وزارة العدل الأمريكية: اعتقال عالمة روسية بتهمة "تهريب أجنة الضفادع"    أمير قطر يفاجئ ترامب بهدية غير متوقعة بعد توقيع اتفاقيات تاريخية    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 15 مايو 2025    بزشكيان ل ترامب: أمريكا تصف من يقاوم احتلال إسرائيل لفلسطين أنه يُهدد أمن المنطقة    إيران تحدد شروطها للاتفاق النووي مع الولايات المتحدة    إعلام إسرائيلي: مباحثات جادة بين إسرائيل وعدة أطراف لوقف إطلاق النار في غزة    وصل سعره ل 6800 يورو.. يسرا تتألق في «كان» بفستان لامع من توقيع إيلي صعب    هانئ مباشر يكتب: بعد عسر يسر    كيف تتخلص من ارتفاع ضغط الدم؟ 3 طرق فعالة دون أدوية    يبدأ التسجيل اليوم.. المستندات المطلوبة للتقديم بوظيفة معلم رياضيات بالأزهر    نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية الخميس 15 مايو 2025    هبوط كبير في أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس.. أدنى مستوى منذ 30 يومًا    إيران تُحدد شروطها للاتفاق النووي مع أمريكا.. ما هي؟    قناة مفتوحة نتقل مباراة مصر والمغرب في نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للشباب اليوم    الحماية المدنية تسيطر على حريق كورنيش النيل بالمنيل    لايف.. تليفزيون "اليوم السابع" يكشف حقيقة فيديو حريق كورنيش مصر القديمة    لأول مرة، جيتور تستعد لإطلاق X70 Plus المجمعة محليا بالسوق المصري    مصر.. أمة السينما العربية الناجحة، سميح ساويرس وعمرو منسي في ندوة بمهرجان كان السينمائي    تباين آراء الملاك والمستأجرين حول تعديل قانون الإيجار القديم    نائب رئيس جامعة دمنهور تفتتح معرض منتجات الطلاب ضمن مبادرة «إنتاجك إبداعك»    السيطرة على حريق النخيل بكورنيش مصر القديمة    الكشف عن نظام المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا 2025-2026    مصر تتصدر منافسات ثالث أيام بطولة إفريقيا للمضمار.. برصيد 30 ميداليات    لطلبة الشهادة الاعدادية 2025.. موعد امتحانات النقل والشهادة بمحافظة الوادى الجديد    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    صام "مو" وفاق مبابي، حلم الحذاء الذهبي يتلاشى عن محمد صلاح    مصرع وإصابة 17 شخصاً في حادثي سير بالفيوم    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    موجة شديدة الحرارة يعقبها انخفاض.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الأيام المقبلة    رسميا.. رابطة الأندية تدعو الفرق لاجتماع من أجل مناقشة شكل الدوري الجديد قبل موعد اتحاد الكرة بيومين    وزير الخارجية: الرئيس السيسي يقود جهودًا دبلوماسية لوقف العدوان على غزة وإيصال المساعدات    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    عدد أيام إجازات المرأة وفقًا لقانون العمل الجديد    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    قطر: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلاق النار في غزة    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    "أول واحدة آمنت بيا".. محمد رمضان يكشف أهم مكالمة هاتفية في حياته    وفاة الفنان السوري أديب قدورة بطل فيلم "الفهد"    خبير لوائح: من حق الزمالك اللجوء ل الفيفا بسبب أزمة القمة    بريمونتادا +90 أمام مايوركا.. ريال مدريد يؤجل احتفالات برشلونة في الدوري الإسباني    مصرع بطل مصر في كمال الأجسام إثر حادث تصادم بالتجمع الخامس.. ماذا حدث ؟    مصرع رجل وزوجته في حادث تصادم سيارتين أجرة ونقل على طريق طنطا- كفرالشيخ    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    وصول حسام البدري والفوج الأول من الرياضيين المصريين إلى القاهرة    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    وكيل صحة الدقهلية يشيد بجهود الآطقم الطبية والإدارية في شربين    أخبار × 24 ساعة.. مجلس الوزراء: رسوم عبور قناة السويس تُحصل بالعملات الأجنبية    وكيل تموين الإسماعيلية تتفقد صوامع القمح بالقنطرة شرق    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    الخارجية الأمريكية: ترامب يريد تحسن الوضع الإنسانى المتفاقم فى قطاع غزة    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    «الرقابة الصحية» تشارك بالنسخة الأولى من المعرض العربي للاستدامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقبة الإخوانية‏!‏

أنتمي سياسيا إلي التيار الليبرالي الديمقراطي الذي يتمايز عن التيارات الأخري التي كانت وما تزال تتقاسم الساحة السياسية المصرية‏,‏ أي التيارات الإسلامية, والاشتراكية والقومية. وبهذه الصفة وبسببها فإنني لا أشارك الكثيرين إنزعاجهم من الصعود الإخواني (والإسلامي بشكل عام) الذي تشهده اليوم الحياة السياسية المصرية من خلال انتخابات مجلس الشعب, والتي لا يتصور أن تشذ المرحلة الثالثة عن اتجاهها العام. فبإيجاز وببساطة شديدة, لا يمكن أن أدعي أنني ليبرالي وديمقراطي, ولا أحترم ولا أتقبل الخيار الذي أراده الشعب! من ناحية أخري, فإنني مقتنع بأن هزيمة القوي الأخري ليبرالية كانت أم يسارية أم قومية.. تنطوي علي عنصر إيجابي لا شك فيه, وهو تنبيه هذه القوي إلي حقيقة وزنها السياسي الراهن, ونقاط الضعف التي عانت ولاتزال تعاني- منها مما يدفعها بداهة- إلي أن تقيم أداءها وتعيد صياغة أفكارها, وأساليب عملها.
ذلك هو جوهر الديمقراطية وسر عظمتها وتفردها بين غيرها من النظم السياسية, وقد اختارت مصر الثورة طريق الديمقراطية, ولكنها الديمقراطية الحقيقية لا المزيفة, فكل النظم في العالم تتمسح ب الديمقراطية, والنظم الشيوعية كانت تسمي نفسها الديمقراطية الشعبية! وهتلر وصل للحكم بالديمقراطية! وفي مصر كنا نتحدث عن ديمقراطية الشعب العامل في الحقبة الناصرية, وفي ظل السادات ثم مبارك كان يحكمنا الحزب الوطني الديمقراطي!
هذا هو الجانب الإيجابي أو المشرق الذي يسعد القوي الفائزة, ولكن وحتي نتحدث بأقصي قدر من الموضوعية- علينا أن نسرد الظروف أو العوامل التي أدت إلي هذا الموقف, والتي يجب أيضا أن يعيها الجميع (من فازوا ومن خسروا!).
إن أول هذه الظروف أو العوامل تتعلق بالسمات العامة للهيئة الناخبة المصرية في اللحظة الراهنة, والتي يقع في مقدمتها علي الإطلاق تفشي الأمية لما يقرب من30% من السكان (وهو العار الذي يلطخنا جميعا بلا إستثناء!), ووقوع ما يقرب من 40% من المصريين تحت خط الفقر, والذي يتبدي بالذات في وجود ما يزيد عن ألف منطقة عشوائية منتشرة في جميع أنحاء البلاد! ذلك وضع لا يسمح بالضرورة لأي شعارات أو أفكار أن تستوعب سوي الشعارات الدينية! فهي القاسم الثقافي المشترك الوحيد الذي يصل بين جميع المصريين أيا كانت مستوياتهم الاجتماعية أو الثقافية!
ثاني هذه الظروف هو عدم التكافؤ بين الأطراف الداخلة في التنافس. ففي مواجهة القوي الإسلامية توجد قوي مدنية إما قديمة أو حديثة. القوي القديمة (وعلي رأسها حزب الوفد وحزب التجمع) منهكة وأثبتت عجزها عن تجديد نفسها إلي إشعار آخر, ولكن الأكثر أهمية هنا هو القوي الجديدة التي لعبت دورا أساسيا في الثورة المصرية, والتي سعت إلي الانتظام في أحزاب سياسية مثل إئتلافات وأحزاب شباب الثورة, والحزب الديمقراطي الاجتماعي, وحزب المصريين الأحرار, والأحزاب الأخري في الكتلة المصرية... إلخ, هذه القوي الجديدة لم تتح لها الفرصة الكافية بداهة- للدخول في منافسة حقيقية مع القوي والأحزاب القديمة, وعلي رأسها بالطبع الإخوان المسلمون. وليس من الإنصاف هنا مثلا أن نتصور منافسة حقيقية بين قوي سياسية وليبرالية عمرها بضعة شهور, وقوي سياسية عمرها يزيد عن ثمانين عاما! أما المرشحون الذين فازوا سواء من هذه الأحزاب أو من خارجها فهم يمثلون إستثناء من القاعدة, وسجل كل منهم انجازا يستحق الإشادة, ويستلزم الدراسة والتحليل!
ولذلك لم يكن غريبا إلحاح الإخوان المسلمين منذ الأيام الأولي لنجاح الثورة علي المسارعة بإجراء الانتخابات, وعلي الدعوة إلي الانتخابات أولا قبل الدستور وعدم الالتفاف علي الأرادة الشعبية!! قبل الدستور وهي المعركة التي ثارت في الفترة السابقة علي الانتخابات!
ثالثا, ليس هناك شك فيما رصدته الأجهزة والجهات المحايدة المراقبة للانتخابات من أساليب مورست علي نطاق واسع لشراء الأصوات (غالبا بشكل غير مباشر) ومن ممارسات تنطوي علي إنتهاك واسع للقانون, وفي مقدمتها علي الإطلاق الاستغلال المكثف للدين ولدور العبادة في الدعاية الانتخابية, وهي تجاوزات مرت كلها مرور الكرام, برغم تسجيلها والتنبيه إليها من جانب عديد من المنظمات المعنية!
ولكن هذا كله لا يغير من الحقيقة الأساسية شيئا, وهي تصويت أغلبية المصريين لصالح التيار الإسلامي, ومنحهم له فرصة تاريخية لممارسة حقه في الحكم والتشريع, في سياق ديمقراطي غير مسبوق في مصر أيا كانت نواقصه أو مثالبه! هنا, تذهب السكرة وتأتي الفكرة كما يقال, ويتعين علي الإسلاميين أن يعدوا أنفسهم لمرحلة ما بعد الانتصار, حيث التحديات ليست هينة علي الإطلاق! فيتعين أولا, علي الإخوان المسلمين, الفصيل الأكبر والأقوي, أن يحددوا علاقتهم بالقوي الإسلامية الأخري التي زاحمتهم في اقتناص النصر, أي السلفيين الذين تجسدوا بالذات في أحزاب النور والأصالة والفضيلة والإصلاح, فضلا عن ظهور بعض من قادتهم سواء في أثناء الثورة المصرية أو بعدها. وليس سليما علي الإطلاق وضع تلك القوي السلفية كلها في قالب واحد, ففي حين صدرت عن بعض تنظيماتهم وقياداتهم تعبيرات وأفكار شديدة الشذوذ والغرابة, خاصة في مقارنتها بالتيار الرئيسي للإسلام المصري المعتدل والمنفتح والمتسامح, فإن بعضا من رموزهم أو المتحدثين باسمهم بدوا شديدي الإعتدال والإتزان, ولقد قابلت علي سبيل المثال- في خلال الندوات أو اللقاءات نادر بكار ومحمد نور وهي قيادات سلفية شابة علي درجة عالية من الاحترام والإتزان!
وينبغي علي الإخوان المسلمين ثانيا- الالتقاء أو التفاعل مع قوي الثورة, أي تحديدا تلك القوي الشبابية والتجمعات والقوي السياسية التي شكلت التيار الرئيسي للثورة المصرية, والتي شاركها الإخوان في الميدان! وبعبارة أخري, ينبغي ألا تئول الأوضاع في مصر إلي قوي الميدان وقوي البرلمان, أو قوي المظاهرات وقوي الانتخابات. حذار هنا من أي نوع من الاستعلاء, أو الاستبعاد! الثورة المصرية بعبارة واضحة ومحددة- أوسع وأكثر خصوبة بكثير من فصيل واحد أو تيار واحد.
ويتصل بهذا ذ-, لأقباط مصر, لإزالة أدني قدر من المخاوف أو الشكوك حول احترام مبدأ المواطنة, وتوضيح أن المرجعية الإسلامية للإخوان أو للحرية والعدالة لا تعني أبدا تخليا عن الدولة المدنية التي تقوم علي الشرعية الدستورية والقانونية, والتي لا تنطوي علي أية تفرقة بين المواطنين المصريين سواء علي أساس الدين أو أي أساس آخر.
هذه كلها مقدمات أساسية, لابد من الوفاء بها, قبل أن يشرع حزب الحرية والعدالة كحزب حاز علي ثقة الغالبية من المصريين, في طرح أفكاره وتصوراته وسياساته حول أوضاع مصر ومشاكلها الجسيمة الحالية. فالوجود في مقاعد المعارضة بعيدا عن مسئولية التشريع والحكم شيء, والجلوس في مقاعدها وتولي مسئولياتها فعليا شيء آخر تماما!
حقا, إن النظام الرئاسي المعمول به وفقا للدستور القائم لا يلزم رئيس الجمهورية (أو من يحل محله) بتشكيل الحكومة من حزب أو أحزاب الأغلبية, ولكن يفترض ضمنا- في ظل الوضع الثوري الجديد- أن تعبر الحكومة عن هذا الحزب, أو أن تتسق معه بقدر الإمكان, خاصة مع حق البرلمان في سحب الثقة من الحكومة!
ومن المتصور فور إنتهاء الانتخابات التشريعية, أن يطرح الإخوان المسلمون أفكارهم ورؤاهم بشأن الأوضاع الحالية في مصر, والسياسات العامة المقترحة لمواجهتها. ومن المؤكد هنا أن لا الإخوان, ولا أي قوة سياسية يمكنها أن تتعامل منفردة- مع الأوضاع المتردية الراهنة في مصر, وهو ما يملي بالضرورة- فكرة الائتلاف مع قوي سياسية أخري (في شكل حكومة ائتلاف وطني أو وحدة وطنية) لمواجهة تلك الأوضاع. وربما يرجح هذا التوجه, أن البرلمان المصري, بمثل ما سوف تسوده الأغلبية الإسلامية, فسوف توجد فيه بالضرورة معارضة قوية وشرسة, عيونها مفتوحة للرقابة علي الأداء الحكومي, فعلا لا شكلا! وبعبارة أخري, فإن النظام الديمقراطي هو حزمة متكاملة لا تتضمن فقط حكومة شرعية تمثل الغالبية, وإنما أيضا معارضة حقيقية ومشروعة تقف بالمرصاد للحكومة القائمة, تتابعها وتراقبها من أجل تحقيق أفضل أداء ممكن, بعيدا عن اللاكفاءة, أو المحسوبية أو الفساد. وتلك هي فضائل الديمقراطية, التي قامت من أجلها الثورة المصرية, والتي ينتظر الشعب ثمارها, بعد طول ترقب وانتظار!
المزيد من مقالات د:أسامة الغزالى حرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.