خلال العام الأخير من عمر المجلس النيابي(128 نائبا) جرت مناقشة قانون اللقاء الأرثوذكسي الذي اقترح مناصفة النواب بين المسيحيين بكل طوائفهم والمسلمين سنة وشيعة بنسبة60 نائبا لكل فريق مع الإبقاء علي نواب الدروز بقيادة النائب وليد جنبلاط، وقد تبني الأرثوذكسي كل من حزب الله وعون, ودعمه خلال المناقشات جعجع والجميل في أول انشقاق بين قادة14 آذار بينما رفضه جملة وتفصيلا تيار المستقبل بقيادة الحريري ووليد جنبلاط زعيم الدروز, ورفضه كذلك رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان, مما أعاد مناقشة إقرار قانون انتخابي إلي المربع الأول, وذلك في الربع الأول من العام الحالي. وبعدما طرح الأرثوذكسي للنقاش في اللجان الفرعية ولم يحصل علي الموافقة الكافية للإقرار, دعا رئيس الجمهورية القوي السياسية المتناحرة في لبنان موالاة ومعارضة للإسراع في الاتفاق علي قانون انتخابي قبل انتهاء المدة القانونية للمجلس النيابي, فراح كل فريق يدلي بدلوه, بعيدا عن قانون الستين الذي جري علي أساسه انتخاب أعضاء المجلس النيابي الحالي, فقدم زغيم الدروز مقترحا لم يلق استجابة من فريق8 آذار الحاضن والداعم للقانون الأرثوذكسي المقترح, وعرض فريق14 آذار مشروع قانون مختلط فوقف له فريق8 آذار بالمرصاد حتي لا يتم تمريره, وحتي كتابة هذه السطور لم يتفق الفرقاء اللبنانيون علي قانون انتخابي للخروج من المأزق الحالي, الذي يهدد لبنان بفراغ دستوري يستلزم التمديد للمجلس النيابي الحالي. ومن جانبه قال رئيس مجلس النواب نبيه بري: لا أرغب في التمديد يوما واحدا, ولن أدعوإلي جلسة عامة للبرلمان دون توافق الجميع علي قانون انتخابي, لأن التمديد يشكل خطرا علي الديمقراطية, ومن واجباتي كرئيس مجلس ان أقول: انتبهوا حتي التمديد التقني لا يمكن اقراره بعد31 مايو, لأن الدورة العادية للمجلس تنتهي عندها, وتحيل الحكومة مرسوم الدورة الاستثنائية موقعا من رئيسي الجمهورية والحكومة, وفي حال التمديد لابد أن يأتي التمديد بمرسوم من الحكومة, ويرد فيه بحق المجلس في التمديد, لأن التمديد ليس عملا عاديا. وبعيدا عن المجلس النيابي لماذا يؤيد حزب الله وعون( القانون الأرثوذكسي) ويرفضه تيار المستقبل ممثل السنة في لبنان؟ يذهب حزب الله وأنصاره إلي اتهام تيار المستقبل باستغلال المال السياسي في شراء الأصوات الانتخابية للحصول علي أغلبية الأصوات المسيحية ليحصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان, وبالتالي يشكل الحكومة كما حدث في الانتخابات السابقة وشكل سعد الحريري الحكومة, وبالتالي يصر فريق8 آذار علي الأرثوذكسي الذي يضمن صحة التمثيل المسيحي ليحصل المسيحيون علي60 مقعدا من أصل128 مقعدا في البرلمان, ويحصل المسلمون سنة وشيعة علي60 مقعدا, بينما تذهب المقاعد الثمانية المتبقية إلي الدروز, وبالتالي يستطيع حزب الله وحركة أمل الشيعية بتحالفهما مع التيار الوطني الحر المسيحي الماروني الحصول علي الأغلبية ليظل ممسكا بالأمور, في ظل التهديدات المتلاحقة للحزب وأنصاره في8 آذار بانهيار نظام بشار الأسد الداعم الأساسي لحزب الله في لبنان بالمال والسلاح القادم من إيران, وتورط حزب الله في الصراع الدائر في سوريا لمصلحة الأسد بحجة مناصرة الشيعة في سوريا وحماية مقام السيدة زينب من التخريب علي أيدي المعارضة. ويرفض فريق14 آذار القانون الأرثوذكسي لما يمثله من إنتقاص في عدد النواب المسيحيين الذين ينتمون للفريق, في ظل الموافقة السابقة للكتائب والقوات اللبنانية مسيحيين علي الأرثوذكسي, ولذلك اعترض تيار المستقبل علي القانون, وطرح مشروع قانون مختلطا أيده فيما بعد حلفاؤه المسيحيون القوات اللبنانية بزعامة جعجع والكتائب اللبنانية بزعامة الجميل بالإضافة إلي موافقة زعيم الدروز وليد جنبلاط,الأمر الذي أصاب فريق8 آذار بالقلق والخوف من فقدان الأغلبية الطامح إليها في ظل القانون الأرثوذكسي, ولا سيما بعد المصالحة التي جرت برعاية سعودية بين سعد الحريري ووليد جنبلاط, بعد قطيعة ليست قصيرة بسبب انسحاب جنبلاط من حكومة سعد الحريري مما أدي لسقوطها وتشكيل8 آذار للحكومة بدعم جنبلاط ورئاسة نجيب ميقاتي. وبالرغم من أن الأرثوذكسي والمختلط يضمنان علي حد سواء صحة التمثيل المسيحي 60 نائبا فإن الكيدية السياسية بين الفريقين آخذة في التنامي بعد إصرار14 آذار علي إقالة حكومة نجيب ميقاتي التي شكلها فريق8 آذار, ومطالبته بحكومة انتخابات بعيدة عن الفريقين, وتم التوافق علي اسم تمام سلام لتشكيل الحكومة التي لاتزال متعثرة التشكيل منذ شهرين وحتي الآن لإصرار كل فريق علي شروطه. وإذا استمر الوضع علي ما هو عليه فسوف يتم التمديد للمجلس النيابي, وحتي هذا المقترح قد لا يدخل حيز التنفيذ لعدم التصويت عليه بالأغلبية بعد تصريحات مسبقة من بعض القوي السياسية بعدم الموافقة علي التمديد, وهو ما يعني الدخول في فراغ دستوري بحيث يصبح لبنان بلا مجلس نيابي ولا حكومة انتخابات ولا قانون انتخابات, في الوقت الذي تتزايد فيه تداعيات المشهد السوري علي الواقع اللبناني في وجود ما يقرب من500 ألف نازح سوري منتشرين بطول لبنان وعرضها, وسيطرة السلفية الجهادية علي طرابلس, كبري مدن الشمال اللبناني, وزيادة حدة التوترات بين السلفيين في صيدا بقيادة الشيخ أحمد الأسير وعناصر حزب الله الذي يعتبر صيدا بوابة المقاومة في طريق الجنوب, يصاحب ذلك حرب إعلامية شرسة بين زعيم القوات اللبنانية سمير جعجع من جهة وزعيم التيار الوطني الحر ميشال عون من ناحية أخري, حيث يتبادلان الاتهامات سرا وعلانية ببيع الصوت المسيحي لمصلحة المسلمين من أجل مكاسب سياسية تهدد الوجود المسيحي في لبنان في ظل تنامي صعود الإسلاميين في دول الربيع العربي.