تمردت علي حياة الرفاهية.. لتعيش بين البسطاء والكادحين.. نادت بالعدالةالاجتماعية..وهي الارستقراطية ابنة الباشاوات التي لا تتكلم سوي الفرنسية فلم تكن تعرف العربية.. رفضت السفر إلي فرنسا لتكملة دراستها الفنية.. وآثرت البقاء كي تناضل من اجل الحياة الكريمة لفقراء مصر. تلك هي انجي أفلاطون, الفنانة المصرية اليسارية التي تركت الارستقراطية لتنضم إلي المكافحين من الشعب, جدها الأكبر كان وزير الجهادية والبحرية في عهد الخديو إسماعيل ووالدها درس في سويسرا وأصبح عميد كلية العلوم بجامعة القاهرة..ولدت انجي عام1924 وتعلمت بمدرسة القلب المقدس ثم مدرسة الليسية, وبدأت في تعلم اللغة العربية في سن السابعة عشرة, تعرفت بالفنان التشكيلي كامل التلمساني الذي شجعها وأشركها في معارض جماعة الفن والحرية وفتح أمامها الطريق نحو المعرفة بفلسفة الجمال والاتجاهات الحديثة في الفن, في عام1945 بدأت العمل السياسي وانضمت الي جماعة سرية وأصبحت مطاردة من البوليس السياسي, تزوجت قاضي تقدمي يدعي حمدي في عام1948 وعاشت معه اسعد أيام حياتها.. ولكنها لم تدم طويلا فقد توفي عام1957 علي اثر ضرب ضباط المباحث له ضربا وحشيا, وفقدت انجي الحبيب ورفيق الدرب, وفي عام1959 أعتقلها البوليس السياسي, تقول انجي في مذكراتها هكذا الإنسان يستطيع أن يتأقلم ويتكيف مع أي ظروف صعبة تحيط به طالما هو قوي وطالماهو إنسان, أننا هنا وفي السجن عالم القيود والسدود, في عالم لاقيمة فيه للحقوق ولاقيمة فيه لحياة الإنسان, وفي داخل سجن القناطر بدأت مرحلة جديدة من حياتها الفنية مارست انجي الرسم داخل السجن, فرسمت السجينات ضحايا القهر والظلم الاجتماعي, فقد كانت تبحث في لوحاتها عن معني الحرية..وفي عام1963 خرجت انجي من السجن لتعود من جديد للدفاع عن المقهورين وتنادي بحق الشعب في الحياة الكريمة فتتعرض للمطاردة والاعتقال وتستبعد من قوائم التكريم ولكنها تجد التقدير من الحكومة الفرنسية التي منحتها أعلي الأوسمة وهو وسام الفارس كما إنها دعيت في عديد من عواصم العالم لعرض لوحاتها, من أشهر لوحاتها, من نافذة السجن, الباكيات, وراء القضبان, يعملن كالرجال, لن ننسي, النول,جمع البرتقال, أمومة, ساحة المعركة. وفي عام1989 أصيبت انجي بجلطة وتوفيت بعد أيام قليلة تاركة أكثر من ألف لوحة حصيلة مشوارها الفني مابين لوحات زيتية وفحم و أحبار, لتقوم بعدها والدتها وأختها الوحيدة بإهداء هذا التراث الفني الذي لا يقدر بثمن إلي وزارة الثقافة علي أن تقوم الوزارة ببناء متحف توضع به الأعمال يليق بأسم الفنانة الراحلة..وفي سبتمبر2011 افتتح بقصر الأمير طاز المتحف الدائم لأنجي أفلاطون الذي يضم بعضا من أعمالها بالإضافة إلي العديد من مقتنياتها الشخصية..أما باقي الأعمال والتي ظلت في مخازن وزارة الثقافة فقد استردتها أسرتها علي اثر دعوي قضائية لأن الوزارة لم تلتزم بالاتفاق الذي عقد مع الأسرة وقد عرض بعض من هذه الأعمال في يناير الماضي بقاعة سفرخان بالزمالك.