في أوئل الستينات وما أدراك ما الستينات ظهرت لأول مرة في مصر ظاهرة معاكسة بنات المدارس, ولا أقول تحرش .. فما كان من الزعيم جمال عبد الناصر إلا أن أصدر قرارا بضبط أي شاب يقدم علي هذه الفعلة واقتياده إلي القسم, ليس لعمل محضر- وقت أن كان لهذا الإجراء قيمة- ولكن لحلق شعر رأسه زيرو كصورة من صور التكدير والتجريس, وبالفعل خلال مدة لم تتجاوز الأسابيع انتهت هذه الظاهرة تماما خوفا من الفضيحة علي رؤوس الأشهاد. أما الآن وفي الألفية الثانية.. قد يكون التصرف الوحيد الحاسم الذي اتخذ في مواجهة ظاهرة التحرش اللفظي والجسدي المؤسفة التي تطارد نساء مصر حتي المنتقبات منهن هو الدعوة التي أطلقتها نخبة من بناتنا لتصوير أي متحرش بكاميرا موبايل وتداول صورته علي الفييس بوك, أما علي المستوي الرسمي فكان التجاهل والإنكار وإغماض العينين مرات ومرات علي الرغم من تداول المشكلة علي محطات التليفزيون المختلفة وعمل لقاءات كاشفة مع العديد ممن تعرضن لهذه المهزلة... وأخيرا وبعد ما حدث في مؤتمر الأممالمتحدة لمواجهة العنف والذي تجاهلت فيه مستشارة الرئيس في كلمتها الرسمية أي إشارة لما تواجهه المرأة المصرية من مشاكل, ولإنقاذ ماء الوجه بعد أن كدنا نرفض علي المستوي الرسمي التوقيع علي وثيقة المؤتمر بدعوات مختلفة.. أعلن رسميا عن مبادرة دعم حقوق وحريات المرأة المصرية ودست فيها علي استحياء ظاهرة التحرش ضمن موضوعات عدة تقرر بحثها علي مدي الشهور القادمة وبالتحديد حتي يوليو القادم. المشكلة ليست في حاجة إلي مبادرات أو مؤتمرات أو ندوات.. ولا تحتمل البحث علي مدي شهور وإنما تستلزم قرارا حاسما يصدر عن مؤسسة الرئاسة بالقبض علي كل من تسول له نفسه التحرش بأي امرأة ووقف أي تطاول, بمنطق مريض ملتو, بادعاء مسئولية الضحية عما تتعرض له, بل ومحاسبة من يرفضون تغليظ العقوبة علي المتحرش, وللأسف بينهن سيدات يقفن أيضا في جانب المتحرش!!.. والأهم فضح هؤلاء المتحرشين بعرض صورهم علي شاشات التليفزيونات وفي الصحف المختلفة أسوة بما يحدث في بعض الدول العربية التي أصبحت خالية تماما من هذه الظاهرة البغيضة علي الرغم من أنها تعج بجنسيات عديدة من خلفيات ثقافية متباينة.. قرار حاسم بآليات محددة تضمن تنفيذه.. هو كل ماتحتاجه المرأة المصرية الآن وليس غدا.