بعد أكثر من50 عاما من مقتل زعيم الكونغو الراحل وأول رئيس لجمهوريتها بعد الاستقلال عن بلجيكا باتريس لومومبا والذي قاد حركة التحرر الوطني في بلاده, أثير مؤخرا جدل حول مقتله بعد اعلان البارونه بارك, العميلة السابقة للمخابرات البريطانية, والتي توفيت مؤخرا, بأنها شاركت في اغتيال لومومبا منذ نصف قرن. وقد أثار هذه القضية من جديد كتاب صدر مؤخرا للكاتب البريطاني كالدر والتون بعنوان إمبراطورية الأسرار: المخابرات البريطانية والحرب الباردة احتوي علي معلومات تشير إلي إحتمال تورط جهاز المخابرات البريطاني في جريمة الاغتيال, وقد التزم الجهاز الصمت بينما أشارت مصادر إلي أن المخابرات الأمريكية قد تكون ضالعة في القضية. وفي إطار الجدل الدائر جاء آخرون يؤكدون أن المخابرات البلجيكية هي التي قتلته, والبعض يري أن المخابرات البريطانية ربما فكرت في اغتياله ولكنها لم تنفذ. من هؤلاء المشاركين في هذا الجدل الكاتب البريطاني المعروف بن ماكنتر من صحيفة التايمز والذي عرض نماذج من خطط اغتيال زعماء أخرين لكن تم أيضا العدول عنها, ومنها خطة كانت معدة لاغتيال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر باستخدام قنبلة توضع في ماكينة حلاقة كهربائية, لكن تم العدول عن هذه الخطة في وقتها. وأيضا كان الزعيم البريطاني تشرشل قد فكر في خطة لاغتيال كبار الزعماء النازيين أثناء احتلالهم لفرنسا لكن رئيس جهاز المخابرات البريطاني ستيوارت منزس رفض هذه الخطة لأنها يمكن أن تجلب مشاكل بعد ذلك. وكان جهاز المخابرات البريطاني قد تورط في حادثتي اغتيال خلال السنوات الأربعين الأولي من إنشائه. وقد حدث في فترة الحرب العالمية الثانية أن تطوع العميل المزدوج إيدي شايمن للقيام بإغتيال هتلر لكن البريطانيين رفضوا الفكرة تماما في وقتها. ووفقا لكتاب كالدر فإن أحد كبار أعضاء مجلس اللوردات البريطاني من حزب العمال, وهو اللورد لي أوفكروندل, كشف عن أن البارونة بارك إعترفت له شخصيا بأنها شاركت في مؤامرة لأغتيال لومومبا وأنها كانت في ذلك الوقت تعمل لحساب جهاز المخابرات البريطاني, وقال اللورد أوفكروندل إن البارونة بارك التي توفيت عام2010 كانت قد التقت معه قبل وفاتها بشهور, ولم تكتف فقط بالإعتراف بتورط جهاز المخابرات البريطاني الذي تتبعه في اغتيال لومومبا, ولكنها بررت هذا الاغتيال باتهامها للزعيم الكونغولي بأنه سلم بلاده بما فيها من موارد معدنية ضخمة إلي الروس. ويشير كتاب إمبراطورية الأسرار إلي أنه كان قد تردد وقتها أنباء عن أن البعض من رجال المخابرات المركزية الأمريكية قد جهزوا خطة لإغتيال لومومبا بوضع السم في فرشاة أسنانه داخل حمام بيته, لكن الخطة لم تنفذ. لكن القصة التي نشرت وعرفها العالم والتي أوضحت الظروف التي قتل فيها لومومبا تقول إنه بعد أن أصدر وزير الشئون الأفريقية البلجيكي أوامره باختطاف لومومبا ونقله إلي إقليم كاتنجا الذي كان تحت سيطرة أكبر خصوم لومومبا في الكونغو وهو مويس تشومبي, والذي قام بوضعه في السجن وتعذيبه حتي قتل بين أيديهم. وهذه المعلومات أعاد نشرها المؤلف البلجيكي لودو دي ويت في كتاب عام2001 وقال فيه إن أربعة ضباط بلجيكيين قاموا بقتل لومومبا في كاتنجا.