هل اقتنعت سوريا حقيقة بمبادرة الجامعة العربية لنزع فتيل الأزمة الطاحنة المشتعلة في ربوعها ؟! هل رضخت أخيرا للضغوط الدولية لوقف نزيف الدم الذي يسيل علي أراضيها ؟! هل توقيعها أول أمس علي بروتوكول إرسال بعثة مراقبين عرب يعني بالفعل بداية إيجاد مخرج سلمي للمشكلة السورية؟! أتمني أن تكون الإجابات إيجابية عن هذه التساؤلات المنطقية خاصة وأن التوقيع السوري علي البروتوكول العربي صاحبه تقديم مشروع قرار روسي للأمم المتحدة لحل الأزمة لا يتضمن فرض عقوبات علي سوريا. بيد أن الملابسات التي سبق أن صاحبت وتبعت هذا التوقيع تجعلنا ننظر بكثير من التحفظ علي إمكانية الوصول إلي بر الأمان للمعضلة السورية في ظل التحركات الحالية. فقبل التوقيع علي البروتوكول كانت سوريا تعترض بشدة علي ما جاء فيه وتعتبره تدخلا سافرا في شئونها الداخلية يمس سيادتها الوطنية ولايمكن تطبيقه علي أرض الواقع.. لدرجة أنها تساءلت عمن الذي يمكنه ضمان حماية المراقبين العرب إذا ما تعرضوا لأعمال عنف أثناء قيامهم بمهمتهم في البلاد ؟!! وأثناء توقيع الاتفاق لم يجد وزير خارجية سوريا وليد المعلم حرجا في أن يردد في مؤتمر صحفي علي الملأ أن الإقدام علي هذه الخطوة جاء بناء علي طلب روسي قائلا بالحرف الواحد لقد نصحنا الروس بالتوقيع علي البروتوكول فاستجبنا لنصيحتهم.. وهذا يضعنا أمام أكثر من علامة استفهام أمام مدي قناعة ورضا المسئولين السوريين عن هذه الخطوة وبالتالي مدي استجابتهم وتعاونهم واستعدادهم لتنفيذ بنود البروتوكول!! ثم جاءت الأنباء الصادمة عن قتل قوات الأمن والجيش نحو مائة سوري, أغلبهم من الجنود المنشقين,بعد ساعات قليلة من التوقيع علي البروتوكول عن طريق إطلاق النار عليهم خلال عملية فرار جماعي من مراكزهم في منطقة جبل الزاوية بمحافظة إدلب!! ولاشك أن كل هذه الملابسات تجعلنا ننظر بريبة وحذر إلي حقيقة موقف ونوايا النظام السوري من بروتوكول بعثة تقصي الحقائق العربية علي الأوضاع في سوريا ؟! وهل اقتنعت سوريا فجأة بمهمة هذه البعثة أم أنها مناورة جديدة تنتهجها سوريا بالاتفاق مع روسيا ؟!! أتمني أن تتبدد مخاوفنا وتزول هواجسنا وتخيب تحفظاتنا من أجل أن تسود ربوع سوريا مظاهر الأمن والاستقرار وينعم أشقاؤنا فيها بالسلامة والرخاء. [email protected]