السينما المصرية هي أكثر الفنون تأثرا بالأحداث السياسية والمتغيرات التي تحدث في المجتمع ولأنها دائما كان لها دور فعال في اللعبة السياسية كما يحدث في السينما العالمية خاصة الأمريكية. إلا أنها باتت غائبة بشكل كلي عن المشهد السياسي وفتحت مجالا لأفلام ليست بالمستوي الفني والإبداعي الذي يليق بالسينما المصرية عبر تاريخها وأصبحت الأفلام التجارية ذات الموضوعات السطحية تبتعد بالسينما عن دورها في الاشتباك مع المتغيرات السياسية التي أعقبت الثورة.. السينما جزء أصيل من المجتمع ولابد أن تسهم بشكل كبير في عملية التغيير التي تحدث, ومن هذا المنطلق ونحن علي مشارف إنتهاء العام الثالث علي قيام الثورة مازالت السينما المصرية غائبة عن المشهد السياسي فما سبب ذلك؟ الناقدة خيرية البشلاوي: تقول إن السينما المصرية في الوقت الحالي لا يوجد لها أب شرعي ولا لها مؤسسة وطنية حريصة علي دورها, كما أن السوق السينمائية ضبابية جدا والجمهور يتلقي السياسة من القنوات الإخبارية والبرامج الحوارية وليس من السينما في حين أن جمهور السينما الحقيقي من الشباب, فحين يتجه لمشاهدة فيلم سينمائي ويدفع ثمن تذكرة فهو يذهب للهروب وللضحك وفي أفضل الأحوال يتوقع أن يري عملا له علاقة بما يعيشه ولكن في قالب فني مثير وجذاب مثل فيلم ساعة ونص أو واقع يصور له نموذجا أصبحت له سطوة كبيرة داخل المجتمع ويلعب دورا مؤثرا في احداثه ونسبة كبيرة من المتفرجين يرون أنفسهم من خلال فيلم مثل عبده موتة وفي جانب آخر يتخيل الذاهبون الي دار عرض لمشاهدة فيلم لكوميديان من نوعية محمد سعد أن يضحك بلا حدود ويستقبل جرعة مركزة من الضحك والهلس الذي يتفق ومزاجه فيصاب بالإحباط ويخرج ناقما ونادما وخاسرا. ومن هنا من الممكن أن نتوقع سقوط فيلم من نوعية تتح. وكوميديان آخر مثل أحمد مكي أعتقد أنه ليس في أفضل حالاته, فهناك تراجع كبير في منطقة الكوميديا وهبوط لا يتلاشي توقعات الجمهور. وهناك عنصر هو الأهم وأنا أشير هنا إلي المنتجين السينمائيين الناشطين في مجال الإنتاج هذه الأيام حيث لا يوجد علي الخريطة تقريبا سوي السبكي وهو في النهاية رجل يعد الفيلم بالنسبة له مشروعا تجاريا وهذا عمل مشروع ومن هنا فإن حسابات الربح والخسارة تلعب دورا نافذا في مسألة الإنتاج السينمائي.. الآن وفي ظل غياب مؤسسة وطنية قوية تؤمن بدور الفيلم السينمائي والتأثير البالغ علي كافة الأصعدة لهذا الوسيط فإن علينا توقع غياب الدور السينمائي فيما يحدث علي الساحة السياسية وعلينا أن نستقبل هذه الصورة الغائمة لحضور الفيلم المصري في السوق السينمائية دون دهشة. ويقول السيناريست مصطفي محرم إن هناك أفلاما سياسية قدمت عن الثورة ولكن في الوقت الحالي لا يوجد مخرجون قادرون علي استيعاب ما يحدث في المجتمع ولا توجد لديهم روح الفكاهة, فما يحدث الآن ما هو إلا شيء من الكوميديا, ولو الكتاب والمخرجون اخذوا الموضوع بجدية فالناس لن تذهب لمشاهدة السينما, فالسينما الأوروبية علي سبيل المثال نادرا ما تعالج موضوعات سياسية وإنما الأمريكية تعالج الموضوعات السياسية الساخنة فنحن في مصر دائما مواكبون الأحداث حتي عندما تتأزم الأمور من الناحية الرقابية كنا نتحايل ونقدمها بشكل غير مباشر.. فأي أحد يريد عمل فيلم سياسي عليه أن يكون علي درجة كبيرة من الوعي بما يحدث ويكون سينمائيا حقيقيا يمتلك الحرفة العالية ويكون قادرا علي تقديم فيلم يتقبله الناس بارتياح.. إن ما نراه الان مجرد عك.. فلابد أن يكون هناك منتج سينمائي حقيقي واع قادر علي أن يحكم علي السيناريو قبل أن يحكم عليه المخرج واختيار المؤلف القادر علي استيعاب المرحلة وكذلك المخرج واختيار ممثلين لديهم جاذبية خاصة عند الجمهور فمثلا في الأفلام الأمريكية التي تعالج السياسة يتم اختيار كبار النجوم حتي تكون هناك جاذبية للجمهور إنما نحن لا يوجد لدينا منتجون والموجودون ما هم إلا ممولون وتجار.. تجد دائما الأفلام الأمريكية مواكبة للأحداث العالمية خاصة أن هذه الأفلام تتمتع بالتشويق فالأبطال دائما من المخابرات الأمريكية.. ويقول محرم فاقد الشيء لايعطيه ففي البداية لابد ان تكون هناك حكومة حقيقية حتي يكون للفيلم السياسي دور في العملية السياسية. وبدأ المخرج د. محمد كامل القليوبي كلامه ساخرا مما يحدث الآن وقال إذا صنعت فيلما عن الثورة فسوف تتركه الناس وتذهب لمشاهدة محمد سعد في تتح.. فلا يوجد منتجون قادرون علي صناعة أفلام سياسية ولا هناك دولة لديها اتجاه لدعم السينما السياسية, فكيف تنتج فيلما سياسيا والدولة مغيبة عن السينما وعن جميع الفنون فمن المفترض أن الحكومة الحالية حكومة ثورة فكان عليها أن تهتم بفنون الثورة!!.