هل يسهم زرع قطب كهربائي للمصابين بالشلل في استعادة قدرتهم علي الحركة ؟ هذا ما يشغل بال العلماء, خاصة بعد مرور عامين علي نجاح أول حالة لمصاب بالشلل في الأطراف السفلية ووقوفه من جديد علي قدميه بعد زرع عدد من أقطاب كهربية بالحبل الشوكي. التجربة احتفت بها مجلة ديسكفر الأمريكية في عدد شهر يونيو القادم أجريت علي لاعب البيسبول الأمريكي روب سامرز(23) عاما حيث تعرض عام2006 لحادث سيارة وهو يقطع الطريق, مما تسبب في تهتك الحبل الشوكي عند فقرات الرقبة وإصابته بالشلل.وبعد مرور قرابة السنوات الخمس قام فريق بحثي من المهندسين والأطباء من جامعة كاليفورنيا ومعهد كالتك بإخضاع روب لأول تجربة من نوعها في العالم بزرع16 قطبا كهربائيا صغيرا طولها بضع سنتيمترات علي طبقات الغشاء الواقي للحبل الشوكي في المنطقة مابين الفقرة القطنية الأولي والفقرة العجزية الأولي, كما تم ضبط التردد الكهربائي الذي تبثه كل واحدة من تلك الأقطاب بما يتيح للعضلات أن تنقبض ويقف المريض بسهولة بل ويحرك أصابعه أيضا. وحتي تتم هذه العملية فإن روب يقوم باستخدام جهاز ريموت كونترول للتحكم في تلك الأقطاب الكهربائية وبالفعل أثبتت التجارب نجاح روب في الوقوف والتحكم في البول والبراز لمدة4 دقائق ولمدة ساعة كاملة عبر مساعدات جانبية مما يمثل بارقة أمل للملايين حول العالم ممن يعانون من الشلل. وبشكل مفصل فإن ما يحدث هو أنه بعد إرسال الإشارة عبر الريموت كنترول يتم إرسال التيار الكهربائي من خلال جهاز المنبه العصبي المزروع بالظهر إلي حزمة من الخلايا العصبية تسميinterneurons وتمتد إلي الحبل الشوكي, ثم ترسل الخلايا العصبية في الجزء السفلي من العمود الفقري رسائل مفصلة للعضلات المحددة عن طريق نوع آخر من الخلية العصبية تسمي الخلايا العصبية المحركة, فتثار وتتحول إلي حركة بسبب الشحن الكهربائي, وتتصل الخلايا العصبية مع بعضها ومع العضلات لتحدث الحركة, وذلك لأن القطب الكهربائي وجهاز التحكم الخاص بها يحل محل المخ, فيمكن الاتصال بالعضلات المسئولة عن الحركة وبالتالي يتمكن القعيد من الوقوف علي قدمه. ويقول د. إدجيرتون, المتخصص في علم البيولوجيا العصبية بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة, إن مجموعة الأقطاب الكهربائية التي زرعت في جسم روب سامرز, كانت فعالة لتنشط أطرافه من خلال استعادة الاتصال الطبيعي بين العضلات و الجهاز العصبي, والذي يصدر أوامر بالحركة مع تدفق القليل من الكهرباء داخل نهاية الحبل الشوكي, فتعمل عضلات أطرافه دون تدخل من المخ, وهذا ما أكتشفه أثناء تجاربه مع زملائه, و هو أن الحبل الشوكي ذكي مثل المخ تماما, ويستطيع من تلقاء نفسه اكتشاف المعلومات ذات العلاقة بالحواس أي أنه يمكن أن يصدر أوامر بالحركة للأطراف و يقوم بدور المخ, و يرسل إشارات تتحكم في الطريقة التي يتحرك بها. وحول هذه التجربة يقول د.عمرو السمان أستاذ مساعد جراحة المخ والعمود الفقري بطب القاهرة إن فكرة استثارة الحبل الشوكي موجودة منذ سنوات وكانت تستخدم لعلاج تخشب الأطراف والجديد الذي تمكن العلماء من تحقيقه هو استخدام نفس التقنية لجعل رجل قعيد قادر علي الوقوف بنفسه وتلك تمثل طفرة غير مسبوقة وطبقا للأبحاث فهناك حالة ثانية تخضع حاليا للتجربة وثلاث حالات ستجري لاحقا. ولعل ما يجب الإشارة إليه هو أن ما ساعد روب هواحتفاظه بلياقته البدنية وعدم ضمورعضلاته ويجب التأكيد علي أن كل حالة لها ظروفها الخاصة من ناحية الترددات الكهربية التي تبث عبر الإلكترودات علي كل فإن هذا الأمر يبشر بالكثير من الأمل لإنقاذ ملايين المصابين من شبح الإعاقة.