في الغابة الواسعة, كانت الحمير الوحشية أول من شمت رائحة الدخان.. . وبعدها وقفت كل حيوانات الغابة ساكنة, تمد أعناقها تتشمم الهواء. وعندما بدأت القرود تصيح فوق الأشجار, وهي تهرب في جماعات كبيرة إلي عكس الاتجاه الذي تأتي منه رائحة النار, بدأت كل حيوانات الغابة تجري في جنون.. لم يفكر الثعبان الناعم الخبيث أن يلتف حول غزالة ليعصرها بعضلاته, ولم يتوقف النمر السفاك ليكسر عنق أحد الحمير الوحشية, وتركت اللبؤة كل خطط الصيد لتقود أسرتها بعيدا عن النار. وفجأة, توقفت القطعان المندفعة.. لقد اعترض طريقها مجري نهر واسع عميق.. صاح كبير القردة: علي الأفيال أن تحطم بعض الأشجار وتلقيها في عرض النهر, فنقفز فوقها ونعبر... لكن قائد الحمير الوحشية احتج غاضبا: القرود لا تفكر إلا في نفسها.. نحن لا نستطيع القفز.. لابد أن يكون المعبر ثابتا حتي نستطيع أن نهرب فوقه!. وصاح زعيم الأفيال: ونحن لا نتلقي الأوامر من القردة!.. إننا نؤيد كلام الحمير!!. وجن جنون القردة, واننقض أضخمها علي قائد الحمير ولطمه لطمة قاسية أصابت عينه اصابة دامية. وغضب زعيم الأفيال من القرد, فمد خرطومه وأمسك به, ورفعه عاليا, ثم ضرب به الأرض. وانقضت القردة تحاول أن تنتقم من الحمير الوحشية, واندفعت الحمير الوحشية وسط الأفيال تحتمي بها. وداست الأفيال فوق أسرة الأسد وعائلة النمر, فقفزت النمور والأسود فوق الأفيال والقرود والحمير, تمزقها وتقتلها وتقضي عليها. أما الثعبان فقد ابتعد في هدوء. وبعد لحظات كان شاطئ النهر قد تغطي بجثث آلاف الحيوانات التي قتلت بعضها البعض!! ولم يتنبه أحد الي النار التي كانت تقترب أكثر وأكثر.. وبدأت ألسنة النار تلسع الجلود, وتشوي الأجسام.. وأحاطت النار بالحيوانات كلها.. ومن لم يمت حرقا, مات غرقا.. أما الثعبان, فقد عبر النهر سباحة, ونجا!! وعندما انطفأت النار, عاد الثعبان ليصبح سيد الغابة وصاحبها الوحيد!! لمزيد من مقالات يعقوب الشاروني