كتبت الأسبوع الماضي عن هيئة الأوقاف المصرية, وكيف يمكن فصلها عن وزارة الأوقاف ولكن بعد تحويلها الي هيئة استثمارية, بمعني الكلمة.. وليس بالشعارات.. تكون لها اختصاصات الوزير والغفير, مجلس إدارتها من نخبة تفهم معني الاستثمار بالفعل وفي ذات الوقت قوانين الوقف التي لم يعد يفهمها إلا القليل الذين نخشي أن يختفوا من الساحة سواء من الملل الذي يحيط بالوقف الخيري والروتين الشديد الذي يحكم تعاملاته, أو بنهاية الأجل المحتوم الذي سيلحق بالجميع.. ولو بعد حين. لم أكن أتوقع سيل المكالمات والمكاتبات التي لاحقتني, حتي الفضائيات فقد وصلني إحساس بأن الناس كل الناس قد استعوضت الله تعالي في الوقف ومايجري له من تعديات الدولة والأفراد, واستسهال اغتيال أرضه ومزارعه وعقاراته, بل وأمواله.. ولكن استوقفتني مكاتبة ومقابلة لأحد المهمومين بهذه الإشكالية, وهو السيد علي عيسي الذي كان يوما ما مسئولا في هيئة الأوقاف, ولايزال يتعامل في موضوعات الوقف كأنه لايزال هذا المسئول.. فماذا قال؟! قال: لكي تنجح هيئة الأوقاف المصرية في تحقيق الهدف من إنشائها وهو حسن إدارة وتنمية واستغلال مال الوقف, فلابد أولا من رد مستحقات الأوقاف اليها ليمكن محاسبتها علي النتائج. فلدي الأوقاف مستحقات لدي الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تتلخص في الأراضي الزراعية التي وقفها أصحابها علي جهات البر العام والخاص ولم يتصرف فيها الإصلاح الزراعي, وكذلك جميع أراضي الأوقاف التي تقع حاليا داخل كردون المدن وكانت قبل ذلك أرضا زراعية. أيضا للأوقاف لدي نفس الهيئة مستحقات مالية تزيد علي17 مليون جنيه باقي قيمة السندات و فواتيرها ومبلغ12 مليونا القيمة الايجارية للأطيان الزراعية التي كانت تديرها بالقانون44 لسنة.1962 ولدي الأوقاف كذلك قيمة الأراضي الفضاء التي تم الاستيلاء عليها دون تعويض وما هو طرف المجالس المحلية بالمحافظات من مبالغ مالية فترة إدارتها لأعيان الوقف. أيضا لها كما يقول الاستاذ علي عيسي تعويضات لدي هيئة المساحة عن الأطيان والأراضي والعقارات الموقوفة التي تم نزع ملكيتها للمنفعة العامة طبقا للقانون وتحتفظ بها الهيئة العامة للمساحة لديها. وهناك أيضا أموال البدل المودعة بخزائن المحاكم, وما يودعه المواطنون بها في المنازعات القضائية المقامة منهم ضد الأوقاف, وهناك القيمة الايجارية للمستشفيات والعيادات التي نقلت لوزارة الصحة بحسب القرار الجمهوري1782 لسنة1959 ولم تسدد قيمتها حتي اليوم, أيضا قيمة المستشفيات والوحدات العلاجية التي أقيمت بأموال الوقف الأهلي المنتهي بالقانون180 لسنة1952 ويجب ردها نقدا أو عينا فهي تمثل حقوقا للمستحقين فيها. ويقول: علي وزارة التربية والتعليم سداد القيمة الإيجارية للمدارس التي استولت عليها أرضا أو مباني, وقيمة الأرض الفضاء التي قامت بشرائها بغرض إقامة مدارس عليها ولم تسدد حتي الآن. يتبقي ما لدي وزارة الداخلية من مستحقات عن الأراضي التي أقامت عليها معسكرات للأمن المركزي ولم تسددها ومن الأمثلة معسكر المرج, ووزارة المالية الضامنة لكل الوزارات والشركات, ووزارة الشئون الاجتماعية ومستحقات الوقف في مؤسسة الزكاة بالمرج التي توقفت عن السداد لمقابل التأميم.. وحتي وزارة الأوقاف عليها للوقف مستحقات نظير الأماكن التي قامت باستغلالها كمقار لها بالمحافظات ولم تقم بسداد الايجار.. ثم أخيرا وزارة الدفاع وما عليها من مستحقات للوقف. والمقترح هنا هو ضرورة إصدار تشريع يلزم هذه الهيئات السابقة بسداد ما عليها لمال الوقف, حتي يمكن التخطيط لمشروعات استثمارية قوية, توفر فرص عمل للشباب وتحقق العائد المأمول, وتنمي مال الوقف الخيري, ثم بعدها يمكن محاسبة القائمين علي هيئة الأوقاف المصرية. الخلاصة: أن مال الوقف أمانة في أيدي المسئولين كل في موقعه, وأحسب أن الدكتور محمد عبدالفضيل القوصي وزير الأوقاف الذي جدوله في الوزارة اليوم سيكون حريصا علي استرداد مستحقات الوقف, بل وتغيير القوانين المكبلة لاستثماره, واعتقد أن هيئة الأوقاف لن تغيب عن اهتماماته بتحويلها الي استثمارية فعلا وليس قولا, واختيار مجلس إدارة يحقق هذا الهدف, وسيوضع في ميزان حسناته يوم القيامة أنه أحيا سنة الوقف, وحقق فرص عمل للشباب في مشروعاتها, وزرع في النفوس حماية الوقف من التعدي, بل مضاعفة أراضي الوقف وعقاراته كما يحدث الآن في دول أخري شقيقة. والله من وراء القصد المزيد من مقالات سعيد حلوي