لفت نظري إشارة قال بها الدكتور عمار علي حسن في أحد البرامج التليفزيونية تعليقا علي تكليف حزب الحرية والعدالة للسيد خيرت الشاطر بأن يضع مشروعا للنهضة المصرية استنادا إلي تجارب ماليزيا وتركيا وجنوب إفريقيا وغيرها من الدول التي كانت مثلنا ثم سبقتنا كثيرا. وكان التعليق هو أن مشروع النهضة المرغوب ينبغي أن يكون مصريا خالصا وليس مستخلصا من تجارب دول أخري. أعجبني الحماس والجانب الوطني في التعليق ولكن مضمونه كان مقلقا في جوانب عدة. فمن ناحية فإن اهتمام حزب الحرية والعدالة بوضع مشروع للنهضة هو خطوة إيجابية تضاف إلي عدد من الإيجابيات الكثيرة التي وردت في تصريحات خرجت عن الحزب فيها ما يريح ويطمئن. ولأن المسألة ليست كلمات فقط وإنما تؤيدها وتكسبها المصداقية الأفعال التي يمكن الإمساك بها, والقياس عليها, والحديث عن مضمونها بدلا من الكلام الدوار حول علاقة الدين بالدولة. فما نحن بصدده هنا ليس جديدا بالمرة علي النقاش والحوار الدائر داخل النخبة المصرية منذ زمن طويل. كانت قصص التجارب في تركيا وماليزيا وجنوب إفريقيا والبرازيل والهند والصين وقبلهم كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان من الأمور الذائعة أحيانا لإحراج الحكم, وأحيانا أخري لتبرير اليأس, وأحيانا ثالثة لأنها تؤكد علي إمكانية الخروج من نفق التخلف إلي آفاق التقدم العظمي خلال فترة زمنية معقولة. ورغم وجود تباينات عدة في هذه التجارب فإن جوهرها كان واحدا بحيث يوجد فيها نسق معروف لتنمية الأسواق الداخلية بحيث يجري ارتباطها بالأسواق العالمية مع التجديد التكنولوجي في ذات الوقت. وخلال العقود الأخيرة أضيفت الديمقراطية مع كل أركانها الأخلاقية والاجتماعية إلي المعادلة. العجب المصري كان دوما أنه رغم الحديث المستمر عن هذه التجارب فإن الإصلاحات المقترحة كانت تبتعد عنها مائلة دائما إلي إستراتيجية في التنمية تقوم علي إدارة الفقر والحفاظ علي الفقراء وحاجتهم المستمرة إلي الدولة. الحال كان مختلفا في هذه الدول حيث باتت مهمتها هي إدارة الثروة وزيادتها بحيث تخرج الفقراء من حالتهم إلي دائرة الستر والغني عن سؤال اللئيم. أن ينظر حزب الحرية والعدالة إلي هذه الدول خاصة الإسلامية والإفريقية منها هي إشارة إلي جدية المشروع لأنه يأخذ عامل الثقافة في الحسبان وهو ما سبقتنا إليه تونس والمغرب وربما وصلت الحكمة في النهاية إلي مصر. المسألة هي أنه لا يوجد داع لإعادة اختراع العجلة; ومن كان مطلوبا منه أن يجد العلم في الصين فسوف يجده أيضا في ماليزيا أو تركيا. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد