر ولاياتي من أشد الموالين للمرشد لدرجة أن البعض يلقبه ب'سيد هل تسمح لي' نظرا لفرط حرصه علي الرجوع للمرشد في كل شئ. سعيد جليلي كبير المفاوضين النووين الايرانيين وأمين المجلس الأعلي للأمن القومي ويصفه المراقبون بأنه' خيار المرشد' بسبب ولائه الشديد له وتشدده في الدفاع عن مبادئ الثورة الاسلامية والبرنامج النووي الايراني ومعاداته لأمريكا, يأخذ عليه منتقدوه الافتقار للكاريزما و للخبرة الادارية والتصلب في المواقف. محمد باقر قاليباف عمدة العاصمة طهران ويرتبط بصلة وثيقة بمؤسسة الحرس الثوري, خاض انتخابات الرئاسة في عام2005 وجاء في المركز الرابع.يعتبر قالبياف من أشد المعارضين لسياسات الرئيس الحالي أحمدي نجاد, يحسب قالبياف, الذي ولد في مدينة مشهد في عام1961, علي المحافظين ولكنه ينادي ببعض أفكار التغيير والاصلاح مما يكسبه شعبية واسعة بين الكثير من المواطنين. معسكر الاصلاحيين حسن روحاني كبير المفاوضين النووين الايرانيين ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لمجمع تشخيص مصلحة النظام.شغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلي للأمن القومي لمدة16 عاما, يوصف روحاني,بأنه معتدل والأقرب لتيار الاصلاح الذي يتبناه رافسنجاني. وقد أصبح روحاني المرشح الوحيد الباقي في معسكر الإصلاحيين وذلك بعد إنسحاب محمد رضا عارف عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام, وقد برر عارف انسحابه قبل أيام من إجراء الانتخابات بأنه يهدف لخدمة التيار الاصلاحي.