أكتب هذه السطور ودموع الفرح تملأني وتخالجني مشاعر مختلطة بين فرحتي بصوتي الذي أصبح له قيمة بالرغم من تأخر ذلك جدا، لكنني أحمد الله أنني عايشت وشاهدت هذه اللحظة التي زلزلت كياني، وأقول أنني كنت أوفر حظا ممن لم يحالفهم الحظ ومات قبل أن يعيش تلك المشاعر والأجواء الجميلة. %62 هي نسبة من شاركوا في انتخابات المرحلة الأولى، نتيجة مذهلة بكل المقاييس لكل المصريين ومدعاة لفخرهم حول العالم، فحتى أمريكا التي تتمتع بالديمقراطية منذ الأزل لم تصل لهذه النسبة في تاريخ انتخاباتها! دول العالم أجمع تابعت هذه اللحظة الفريدة في تاريخنا بكل ترقب وشغف.. لحظة ميلاد المصريين.. لحظة حرص عليها جموع المصريين المقيمين والمغتربين في الخارج.. لحظة سجلتها جميع الصحف ووكالات الأنباء العالمية واعتلت صور المصريين الأغلفة والصفحات الأولى، وهم يصطفون بالشوارع في مظهر حضاري ينم عن رقي شعبنا وتحضره.. غير متبرمين من طول الانتظار في الصف.. فالنتيجة تستحق طول الانتظار. في الحقيقة شاهدت صورا تدعوني للفخر ببلادي (لك حبي وفؤادي).. فرأيت القيم التي تربينا عليها ولن تمحوها أبدا صور العولمة وأنماط الحياة الحديثة.. فالصغير حرص على احترام الكبير ومساعدته, كما أيضا حرص الجنود على مساعدة العجائز بل وحملهم على الأكتاف حتى يصلوا للجنة الاقتراع حيث يدلون بأصواتهم.. النساء في دائرتي، مصر الجديدة كانوا يحضرون القهوة والنسكافيه التيك أواي ويعزمن على بعض ويقمن بالتبادل المعرفي ويتبادلن الأحاديث السياسية، مما أظهر قدرتهن على متابعة السياسة في أعقاب الثورة.. مشهد النساء اللاتي حرصن على الإدلاء بأصواتهن يدل على الوعي بالعملية السياسية ومشاركتهن الفعالة في الانتخابات.. فخرجت المرأة لتؤكد على دورها السياسي ومشاركتها في صنع سياسة الدولة وقرارهن في اختيار البرلمان.. دون أن تعبأ إحداهن بالساعات الطويلة التي وقفنها في سبيل الإدلاء بأصواتهن. ذهبت للاقتراع في صباح اليوم الأول ولم أتمكن من الإدلاء بصوتي في الصباح حيث كان لدي ما أقوم بعمله في الجريدة بالإضافة إلى أنني كنت ضيفة على قناة النيل الدولية أيضا لتحليل التجربة الانتخابية، وقلت في البرنامج أنني كنت حزينة لأنني لم أتمكن من الإدلاء بصوتي مبكرا، لكنني سأتوجه عقب البرنامج مباشرة لتأدية الواجب القومي.. ولن أخفيكم أنني بعد أن أدليت بصوتي ولأول مرة في حياتي وكلي ثقة في أن صوتي له قيمة.. انهمرت دموعي في اللجنة من فرحتي وهتفت أمام القاضي: تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر! اليوم وغدا الإعادة في العملية الانتخابية على المقاعد الفردية وأدعو كل المصريين للتوجه إلى دوائرهم للإدلاء بأصواتهم، لنختار فهو واجب لا يمكن التقاعس عنه بعد أن أصبح صوتي وصوتك له قيمة. .. مما لا شك فيه أن التجربة كانت جميلة جدا وطعمها كان أجمل وفاتحا لشهيتي وشهية كل المصريين للمشاركة في صياغة وصناعة القرار في بلادنا.. لما سيأتي على بلادنا بالنفع والخير إن شاء الله تعالى.. والله يولي علينا من يصلح والله ولي التوفيق! المزيد من مقالات ريهام مازن