اتصلت بأقاربي في بورسعيد أسأل فجاءتني الإجابة أن أبناء المدينة يعيشون تجربة أصعب من أيام الإنجليزي عام56 وأنهم ماضون في العصيان الذي بدأوه منذ عشرة أيام . وقالوا لي إن العمل تقريبا متوقف في جميع المصالح والمحال باستثناء البنوك ومحال المواد الغذائية والمستشفيات والأجزاخانات. لكن الغريب خلو بورسعيد من الشرطة سواء في الشوارع أو حتي قسم الشرطة الذي يبدو خاليا بدون ضباط أو عساكر ولا محاضر. ورغم ذلك قالوا لي ليس هناك اعتداءات علي هذه الأقسام ولا جرائم ولا حوادث مرورية أو تحرشات جنسية. وقالوا لي إن المواطنين يدركون مسؤليتهم عندما قرروا التعبير عن غضبهم مما لحق بأبناء المدينة من عمليات عنف ذهب ضحيتها42 من شباب المدينة قتلوا بطريقة غريبة, مما جعل المدينة التي تضم نحو600 ألف مواطن تعيش حزنا جماعيا قرروا إحترامه وإثبات أنهم قادرون علي تسيير أمورهم وتحمل نتائجه. والمحافظ موجود في بورسعيد اسما ولكن المدينة تدار ذاتيا بعيدا عن تدخل الدولة. ولا تعاني المدينة من نقص الغذاء وإنما من ارتفاع الأسعار خاصة أسعار الخضراوات. وعلي سبيل المثال الفاصوليا وصل سعرها إلي12 جنيها والبصل خمسة جنيهات والطماطم2 جنيه والسمك وهو الغذاء الرئيسي إرتفع سعره كثيرا بسبب نقص المعروض. وقال لي صاحب أجزاخانة إن أدوية المهدئات والمنوم وضد الاكتئاب أصبحت أكثر الأدوية مبيعا بسبب الحالة النفسية والاقتصاية التي تعانيها المدينة. وهناك تخوفات كثيرة من يوم9 مارس القادم عندما تصدر محكمة الجنايات الأحكام علي المتهمين في مجزرة أول فبرايرالشهيرة( قبل عام) بعد أن صدق المفتي علي الحكم بإعدام21 تم إحالة أوراقهم إليه. وفي ذلك يجب أن يعرف أهالي بورسعيد أن هذه الأحكام غير نهائية, وأن يؤجلوا الحزن أو حتي الغضب إلي أن يكون ذلك مستحقا. فالنقض مقرر علي الأحكام خاصة أحكام الإعدام, وأتوقع شخصيا تغيرا فيها أمام النقض. ولابد أن تنهي الحكومة مقاطعتها أو خصامها للمدينة وإلا فهي تجهل فن الحكم, وإن ظلت تجربة المدينة مع العصيان موضوعا للدراسة وربما الإنتشار! [email protected]