حينما نما إلي علمي تصدي القوات المسلحة الجريء والوطني لخطط العناصر الإجرامية لوقف عمليات تطهير سيناء ومنع هدم الأنفاق اطمأن قلبي علي مصير أغلي جزء من وطننا. فقد قامت القوات المسلحة فعليا بهدم20 نفقا خلال يومين باستخدام المعدات الثقيلة المؤمنة بقوات كبيرة. ولا شك أن تحرك القوات المسلحة كان بتنسيق كامل مع جهاز المخابرات العسكرية الذي كان ومازال الجهاز المؤهل بجدارة لجمع المعلومات المؤكدة ويحظي بثقة أهل سيناء منذ زمن بعيد وقد تمكن جهاز المخابرات العسكرية أخيرا من أن يضع يده علي منشورات لجماعات إرهابية تعلن عن خطط للاعتداء علي قوات الأمن التي تضيق الخناق علي وجودهم في سيناء, كما ألقت قوات الصاعقة القبض علي عناصر إجرامية تعبث بالأمن والاستقرار هناك. مع كل هذه التحركات من جانب القوات المسلحة لإنقاذ شرف الوطن علي أرض سيناء لا نملك إلا أن نوجه تحية إجلال وإكبار لجيشنا العملاق, جيش معركة الكرامة في العاشر من رمضان والتي حرر بها الرئيس محمد أنور السادات أرض سيناء برجولة وبطولة قبل أن تقتله أيدي الخيانة والغدر, وأقولها بصراحة وبصوت لا يرتعش: إن شعب مصر بأكمله يدين التصريحات غير المسئولة لعاصم عبد الماجد القيادي بالجماعة الإسلامية الذي أفتخر في مداخلة لبرنامج90 دقيقة أن الجماعة التي ينتمي إليها قامت باغتيال السادات القائد والزعيم ومحرر أرض سيناء لينقذوا الشعب المصري منه...! لتخرس هذه الألسنة التي تسب تاريخ شعب مصر وقيمه ورموزه, والحقيقة أنه لا يهمني رأي من احترفوا سياسة الهجوم والسباب وتزييف التاريخ ولكن اهتمامي هو أن أضع تحت تصرف شباب مصر شهادة لمن عاش جزءا من تاريخ مصر وعمل وتعاون مع الرئيس السادات كمستشار له في أثناء معركة أكتوبر... ثم معركة مفاوضات السلام الذي جاء العقل السياسي الجبار للرئيس السادات ومعه كوكبة من خبراء الدبلوماسية المصرية ليصل معهم وبهم إلي آخر المطاف بالتوقيع علي اتفاقية كامب ديفيد. ماذا أقول لشبابنا أولا لن نستطيع تاريخيا أن نفصل بين حرب الاستنزاف من67 تحت قيادة الرئيس جمال عبد الناصر واستكمالها مع الرئيس أنور السادات من1970 إلي أكتوبر73, وليتنا نتذكر كمثال ونموذج الدور المشرف للدفاع الجوي والمعركة البطولية في الدفاع عن عاصمة مصر من العبث والعدوان الإسرائيلي من69 حتي73 تحت قيادة العميد سيد حمدي قبل أن يصل بعد ذلك إلي درجة فريق وقائد للدفاع الجوي أعطاه الله الصحة وطول البقاء. عن مفاوضات السلام فلن أنسي عند لقائي به في مارس74 في ميت أبو الكوم وهو يقول لي حكمة لن أنساها: لا يوجد قائد يذهب إلي الحرب من أجل الحرب, ولكن من أجل الحصول علي مكان محترم علي مائدة مفاوضات. أما عن مفاوضات كامب ديفيد نفسها والتي قيل إنها كانت مسرحية أخرجتها أمريكا لإبعاد مصر عن الأمة العربية, في حين أن أولوية الأولويات للرئيس السادات كانت إعادة آخر شبر من الأرض المحتلة إلي الوطن. والدليل علي أن المفاوضات لم تكن مسرحية أن الرئيس السادات استدعاني لأرافقه في رحلته إلي باريس قبل أن يكملها إلي الولاياتالمتحدة, وفوجئت به في الطائرة يقول لي: المفاوضات في كامب ديفيد يمكن أن تنجح ويمكن أن تفشل, وفي حالة الفشل أريد أن تكون باريس هي المحطة التي نبدأ منها الحملة ضد إسرائيل وتحميلها مسئولية الفشل وسلمني ظرفا من رئاسة الجمهورية مكتوبا عليه بالخط الأحمر, لا يفتح هذا المظروف إلا بعد إعطاء النور الأخضر من كامب ديفيد. أما عن التمسك بآخر شبر في أرض سيناء وإعادته إلي الوطن فأقول للشباب إن ما نما إلي علمي عن كواليس التفاوض مع الرئيس كارتر في كامب ديفيد, وكيف أن مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل آنذاك أصر في عناده علي عدم الجلاء عن مستعمرة ياميت التي أقامتها إسرائيل في شمال سيناء علي البحر الأبيض وقرب العريش, وأمام الرفض الإسرائيلي علي إعادة آخر شبر إلي مصر أعطي الرئيس المصري تعليماته إلي الوفد المصري بإعداد حقائبهم استعدادا للرحيل مما أثار قلق الرئيس الأمريكي الذي استعان بعزرا وايزمان وموشي ديان للضغط علي بيجن ليوافق أخيرا عن الجلاء علي مستعمرة ياميت. وإنني أدعو شبابنا القادر علي التعامل مع الأنترنت أن يبحث عن صور معركة الجلاء عن مستعمرة ياميت في21 أبريل1982 تنفيذا لبنود اتفاقية كامب ديفيد التي انتصر السادات في الحصول عليها في1978 وأن يري صور المتطرفين والحاخامات وعلي رأسهم مائير كاهانا يهددون بالانتحار من فوق أسوار المستعمرة, وانتصر الحق وزهق الباطل, رحم الله السادات بطل الحرب والسلام, ولن يغفر الله لمن افتروا عليه زورا وبهتانا. والآن عودة إلي جيش مصر المغوار الذي يحمي كرامة وأمن مصر والذي يرفض تسييس دوره, ويقوم بواجبه في حماية المنشآت بقدر الإمكان. أعتقد أنه سيأتي الوقت الذي سيصبح فيه تدخل القوات المسلحة واجبا تفرضه ضرورة حماية الأمن القومي وحياة المواطنين وكرامتهم.