يظل الكلب مخلصا لمن أطعمه وأواه, وأمينا ووفيا مع من باعه أو اشتراه, وذكيا ومطيعا لمن علمه, فهو دليل الأعمي في الشوارع, ومنبه الصم لجرس الباب أو التليفون, والكشف عن المخدرات, والمتفجرات, والغرقي بالأعماق, والبحث عن المفقودين في الزلازل والحرائق. اليوم نصحبك عزيزي القارئ للتعرف علي هذا العالم الذي يبدو غريبا للبعض.. عالم' الكلاب', وبالتحديد في المكان الذي يجتمع فيه كل يوم جمعة محبو وعشاق' سوق الكلاب', تحت كوبري السيدة عائشة وخلف أسوار مجري العيون, حيث تجري صفقات بآلاف الجنيهات في سبيل الحصول علي صمام الأمان. في البداية كان اللقاء مع أحد رواد سوق' الكلاب' وبلغة الخبير الواثق في هذا المجال يقول محمد فؤاد,21 عاما طالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة: أقوم بتربية الكلاب منذ أن كان عمري8 سنوات, ودخلت عالم البزنس في هذا المجال منذ ثلاثة أعوام ونصف. وعن أشهر أسواق الكلاب الموجودة وهل التسويق عبر الانترنت فعال في هذا الدور يقول محمد: كل من يعملون في هذا المجال في سني يعملون عبر الانترنت, نقوم بعمل صفحة علي' الفيس بوك' لعرض صور الكلاب التي نمتلكها, والسعر المناسب, وأيضا يتم مراسلة عملائنا بالخارج لتصدير واستيراد بعض السلالات.. وحركة البيع والشراء معظمها تتم بهذه الطريقة, وهناك مزارع في مصر لنوع معين فقط اسمه' روت فيلر', وهي تعتبر من أكبر المزارع في مصر, فأنا لا أذهب إلي' سوق الكلاب' بمنطقة السيدة عائشة إلا للشراء فقط, إذا ناسبني شئ أما عملية البيع فتتم من خلال الانترنت. وعن أشهر أنواع الكلاب في مصر وأهم الدول في الإنتاج والتصدير وأرخص الأنواع وأغلاها, يقول محمد: هناك3 أنواع مسيطرة في مصر, هي:' بيت بول- روت فيلر جيرمان شيبر', وألمانيا هي أشهر الدول في إنتاج تلك السلالات و' البيت بول' سلالة أمريكية, وأغلي أنواع الفصائل هي' الجيرمان شيبر'. وبسؤاله عمن يحتكر هذا المجال, العرب أم الأجانب, يقول محمد: في مصر لا يمكن أن اجزم من يحتكر, لأن الناس من كافة الأعمار والمستويات الاجتماعية أصبحوا يقومون بتربية الكلاب, فلا يمكن القياس, وأغلبهم هم من يترددون علي سوق السيدة عائشة, أما من يحتكرون السوق فهم الأجانب الموجودون في الخارج ويتم التعامل معهم من خلال الانترنت والفاكس ومعظمهم في ألمانيا, ويرسلون بضاعتهم لاستلامها في المطار, وأحيانا أوكرانيا, فأنا معظم تعاملاتي مع الخارج, وأقوم بتصدير شغلي إلي بعض الدول العربية مثل الإمارات وقطر وعمان والسعودية وأكثر نوع أقوم بتصديره هو' البيت بول'. وعن توافر طرق الرعاية الصحية للكلاب في مصر يقول محمد: هناك مستشفي الشعب بالعباسية, وهناك مستشفيات خاصة وهي تتميز بتوافر الأدوية المطلوبة لكل حالة.. وهي الأفضل. وبسؤاله هل زاد إقبال المواطنين علي تربية الكلاب بعد الثورة, وهل أثر ذلك علي أسعارها؟ يقول محمد فؤاد: هناك زيادة كبيرة في اقتناء الكلاب وتربيتها بعد الثورة وخصوصا من سكان' الفيلات والقصور' أو من يسكنون علي أطراف المدن, حيث أصبحوا يطلبون' كلاب الحراسة' المدربة, مما ساهم في إحداث طفرة في السوق. ويضيف محمد: سعر الكلب' الجيرمان شيبر' قبل الثورة كان1800 جنيه وأصبح بعدها سعره4000 جنيه. سألته: هل يحتاج مشروع تربية الكلاب إلي تكاليف باهظة؟ أجاب: هناك من يطعم الكلاب طعاما جافا يتم استيراده من الخارج, وهو عالي التكلفة, وأما الطعام الطبيعي والذي يمكن شراؤه من محلات بيع الدواجن الحية, وهي عبارة عن بقايا' أرجل وأجنحة والقفص الصدري' للدجاج, فهي تتكلف في حدود العشرة جنيهات لكل وجبة, واهم شيء في هذا الموضوع هو ضبط معدة الكلب وأن تظل نظيفة.الطريف في الأمر أنه حتي الكلاب التي يتم اقتناؤها للحماية, ومنع السرقات, لم تسلم نفسها من السرقات, فكما يقول محمد: مررت بتلك التجربة, حيث سرق مني ثلاثة كلاب' ذكور,' حيث يحضر السارق ومعه كلب' أنثي', فمن الطبيعي أن يمشي الذكر خلف الأنثي, ولكن طالما الكلب تم تدريبه فيمكنه معرفة مكانه والعودة إليه, فأنا كلابي حضرت إلي مكانها دون أن أبذل أي مجهود, وساعدني في ذلك أن من سرقهم كان يسكن في الجوار, وحررت محضرا بتلك الواقعة. وعن الفرق بين كلاب الحراسة والكلاب المستأنسة يقول محمد فؤاد: من يقوم بتربية الكلاب, هو من يقوم بتكوين شخصيتها, فالمربي قادر علي أن يجعل الكلب شرسا أو أليفا أو طيبا كما يقولون. ويضيف: مشروع تربية الكلاب يمكن أن يكون مربحا جدا ولكن بشرط, أن تكون' فاهم', وأن تتوقع الخسارة في أول المشروع, فأنا في البداية كان رأس مالي حوالي8000 جنيه خسرتها جميعا, وعرفت بعدها كيف أدير مشروعا وكيف أقف علي قدمي مرة أخري, وقرأت مراجع عن الموضوع وطورت نفسي, وأصبح عندي مشروع سوف يستمر معي حتي بعد أن أنتهي من دراسة الهندسة, فأنا هاو تحول إلي محترف, ولن أترك هذا المجال أو' البزنس', فأنت تري بعد الثورة كثيرا من الناس يتخرجون في الجامعة وليس هناك وظائف لهم, فأنا لا أجد مشكلة في كوني أمتلك مزرعة للكلاب. وعن أشهر وأغلي الكلاب التي باعها محمد يقول: كنت أسير بسيارتي في احد الشوارع وكان بصحبتي كلب من نوع' روت فيلر' وكان اسمه' أوباما', وكان يسير إلي جواري رجل ظهر عليه علامات الثراء من نوع السيارة الفارهة التي كان يقودها, ثم استوقفني وقال: هذا الكلب جميل ما اسمه ؟ قلت: اسمه' أوباما'.. وعلي الفور قال: سوف أشتري الكلب من أجل اسمه فقط, وبعد أن ماطلته في السعر' لزوم شغل التجارة' أخرج من جيبه8500 جنيه, وأخذ الكلب وذهب. وعن أغلي كلب باعه محمد فؤاد يقول: كان من نوع' سان برنارد' وبيع بمبلغ36000 جنيه وكان اسمه' جاكسون..' فارس رجب,57 عاما,' أقدم بائعي سوق الكلاب' يقول: أمارس هذه المهنة منذ40 عاما, وأحضر إلي السوق كل يوم جمعة لأبيع واشتري الكلاب, ويضيف أن أكثر الأنواع رواجا هذا الأيام هي' الروت فيلر' و' الجبرمان شيبر'.. وعن أسعارها قبل وبعد الثورة يقول: ارتفعت الأسعار في الأيام الأولي للثورة نظرا لحالة الانفلات الأمني التي كانت تمر بها البلاد, أما الآن فالحالة الاقتصادية للناس أثرت علي حركة البيع والشراء, فأنا مثلا أبيع كلبا كل عشرين يوما. فارس معظم زبائنه رجال أعمال, يعشقون التميز' بيحبوا الحاجة الحلوة', وكما يقول: أنا لدي عين الخبير لتمييز الكلب الجيد والرديء, وأيضا يمكنني اكتشاف الكلاب المسروقة من خلال نظرة فاحصة لمن يبيعها, من خلال السعر الذي يطرحه ثمنا لها, فعندما يطرح سعر مثلا لكلب يساوي5000 جنيه, ويطرحه ب500 جنيه لابد أن يكون ذلك مؤشرا علي أن هذا الكلب مسروق, لأن الذي يبيع شيئا لابد أن يعرف قيمته. عمرو محسن صقر,26 عاما حاصل علي بكالوريوس هندسة, يقول: بدأت تربية الكلاب والتجارة فيها منذ ست سنوات, وكانت بداية المشروع ب10000 جنيه, واشتريت' ذكرا وأنثي' بهذا المبلغ وبدأت, وهي تجارة مربحة ولكنني أنظر إليها علي أنها هواية, فأنا أعشق هذا المجال. ويضيف: هناك ظاهرة بدأت تنتشر بعد الثورة, وهي إقبال المواطنين علي الكلاب المفترسة, وعن أشهر أسماء الكلاب الموجودة في السوق الآن يقول:' كاكا وروني' لاعبا كرة القدم' فروني' ثمنه35000 جنيه وهو من نوع' جيرمان شيبر' و' كاكا' سعره100000 جنيه ونوعه أيضا' جيرمان شيبر'.