في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده مصر, وغياب الرقابة علي المنتجات والسلع التجارية, انتشرت في الأسواق العديد من السلع التجارية المقلدة, والمنتجات الغذائية غير المطابقة للمواصفات, القياسية التي اشترطتها الجهات المعنية لإنتاجها, ووضع شعار المنتج الأصلي عليها, ولم يكن ذلك وقفا علي المنتجات الغذائية والملابس والأجهزة الكهربائية, بل انه تعدي ذلك الي بعض الأدوية كذلك, ومن صور الغش التي لا تخفي علي أحد انتشار الخضراوات والفاكهة والأطعمة المعالجة جينيا والمهندسة وراثيا, رغم ما يترتب علي تناول الآدميين لها من أضرار صحية قد تنهي حياتهم, إلي غير هذا من صور الغش والتدليس. ويقول عبد الفتاح إدريس, أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: إن تراجع الوازع الديني أو انحساره لدي طوائف من الناس, أعماهم حب الدنيا وجمع المال وأوضح أنه من المتفق عليه بين الفقهاء أن الغش والتدليس وكتمان العيب في الشيء المتعاقد عليه حرام, سواء كان مطعوما أو ملبوسا أو مستعملا أو منتفعا به أو نحو ذلك, ويدل علي حرمة هذا كثير من نصوص الشرع, منها: قول رسول الله صلي الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا, وروي أنه صلي الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعاما, فسأله كيف تبيع ؟, فأخبره, فأوحي الله إليه أن أدخل يدك فيه, فإذا هو مبلول, فقال رسول الله: ليس منا من غش, وقال: لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه, ولا يحل لمن علم ذلك إلا بينه, وقال صلي الله عليه وسلم: من باع عيبا لم يبينه, لم يزل في مقت الله, ولم تزل الملائكة تلعنه, ومن يغش في البيع والشراء ويدلس علي من يتعامل معهم, يرد في حقه الوعيد الشديد الوارد في هذه الأحاديث, يضاف إلي هذا أن الغش والتدليس في السلع ونحوها, يلحق الضرر البين بمن وقع عليه الغش أو التدليس, وقد نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن إلحاق الضرر بالغير, فقال صلي الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار في الإسلام, وهذا نفي بمعني النهي, أي: لا يجوز إيقاع الضرر بالغير, وإذا وقع الضرر علي من غش أو دلس عليه, فإن الشارع جعل له وسيلة لدفع هذا الضرر عنه, وذلك باستعماله خيار الغش أو التدليس أو التغرير, حيث يكون له بمقتضاه رد المعاملة التي كان فيها ذلك, وإذا كان عماد الدين النصيحة, فإن من غش غيره أو دلس عليه أو غرر به, لم يقم بما وجب عليه ديانة من نصح أخيه المسلم, وذلك يتنافي مع الخلق الذي ينبغي أن يتصف به المسلم.