دموع الرئيس التونسي الجديد منصف المرزوقي، ودموع رئيس الوزراء المصري الجنزوري، ليست دموع ضعف واستكانة، ولا تكفيرا عن ذنب اقترافاه، بل كانت دموع تعبر عن مشاعر صادقة وجياشة نحو بلديهما وشعبهما، الذي عانا طويلا من التهميش، في ظل العصر الديكتاتوري. فالرئيس التونسي الجديد منصف المرزوقي البالغ من العمر 66 عام، لم يتمالك نفسه من البكاء عقب أداء اليمين أمام المجلس الوطني التأسيسي، كأول رئيس شرعي منتخب لتونس عقب الثورة التونسية التي فجرها الشاب بوعازيزي, خلال إشادته بتضحيات الشهداء الذي ضحوا بأنفسهم من اجل بلدهم. ولقد تعهد المرزوقي، الذي سيكون للشعب التونسي نصيبا من اسمه، بالوفاء لقيم الثورة والدفاع عن كرامة وحق كل التونسيين في الشغل والتعبير والتظاهر، وأنه سيعمل خلال المرحلة المقبلة على وضع أسس الدولة الديمقراطية والمدنية القائمة على التعددية واحترام حقوق الإنسان وضمان الحريات وخاصة حرية المرأة, وصيانة حقوقها. والمتأمل في سيرة المرزوقي يجدها مليئة بالانجازات والمواقف البناءة، فاشتهر بمعارضته الشديدة للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن على ودفاعه عن حقوق الإنسان، حيث تم اعتقاله فى عام 1994 ووضع في السجن الانفرادي لمدة أربعة أشهر، ثم أطلق سراحه في يوليو إثر حملة وطنية ودولية وتدخل الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا. أما دموع رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري، التي شهدها الجميع فى أحد المؤتمرات الصحفية الذي عقدها خلال الأيام القليلة الماضية، وكادت أن تجعله يغادر المؤتمر كانت نتيجة تأثره بأحد المواطنين الذي طلب من الحكومة توفير أمن أولاده قبل رغيف العيش، إلى جانب الوضع الاقتصادي الخطير الذي تعيشه البلاد حاليا والذي أدي إلى هجرة المستثمرين. فالجنزوري الذي لقب بوزير الفقراء والوزير المعارض ورعايته لمحدودي الدخل، فكل هذه المواقف لم تجد قبولا وترحيبا من الرئيس السابق حسنى مبارك والذي أقدم على إقالة الدكتور الجنزورى، وأمعن فى محاربته وتضييق الخناق عليه وعزله سياسيا لدرجه انه لم يتلقى مكالمة هاتفية واحده من أى وزراءه الذين كانوا يعملون فى حكومته. واللافت للنظر أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كلف الجنزوري بتشكيل حكومة إنقاذ وطني بصلاحيات رئيس الجمهورية، لما له من باع طويل في العمل الإداري من قبل، وانه لم يريد أن يبدأ من الصفر من خلال اختيار احد الوجوه الجديدة. فلا أجد فرقا بين دموع المرزوقي ودموع الجنزوري كما يدعي البعض، لان كليهما يبكي بشفافية وصدق وعاطفة جياشة، من اجل إنقاذ وطنه من حافة الهاوية في هذه المرحلة الحرجه التي تمر بها كلا من تونس ومصر حاليا، وقد تجلي ذلك بالنسبة للجنزوري من خلال ما أعلنه عن تنازله عن راتبه والمصروفات المخصصة له كرئيس للوزراء، على أن تحول هذه المصروفات إلى أحد المراكز التي تقدم الخدمات المجانية للأطفال أو مراكز القلب وانه تم تخفيض ما يسمى بالمصروفات للوزراء إلى 50 بالمائة بدلا من 10 بالمائة كما كان مطبقا من قبل. [email protected] المزيد من مقالات عماد الدين صابر