قبل سنوات كان مشروع مستشفي لعلاج الأطفال مرضي السرطان' حلما' وأصبح اليوم صرحا طبيا يضم مشروعات أخري مضيئة أبرزها مدرسة هي الأولي من نوعها لضمان تواصل الأطفال مع التعليم في كل المراحل. 'جرعة تعليم مع كبسولة الدواء'.. هذا ما يحرص عليه مستشفي57357 حتي لا يفوت علي مرضاه من الأطفال ما يؤثر سلبا علي مستقبلهم. لم يكن الشفاء وحده هو غاية طموح القائمين علي إدارة المستشفي ولكن دعم الأطفال المرضي لتلقي حظهم من التعليم حتي لا يجدون في أنفسهم شيئا من عدم مساواتهم بأقرانهم من أبناء جيلهم الأصحاء, ولأن ضعف المناعة متلازمة لمرض سرطان الأطفال وكذلك الشعور بالإعياء في كثير من الأوقات, فإنه يصبح من الصعب علي المريض تلقي دروسه بشكل دائم ودون انقطاع وراودت فكرة إنشاء مدرسة لمرضي سرطان الأطفال السيدة' باتريشه' مسئولة القسم التعليمي بالمستشفي ود. رافضة عسكر مديرة المدرسة وقرروا التبرع بالتعليم كأحد أهم أنواع التبرع المعروفة عالميا وتم التجهيز للفكرة وطرحها علي إدارة المستشفي والتي رحبت بالفكرة وتلقفتها وفي مكتبات طوابق المستشفي حيث إن كل طابق بالمستشفي يحتوي علي مكتبة يتلقي المرضي من الأطفال دروسهم مع معلمين تم اختيارهم وتأهيلهم ليقدموا للصغار حظهم من التعليم ممزوجا بطاقات الأمل والصبر والإرادة هذه القدرة علي التفاؤل هي ما وجدناها في كلمات' محمد' الطالب بالصف الثالث الإعدادي والذي يحدثنا عن نفسه قائلا: أنا إجتماعي بطبعي أحب ألعب مع الأطفال والمستشفي بالنسبة لي فسحة أحضر كثيرا من الحفلات التي تنظمها المستشفي تستهويني رياضة المشي وأبدأ يومي بالصلاة و بعدها أتناول إفطاري, وبابا يساعدني في المذاكرة ويطلب مني حفظ بعض الدروس, أحيانا أحفظ وأحيانا لأ' ويقول عمرو مدرس الرياضيات بالمدرسة إن طاقم التدريس بالمدرسة خضع لدورات تأهيلية للتعامل مع التلاميذ المرضي بسرطان الأطفال, وفي بعض الأحيان كنا نتعرض لنوبات إحباط الا ان أولياء الأمور هم من يشجعوننا علي المواصلة, حيث إن المدرسة تتلقي في الفصل الدراسي الواحد حوالي300 طالب أغلبهم في المرحلة العمرية من الصف الأول الإبتدائي وحتي الرابع, إلا أن هذا العدد معرض للنقصان علي مدار العام بسبب إعياء التلاميذ المصاحب لعلاجاتهم, ونعمل علي مدار اليوم الدراسي من الساعة العاشرة صباحا وحتي الرابعة عصرا وإذا لم يستطع الطالب التوجه الي المكتبة لتلقي دروسه مع زملائه يذهب المدرس نفسه الي المريض لاستذكار دروسه معه في غرفته, كما أننا نتابع الحالة الصحية للطالب عن قرب لمعرفة أنسب أوقات الدراسة لهم ونراعي الحالة النفسية للطالب فأحيانا نجد الطالب لايريد تلقي جديد فنقرر علي الفور إجراء مسابقة رسم وتلوين لدعمه نفسيا حتي يستطيع المواصلة. هذه المعاملة وجدنا صداها أمامنا فما أن أقبلت' مس نادية' مدرسة اللغة العربية حتي أسرع اليها' عبد الرحمن'- الطالب بالصف السادس الإبتدائي- ملقيا بنفسه بين أحضانها يطمئنها علي نفسه, وتؤكد نادية أن عبد الرحمن طالب متفوق في دراسته شديد الحرص علي استكمال تعليمه حتي في أحلك الأوقات إعياء شديد الصبر قوي الارادة. وتشير نادية إلي أهمية التوعية عن كيفية التعامل مع مرضي سرطان الأطفال إذ أن الحالة النفسية للطفل تشكل الحافز الأهم لاستكمال العلاج ومواصلة الحياة فمصطفي الطالب بالصف الرابع الإبتدائي الذي عاد يوما إليها يخبرها بأنه لن يكمل تعليمه لأن أقرانه من الطلبة الأصحاء ينبذونه كما أنه يستمع لهمس الجميع بأنه ماعاد له في الدنيا إلا أيام فلماذا يحرص علي التعليم! وهي الكلمات التي أفزعتها وجعلتها تذهب معه الي المدرسة وتطلب دعمهم النفسي لمصطفي مصطفي الآن طالب متفوق بالصف الثالث الإعدادي.