الفرق بين تصريحات عصام العريان حول عودة اليهود المصريين والفكرة التى صاغها المخرج أمير رمسيس فى فيلمه الأخير عن تاريخ " يهود مصر " تماما كالفرق بين بين عمرو – بوجود الواو ، وعمر – بضم العين ، فتصريحات العريان عن عودة اليهود المصريين مثلت دعوة مجهولة السبب فى توقيت حرج كانت فيه وزارة الخارجية الإسرائيلية تعد قوائم بأملاك اليهود فى مصر وتزامن مع هذا ضبط 11 طرد قبل تهريبها خارج البلاد هى فى الواقع سجلات جهاز تصفية الحراسات التى باعها ب 200 جنيه على أنها خردة وهى فى الواقع تضم مستندات خاصة بأملاك اليهود فى مصر .. لم يكن من الممكن التعامل مع تصريحات عصام العريان من باب حسن الظن ..فالحديث عن إخراج اليهود من مصر بعدثورة يوليو أمر ملتبس تاريخيا خصوصا وأن الثورة لم تسىء إلى اليهود المصريين وقد زار الرئيس محمد نجيب معبد اليهود الرئيسي فى شارع عدلى وقامت الحكومة المصرية بعلاج ناحوم افندى على نفقة الدولة ووجه شكرا لجمال عبد الناصر وظل اليهود فى مصر حتى العدوان الثلاثي ولم تتعكر علاقة المصريين بنظرائهم اليهود إلا بسبب النشاط الصهيونى واستجابة بعض اليهود المصريين للصهيونية ومنهم شيكوريل وجاك موصيري . ومعظم اليهود الذين خرجوا من مصر باعوا ممتلكاتهم قبل الخروج ..وشيوخ حارة اليهود يؤكدون أن جيرانهم اليهود باعوا محالهم ومساكنهم قبل رحيلهم .. اما امير رمسيس فقد حاول من خلال فيلمه الذي اعترض عليه جهاز الامن القومى ابراز الوجه الحقيقي لليهود المصريين والتاكيد على أنهم لم يكونوا جميعا خونة وعملاء وهذا امر لا يشين العمل الذي قدمه ولا يثير اى شبهات خصوصا وأن الفيلم الذي تضمن لقاءات مع بعض اليهود المصريين الذين اختاروا الاقامة فى فرنسا لم يجاف الوقائع التاريخية فاليهود المصريين انصهروا فى المجتمع وكان من بينهم بالفعل من كان لد دوره الوطنى بداية من يعقوب صنوع ويوسف درويش اليهودى المصري الذي كافح بضراوة الفكر الصهيونى فى مصر وهنرى كورييل الذي سلم عبد الناصر خطة العدوان الثلاثى على مصر ..ما اقصده ان علينا التفرقة بين الصهيونية كفكر واتباعها سواء من اليهود المصريين او غيرهم وبين أصحاب الديانة اليهودية والمواطنين المصريين الذين عاشوا فى مصر وكانت اليهودية عقيدتهم علما بان معظم يهود مصر كانوا ينتمون إلى طائفة القراءين التى لا تؤمن بفكرة أرض الميعاد ..إن إنكار تاريخ اليهود المصريين أو عدم الترحيب بالتركيز عليه لن ينفيه .أما قصة المطالبة بأملاكهم فهو أمر مردود عليه تاريخيا وفيلم يسرد دورهم الوطنى لا يخدم تلك المزاعم الإسرائيلية خصوصا وأن هناك دراسات مهمة منها دراسة د. زبيدة عطا تؤكدان أنه فى عشرينيات القرن الماضى رغم أن الجنسية المصرية كانت متاحة لكل من كان يقيم على أرضها فقد أحجم معظم اليهود عن الحصول على الجنسية المصرية وظلت أعداد كبيرة من مختلف الطبقات اليهودية تحمل الجنسية الأجنبية من عائلات يهودية كبيرة كسوارس وشملا حرصا على الامتيازات الأجنبية . ولم يحصلو ا على الجنسية المصرية إلا بعد صدور قانون الشركات الذي خصص نسبة 75 % للمصريين و هناك الكثير من اليهود المصريين هاجروا من مصر فى فترة مبكرة قبل الأربعينيات ومنهم شارك فى حرب 48مع إسرائيل وهذا ما تخبرنا به وثائق الجنيزا اليهودية . حتى إنه فى عام 1946 تم ضبط شبكة تجسس فى مصر كان يشرف عليها الحاكم العسكري ليافا وهو يهودى مصري عاش فى القاهرة 14 عاما ثم تركها للقدس وانضم إلى الوكالة اليهودية .. ومع إلغاء المحاكم المختلطة وبدء عملية التمصير وظهور التيارات القومية الإسلامية العربية بدأ اليهود فى الهجرة بعد فقدانهم تلك الامتيازات .ومن واقع الكتابات اليهودية كان للموساد دور كبير فى تشجيع الهجرة لإسرائيل وكتاب لاسكر يحتوى شهادات عملاء الموساد فى مصر ودورهم فى تشجيع الهجرة اليهودية هذابالإضافة إلى موقف التيار الإسلامى سواء فى الإخوان أو مصر الفتاة الذي دعى إلى مقاطعة اليهود المؤيدين لإسرائيل وكان اليهود وراء استفزاز المصريين كقيامهم عام 1945 بالاحتفال بذكرى وعد بلفور فى مظاهرة عامة . وهذا ما دعا العديد من الكتاب ومنهم محمد التابعى إلى مطالبة اليهود بتحديد موقفهم من الحركة الصهيوينة .واليهود كانوا متعاطفين بشكل أوبآخر مع الصهيونية فناحوم أفندى وهو عضو مؤسس فى مجمع اللغة العربية أعلن رفضه للصهيونية. لكنه مع ذلك كان متعاطفا مع فكرة الوطن القومى لليهود. ومع ذلك هاجر عدد كبير من اليهود من الأربعينيات إلى منتصف الخمسينيات فهاجر الأثرياء الى أوروبا وأمريكا لاستثمار أموالهم والطبقة الوسطى والدنيا إلى إسرائيل حيث اعتقدوا أنهم سيجدون فرص عمل أفضل وجاءت حربي 56 67 وقرارات التأميم ولقد عوض اليهود الأجانب من الفرنسيين والإنجليز وعدد من الجنسيات عن اموالهم التى وضعت تحت الحراسة عام 1956 والتأميم 61 لم يشمل إلا أعدادا محدودة وكانت أغلبية أصولها قد بيعت وصفيت من قبل على أيدى أصحابها. وكان عدد اليهود 1947 فى أعلى معدل له 65 ألف و953 وبدأفى التناقص والعد التنازلى حتى وصل عام 1966 إلى 2488 أى ما يقارب التعداد الذي بدأ به فى عهد محمد على وهذا يفرض حقيقة مهمة أن من دخل مصر من اليهود كان من هجرات أجنبية ولم يكن من اليهود المصريين الذين كانت أعدادهم محدودة فقطاوى كان من أصول تركية وعائلة موصيرى من أصول إسبانية وعائلة سوارس الذي كان بمثابة قائم لأعمال البرتغال فى الإسكندرية منذ عام 1832 .ومنشا وكان حاصلا على الحماية النمساوية وقد خرج الكثير من اليهود من مصر وهم لا يحملون أى جنسية. [email protected] لمزيد من مقالات سهير عبد الحميد