نحن الآن في لحظة فارقة لتحقيق الأهداف التي قامت من أجلها ثورة25 يناير ويأتي علي رأسها العدالة الاجتماعية والتي تعني تحقيق المعاملة المتكافئة لجميع جموع الشعب. وبالتالي الوقوع في استبداد جديد ومن ثم فشل الثورة وهو ما يعجل بفتح الباب علي مصراعيه أمام القوي الخارجية لتلعب بأصابعها في المنطقة وتستغل حالة عدم الوفاق والتوهان لتحقيق أهدافها وأطماعها. لكن يجب أن ندرك أن عملية بناء نظام ديمقراطي سليم أصعب من إسقاط النظام القديم وأن الأمة لم تعش حياتها أبدا في خط مستقيم بل شاهدت موجات من المد والجزر وعندما وجدت الأمة ضالتها في الطريق نحو الخط المستقيم عقب حرب أكتوبر1973 أدركت الأمة العربية أنها أصبحت أكثر وعيا ليس بحقوقها ولكن بقوتها وأنها قادرة علي التحكم والسيطرة علي العالم علي الأقل جغرافيا وسياسيا في هذه اللحظة كانت الأخطاء الاستراتيجية الكثيرة التي أدخلتنا في نفق مظلم عنوانه التخلف الاقتصادي بدايته كان القانون43 لسنة74 الخاص برأس المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة. للتاريخ اؤكد أن فكر هذه المرحلة بالتحديد كان فكرا متطورا واستراتيجيا حتي أن الصين نفسها في تجربتها التنموية التي بدأتها عام1979 علي يد دونج جسياو دونج الأب الروحي للنهضة الصينية بدأت هذه النهضة علي أساس تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية. الأول: التحول التدريجي من النظام المخطط إلي إقتصاد السوق مع التركيز علي الزراعة والثاني الانفتاح الاقتصادي علي العالم وجذب الاستثمارات الأجنبية, والثالث التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا العالية والعدد الهائل من السكان.وقد أدركت القيادة الصينية أن هذه الأهداف لن تتحقق الا بوجود حكومة أمينة ونظيفة من منطلق الكفاءة وتضييق الفجوة بين الشرق والغرب الصيني في التنمية وأخيرا ملاحقة التضخم والتصدي له. باستقراء هذه التجربة ندرك تماما أننا قد وضعنا أنفسنا علي بداية الطريق المستقيم ولكن للأسف تحقيق الأهداف لم يتحقق لأن الآليات كانت غير موجودة وعلي رأسها وجود حكومات أمينة ونظيفة تعتمد علي الكفاءة في الاختيار كما أن الفجوة بين الشمال والجنوب( الصعيد) ازدادت ومعدلات التضخم تضاعفت واتجاهنا إلي الجانب السهل مع صندوق النقد الدولي عام1974 الذي اشترط رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية ورفع أسعار بعض السلع كالسجائر والبنزين ورفع قيمة الدولار من40 قرشا إلي70 قرشا وتحول نمط المجتمع من مجتمع صناعي إنتاجي إلي مجتمع استهلاكي وانخفضت معدلات النمو الاقتصادي والتنمية. الواقع أن عملية إنقاذ الاقتصاد المصري ليست صعبة أو مستحيلة وهذا لن يتحقق دون مشروع تاريخي أو هدف قومي تضعه الدولة والذي يتطلب ضرورة وجود استراتيجية عليا تخدم أهداف ومتطلبات ثورة الخامس والعشرين من يناير وضرورة وجود اتفاق عام بين جميع طوائف المجتمع مع الارتكاز علي التصميم والإرادة الحديدية لتحقيق هذا الهدف القومي. لمزيد من مقالات د. علاء رزق