يعتقد البعض أن جهاز الشرطة من مستلزمات الدولة الحديثة مع وصول محمد علي الى سدة الحكم في مطلع القرن التاسع عشر مع التنظيمات التي أدخلها لتحديث مصر. لكن التاريخ يثبت عكس ذلك، فجهاز الشرطة عرفته مصر مع بدايات الدولة المصرية القديمة عندما وحّد الملك نارمر (المشهور بمينا أي المؤسس) مصر في دولة واحدة يحكمها الفرعون، فظهرت الحاجة الماسة لإدارة تنظم أعمال توزيع مياه النيل بين المصريين، فكان جهاز الشرطة الذي اقتصرت مهمته الأولى على الحرص على توزيع مياه النيل بشكل عادل بين جميع المصريين آنذاك. ويذهب العلامة د. سليم حسن في موسوعته «تاريخ مصر القديمة» الى أن أهمية هذا المنصب دعت الى أن يتولى وزير الفرعون مهام رئيس الشرطة الأعلى في العاصمة، بالإضافة الى المحافظة على المؤسسات العامة، ومتابعة العاملين في إدارة الدولة وعزل من يثبت فساده، بالإضافة الى حراسة الفرعون بتشكيل الحرس الخاص بالفرعون. ومع الوقت أصبح منصب «رئيس الشرطة» من أهم الوظائف في الدولة المصرية. وكانت العلاقة ودية بين الشعب والشرطة في عصر الفراعنة، وهو ما عبر عنه الحكيم «آني» لابنه بأن يكون على وفاق كامل مع رجال الشرطة قائلاً: «اتخذ من شرطي شارعك صديقاً لك ولا تجعله يثور عليك، وأعطه من طرائف بيتك حينما يكون منها في بيتك في أيام العيد، ولا تتغاضى عنه وقت صلاته بل قل له: المديح لك». على العكس من العلاقة الطيبة التي جمعت بين المصريين والشرطة في عصر الفراعنة ساءت علاقة الشرطة بالمصريين في عهد دولة البطالمة. فقد أصبح رجال الشرطة من الإغريق الغرباء الذين لا همّ لهم إلا جمع المال واحتقار المصريين. إلا أن الوضع أخذ في التغير عند نهاية عصر البطالمة حيث يؤكد د. إبراهيم نصحي في كتابه «مصر في عصر البطالمة» أن البطالمة ومن بعدهم الرومان استعانوا بالمصريين في جهاز الشرطة وهو ما ساعد على عمل هذا الجهاز الحيوي بكفاءة مرة أخرى. مع دخولها تحت لواء دولة الإسلام في عام 21ه/641م، شهدت مصر تغيرات جذرية في مفهوم نظام الشرطة. فالعرب كانت لهم رؤيتهم الخاصة لعمل الشرطة التي ظهرت لأول مرة تحت مسمى نظام «العسس» في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. وفي عهد الخليفة علي بن أبي طالب نظمت الشرطة وأطلق على رئيسها صاحب الشرطة وكان يُختار من علية القوم ومن أهل القوة. وفي مصر الإسلامية كان زكريا بن جهنم بن قيس أول من تولى الشرطة لعمرو بن العاص بعد الفتح الإسلامي، وكان منصب صاحب الشرطة بمثابة نائب الوالي. ولم يتغير وضع الشرطة في العصور الإسلامية اللاحقة إلا في تقسيم الشرطة بين إدارتين إحداهما في القاهرة والأخرى في الفسطاط في العصر الفاطمي، وهو ما ظل متبعاً في عهدي سلاطين الأيوبيين والمماليك حتى الغزو العثماني لمصر في سنة 922ه/1516م، لتشهد مصر بعدها حالة من الانفلات الأمني في ظل الصراع بين القوات العثمانية ممثلة في الباشا وقوات الانكشارية والعربان وبقايا أمراء المماليك بزعامة شيخ البلد. وهو النزاع الذي مكّن قائد الغزو الفرنسي بونابرت من احتلال مصر سنة. ولم تنقطع حالة الفوضى تلك إلا مع وصول محمد علي الى سدة الحكم في عام 1805م، فبدأ في تنظيم جهاز الشرطة ضمن مشروعه التحديثي وأوكل هذه المهمة ل»لاظوغلي» كتخدا (وكيل) محمد علي الذي أعاد تنظيم الشرطة في كيان محكم. وتوسعت مهام الشرطة التي بدأت تأخذ طابعها العصري من حفظ الأمن في مختلف مرافق الدولة. اذن تم تكوين الشرطة للحفاظ على مياه النيل , و اليوم يتم تدمير الشرطة و يتم التلاعب فى مياه النيل ------- لك الله يا مصر لمزيد من مقالات وسام أبوالعطا