علي مدار ثلاثة أيام كاملة وفي رحلة سفاري بجنوب الوادي كانت نقطة بدايتها مدينة قنا انطلاقا إلي عمق الصحراء باتجاه البحر الأحمر, وعلي بعد وقت قصير لايتجاوز الساعة كان مشهدا مثيرا لسرب هائل من طائر اللقلق أو كما يشاع عنه طائر العنز, واللقلق ياتي إلينا زائرا ومهاجرا باحثا عن الدفء في أراضينا بادئا رحلته من سيناء ومرورا بالوادي وتمتد رحلته إلي وسط وجنوب أفريقيا هربا من سقيع أوربا موطنه الأصلي وينتشر بكثافة في شمالها وأواسطها والطائر الضيف الذي قد يصل وزنه إلي أكثر من20 كيلو جراما ومع ذلك يحلق في الفضاء لآلاف الأقدام معتمدا علي طول وقوة جناحيه اللذين قد تصل المسافة بين طرفيهما لأكثر من مترين ونصف, ومن ينظر إليه يستشعر إعتزازه نفسه يقف مزهوا في خيلاء, ومن عجائب الأقدار أن الكثير من أفراد هذا الطائر لاتستطيع استكمال رحلة الشتاء بسبب المرض أو كبر السن, فتهبط في أي مكان يجذبها إليه الماء فيه, وقد يكون بحيرة أو مستنقعا أو حتي محطة للصرف الصحي كما هو الحال فيما شاهدناه في رحلتنا إذ كانت محطة الصرف الصحي بقنا هي المستقر النهائي لهذا السرب منه ومن سوء حظه أنه لم يصب الهدف فاستقر في موقع لايحقق طموحه في الحصول علي الغذاء المناسب, وأصبح قانعا مع صديقه أبوالقردان المستوطن في المنطقة بالسعي في مقلب قمامة ضخم بجوار المحطة ليقتاتا منها. وللأسف ستكون هي المحطة الأخيرة له علي الأرض وكما يقول راصد الظاهرة غريب حماية المسئول عن مقلب القمامة:- عدد أفراد الطائر في بداية الشتاء يبلغ الآلاف يغادر الكثير منها سليما, ويتبقي المئات التي لاتقوي علي المغادرة, وبمرور الوقت ومع ارتفاع درجات الحرارة تدريجيا لاتستطيع تحملها فتموت واحدة تلو الأخري, وهنا تنتهي رحلة سرب من طائر زائر, فهل هذا هو الوضع الطبيعي وهذه هي كلمة النهاية ولا يوجد كلمة غيرها ؟ أم هناك حلول علمية لإكرام الضيف الزائر الباحث عن الأمان والدفء في أرض الكنانة ؟ أم هناك فرصة سانحة لجبهة انقاذ من عشاق ومنقذي الطيور المهاجرة والعلماء والخبراء ؟!