ودعت الداخلية واحدا من أبنائها البواسل الذين ضحوا بحياتهم وسهروا علي حماية الوطن وتوفير الأمن والأمان لأبنائه هو ضابط بني سويف الذي قتل علي يد بلطجي مسجل خطر تلك القصة المأساوية التي هزت الرأي العام وترويها تلك السطور. ترجع وقائع القصة عندما تلقت مباحث قسم بني سويف يوم الجمعة5 فبراير الحالي بلاغا بوقوع مشاجرة بين عدد من العاطلين والبلطجية من منطقة الغمراوي وعزبة التحرير وعلي الفور انتقلت قوة من ضباط مباحث القسم بقيادة الضابط الشهيد النقيب هشام كمال الدين طعمة معاون مباحث القسم وفور وصولهم فوجئوا بإطلاق الرصاص بكثافة تجاههم وبعد مطاردات استقرت عدة رصاصات في جسد الفقيد ولقي حتفه عقب وصوله للمستشفي وفر الجناة هاربين, وفي مشهد جنائزي مهيب حضره الأهل وأصدقاء وزملاء الشهيد تم تشييع جنازة الشهيد من مسجد عمر بن عبد العزيز ببني سويف يتقدمها المستشار ماهر بيبرس محافظ بني سويف والذي قرر صرف مبلغ10 آلاف جنيه لأسرة الشهيد واللواء أحمد شعراوي مدير أمن بني سويف ومندوب عن وزير الداخلية. انتي كدابة ومش هنروح المدرسة عشان احنا متعودين هشام يودينا المدرسة يوم الأحد كان هذا رد فعل حلا5 سنوات وحنين6 سنوات ابنتي الشهيد بعدما أخبرتهما والدتهما بوفاة والدهما بعد دخولهما في نوبة بكاء عميق تقشعر له الأبدان ولم تستطع زوجة الشهيد شيريهان أحمد عبد المنعم(28 سنة) موظفة بديوان عام محافظة بني سويف حبس دموعها التي انهمرت بغزارة تسابق كلماتها المنكسرة حزنا وحسرة علي شريك عمرها حيث قالت بصوت مكلوم: هشام كان يمثل لي كل حاجة في الدنيا وكان بمثابة الأب والأخ والصديق كان يشاركني الحزن والفرح والألم والسعادة وكان نور عيني يمتاز بالعطف والحنان ويعاونني في تربية بنتيه اللتين ارتبطتا به ارتباط الروح بالجسد ولا أعرف كيف سأصبر علي فراقه وكيف سأسير في دروب الحياة بدونه و(حسبي الله ونعم الوكيل). واتجهنا للأم الثكلي والدة الشهيد الحاجة ثناء محمود عبد الله(58 سنة) مراجعة حسابات بالتفتيش المالي بمديرية الأمن وبصوت متهجد متقطع يخرج بشق الأنفس قالت: يوم الحادث كنا نتناول طعام الغداء أنا وابنائي واحفادي كعادة الأسرة كل يوم جمعة وبعد الغداء توجه هشام ووالده لحضور عقد قران عديله عقب صلاة المغرب بمسجد السيدة حورية وبعد عقد القران اصطحب والده للمنزل وذهب الشهيد لتأدية صلاة العشاء بمسجد الأباصيري وتوجهت أنا للنوم الساعة الثامنة مساء وعندما استيقظت وجدت24 اتصالا من فلذة كبدي هشام علي هاتفي المحمول وكأنه كان يريد وداعي وتوجهت لتأدية صلاة العشاء وبعد الصلاة عدت للنوم ثانية وعند استفاقتي أبلغني ابني حسام بأن شقيقه أصيب بطلق ناري في فخذه فصرخت عليه: روح إلحق أخوك بسرعة وهرولت مسرعة وأشقاؤه إلي المستشفي ولم أعي خبر استشهاده إلا بعد استفاقتي من الغيبوبة في المنزل ولن يهدأ قلبي أو تغمض عيني إلا بعد القصاص العادل لفلذة كبدي. ونظرنا ناحية الأب المكلوم الحاج كمال الدين طعمة(70 سنة) مدير الشئون المالية بالصحة بالمعاش وحاولنا الحديث معه بعد أن لملم شتات نفسه من شدة الانكسار وقال: صحوني من النوم وقالوا لي تعالي هشام في المستشفي تعبان ودخلت المستشفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل فوجدت هشام في العناية المركزة يعاني نزيفا في فخذه إثر طلق ناري ويحاول الأطباء علاجه وطلبوا إحضار دم بسرعة لأنه يتعرض لنزيف حاد ولا توجد فصيلته ولا بنك دم بهذا المستشفي الاستثماري الكبير بالمحافظة واحضرنا له كيسين دم من بنك دم المستشفي العام علما بأن إصابة نجلي الشهيد أدت لقطع في الشريان الموصل للقلب وفي هذه الحالة لابد من خياطة الشريان لايقاف النزيف وكان لابد من توافر أخصائي جراحة أوعية دموية وتساءل الأب كيف لايوجد هذا التخصص في مستشفي استثماري كبير؟. وتم نقل الشهيد للمستشفي الجامعي وقام ابن خالته( يعمل طبيبا) بالاتصال بأخصائي أوعية دموية وطبيب تخدير للحضور معه وبعد أن توجهنا للمستشفي الجامعي فوجئنا بأمن المستشفي يرفض دخول نجلي ماعندناش تعليمات بدخول الحالة ولما اتصلنا بالدكتور محمد ابو سيف مدير المستشفي الجامعي قال لهم يدخل فورا بعد أن ظل في سيارة الاسعاف ربع ساعة وكل دقيقة تمر تمثل خطورة علي حياته وبعد ان دخل المستشفي ادخلوه غرفة العمليات بسرعة وجاء دكتور الأوعية الدموية وخرج بعد دقيقتين وقال: جيت أعمل عملية ومالقيتش حاجة اعملها وسكت عن الكلام فأسرعت لغرفة العمليات ووجدت فلذة كبدي ملفوفا بالملاية البيضاء وقد لقي ربه وجاء لي شخص من المستشفي لا أعرفه وقال لي هبلغك أمانة: عندما حضر نجلك للمستشفي الاستثماري وطلعت معه في المصعد كان رافعا اصبعه وينطق الشهادة ويضيف والد الشهيد أن هشام كان متدينا ويمتاز بطيب الخلق وحب الناس وكان بارا بوالديه وأقول للدنيا كلها ابني ضاع علي يد بلطجي ودمه في رقبة الدولة. الرائد حسام كمال الدين طعمة(33 سنة) ضابط بمديرية أمن بني سويف شقيق الشهيد يقول: هشام أخي كان معروفا بالسمعة الطيبة منذ نعومة أظافره والانضباط في العمل والتحق بأفضل أماكن بالوزارة حيث عمل بمديرية أمن أسيوط ومطار القاهرة الدولي ومرور بني سويف والحرس الجامعي وجميع من خدموا معه يشهدون له بحسن الخلق, وهشام التحق بالمباحث قبل الواقعة بأسبوع حيث انتقل للمباحث يوم الجمعة واستشهد يوم الجمعة التي تليها مباشرة وأطلب القصاص العادل من قاتل أخي الشهيد حتي استريح أنا وأسرته وأهله وأصدقاؤه وادعو ربي أن يرزقنا الصبر والسلوان انا ووالديه وزوجته لتستطيع تربية ابنتيه. أحمد كمال طعمة(23 سنة) محاسب الشقيق الأصغر للشهيد يقول أخي كان لا يترك فرض صلاة مواظبا علي قراءة القرآن الكريم وعندما كان يعمل بمطار القاهرة تم اختياره ليكون مشرفا علي المعتمرين بالمملكة العربية السعودية عندما كان برتبة ملازم اول وكان يسأل عن والديه بصفة مستمرة وعندما انتقل للمباحث اتصل بي من القاهرة وأبلغني وأحضر معه الجاتوهات وقال لنا دي حلاوة نقلي وقال لي أحد زملائه إنه عندما كان طالبا بكلية الشرطة قال لهذا الزميل أجمل ما في الشرطة انك تموت شهيدا وقابله بعد11 عاما منذ نحو اسبوع تقريبا وقال لي نفس الكلمة وها هو قد نال الشهادة التي كان يتمناها وكان قريبا جدا مني, كان أخي وصديقي وهو من قام بتجهيز حفل زفافي منذ شهرين وكان يلعب معي لعبة البلاي ستيشن وكان خدوما جدا لأهله واصدقائه وكان قريبا جدا من ابنتيه حتي انه اصطحبهما لدريم بارك منذ عشرة أيام مكافأة علي نجاحهما في الترم الأول وقالت لي ابنته حنين:( انت مش زعلان علي بابا) فردت عليها ابنته الأخري حلا:( بابا علشان كويس راح الجنة عند ربنا) وادعو الله ان يلهمنا الصبر علي فراق شقيقنا. النقيب خالد الجابي( ضابط بمديرية أمن بني سويف) زميل وصديق الشهيد يقول: أعرف هشام منذ أن كنا في الكلية منذ13 سنة عندما كان الشهيد صف ضابط بالكلية بالفرقة الرابعة وكنت أنا في سنة أولي دفعة المستجدين كان طيب القلب يتميز بالرجولة والجدعنة ووجهه لا تفارقه الابتسامة ومن رجال الشرطة الذين لا يختلف عليه اثنان واحتسبه عند الله من الشهداء فالداخلية خسرت واحدا من أفضل رجالها وبصفتي ضابط شرطة أري لابد أن تتفرغ الشرطة للعمل الجنائي فقط وتسلح جيدا.