توجيه نبوي شريف لنبي الأمة والانسانية سيدنا محمد (عليه الصلاة والسلام) وبقدر ماهو توجيه للانسان مهما اختلف جنسه وتباينت عقيدته هو بصورة أكبر بيان لأصحاب العقول وأهل البصر والبصيرة بأن المعطي هو الله عز وجل والنافع هو الله مالك الكون ومدبره وواهب الحياة ومن بيديه نهايتها, والضار هو الله القادر القاهر فوق عباده صاحب الملك والملكوت ذو الجلال والاكرام. ولذلك نري نبينا (صلي الله عليه وسلم) يزيد هذا البيان وضوحا فيكمل هذا التوجيه بقوله الكريم واعلم أن الناس لو اجتمعوا علي أن ينفعوك بشئ لن ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا علي أن يضروك بشئ لن يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك جفت الأقلام وطويت الصحف. صدقت ياسيدي يارسول الله جفت الأقلام وطويت الصحف فليس قضاء بعد قضاء ولابعد حكمه حكم ولابعد ارادته ارادة ولابعد قدرته قدرة ولا بعد عطائه عطاء.. فلا يملك مصيري أو مصيرك ولا أحد يستطيع أن يغير من قضاء الله فينا فإذا أراد بنا عز وجل خيرا فلا يمكن لبشر أن يمنع هذا الخير أو حتي يكون سببا في ايقافه ولو أراد بنا الغفور الرحيم ضرا كأن يضعنا في محنة أو ابتلاء أو اختبار فلا يستطيع انسان أن يمنع قضاءه فينا. نسألك ياكريم ألا تجعل لأحد سلطانا علينا إلا سلطان هديك وطاعتك, وأن تعاملنا بفضلك لا بعدلك فلو عاملتنا بعدلك فكيف نوفيك حقك؟ خلقتنا من عدم فأحسنت خلقنا ومنحتنا السمع والبصر والفؤاد واكرمتنا بنعم لاتحصي نراها فينا وحولنا فننظر إليها ونعيش بها ومعها دون أن ندرك إدراكا حقيقيا قيمة هذه النعم ودون أن نؤدي شكرها إليك يا وهاب ياعظيم لكننا بفضلك ياكريم نعيش وبفضلك ياعظيم نجتاز المحن ونعبر الآلام ونتغلب علي العقبات ونتحمل إيذاء بعضنا البعض, وتحكم أحدنا في الآخر لأننا بفضلك وندرك أن هذا قدرك وقضاؤك فينا فنتقبله لأنه منك ولأننا ندركه وأنك جلت قدرتك تضعنا في الميزان اختبار وابتلاء وصدقت يا ربي حين قلت ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ونردد الآن وفي كل آن إنا لله وإنا إليه راجعون فلو كانت الدنيا عند الله تساوي جناح بعوضة ماسقي الكافر منها جرعة ماء ونتدكر الآن وفي كل آن قول النبي عليه الصلاة والسلام: إذا استعنت فاستعن بالله ونعيش مع قول النبي الكريم: اطلبوا حوائجكم بعزة نفس فإن الأمور تجري بالمقادير.