تهدي الكاتبة العراقية نيران السامرائي كتابها: شهدت اختطاف وطن إلي شهداء العراق الذين سقطوا في معارك الوطنية والكفاح, وشهداء العراق الذين راحوا ضحية الخسة والتآمر والخداع, والكتاب الوثيقة, يبدأ من اختطاف زوجها أحمد السامرائي رئيس اللجنة الأوليمبية العراقية. في هجوم وحشي مسلح علي النادي النفطي في بغداد, حيث كان يعقد المؤتمر العام للجنة الأوليمبية الوطنية في الخامس عشر من يوليو2006, ومعه الأمين العام للجنة, وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي وعدد كبير من الموظفين وأفراد الحماية الخاصة, وقد استمرت عملية الخطف التي تمت في وضح النهار الواحدة والنصف ظهرا ثلاثين دقيقة, وبلغ عدد المخطوفين أربعين شخصا, والطريف في الأمر أن الجريمة تمت علي مرأي من رجال الإعلام والصحافة الذين كانوا يتابعون المؤتمر وأمام عدسات الفضائيات المختلفة التي كانت تلاحق أحداثه. منذ تلك اللحظة وحتي اليوم, لم يعد أحمد السامرائي المزود بحصانته الأوليمبية ولا الذين اختطفوا معه إلي بيوتهم, واعتبروا في عداد المفقودين علي مدار أكثر من خمس سنوات حتي اليوم, والحكومة تنفي علمها أو تورطها في الجريمة, لكن المسئولين عنها لم يدر بخلدهم أن الجريمة لن تمر كما خططوا لها, بعد أن أتيح لهذا الزوج المختطف زوجة وفية مناضلة جعلت كل همها في الليل والنهار فضح جريمة الاختطاف والمطالبة باطلاق سراح زوجها ورفاقه, ان كانوا لا يزالون أحياء وهو أمر تنفيه كل الشواهد. وأصبحت بغداد ومن بعدها لندن وأماكن كثيرة من العالم ميدانا لهذه المواجهة التي تتابعها الصحف والمنتديات السياسية والثقافية والرياضية, والفضائيات عبر هذه السنوات الخمس, بين مسئولين يحمون أنفسهم بالكذب والخداع والجبن وهم في حماية السلطة, وأسرة تتكون من زوجة وابن وحيد, نذرت نفسها لكشف الجريمة, وفضح المخططين والمنفذين لها, والحاقدين علي رئيس اللجنة الأوليمبية التي تمت بالانتخاب الراغبين في أخذ مكانه والسيطرة علي مجلسها التنفيذي, ونهب ميزانيتها, وترويع كل من فيها, حتي لو اضطرهم الأمر إلي أسلوب الخطف والقتل حيث لا عقاب ولا قانون. وخلال هذه السنوات الخمس, تجمعت لدي الزوجة الكاتبة من الوثائق والشهادات والمعلومات المؤكدة ما يملأ مجلدا ضخما صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر التي حملت مسئولية نشره باعتباره وثيقة ادانة وعريضة اتهام موثق, وتخاطفته الجاليات العراقية وغيرها عبر العالم وبخاصة في أقطار الوطن العربي وفي أوروبا لتقرأ عبر صفحاته ما لا يصدقه الخيال من خطف وسجن وتعذيب وقتل تحت ستار الشرعية والديمقراطية. تقول المؤلفة في ختام كتابها الضخم أربع مائة وأربع صفحات من القطع الكبير مزودة بالوثائق العربية والإنجليزية والصور والبيانات تحت عنوان: لم يختطفوا أحمد السامرائي ورفاقه فقط, لقد اختطفوا وطنا بكامله: ما حدث لأحمد حدث لمئات غيره من الوطنيين الذين صدقوا الأكذوبة, بكون العراق الجديد عراق الحرية والعدالة والمساواة, ومصائرهم حتي الآن غير معروفة. لم يختطف أحمد بسبب الأحقاد والمنافسة غير الشريفة فقط, ولكن لان موقعا دوليا كهذا رئيس اللجنة الأوليمبية الوطنية لا ينبغي أن يشغله شخص حر مستقل لا ينتمي لأحد, ولا يخضع مهما كانت كفاءاته, بل لابد من شخص ينتسب إلي أصحاب السلطة في بغداد, أو تابع يخدمهم. ثم تقول المؤلفة: إني أحذر من وباء طائفي كاسح ومن ديكتاتورية جديدة كالتي عرفناها في السابق, وباء تسلط تحكمه الكراهية والحقد لكل من ينتمي إلي طائفة أخري, ويحقق بنفس الوقت خطة الاحتلال لتفتيت العراق وتشريد ابنائه بما يتفق ولغة العصر, التي تجيدها أمريكا وتشيعها في كل مكان تباكيا علي حقوق الإنسان وديمقراطية الأنظمة. إن الذين اتخذوا قرار الاختطاف ونفذوه, هم الآن في بعض مواقع المسئولية لكنهم مفضوحون ومصيرهم محتوم. وفي ختام كلمتها تقول: أنا لا أبكي مجرد زوج غاب ولم يعد يعرف مصيره ولا أب ينتظره ابنه الذي كان يري فيه المثل الأعلي للحس الوطني, وحفيدين طفلين يستفسران يوميا عن غياب جدهما, ولست باكية علي عشرات الأيتام الذين جند أحمد السامرائي نفسه لرعايتهم من ماله الخاص, وقد عرفو ا طعم اليتم الحقيقي بغيابه, لكنني أبكي غياب عشرات الابرياء الذين قبض عليهم مع أحمد السامرائي رئيس اللجنة الوطنية الشرعية, وأبكي غياب الوف الابرياء الذين غيبوا قسرا في بلادي.انني أبكي قيم الطهارة والشرف, قيم العدالة والإنسانية, التي تواطأت علي دفنها فئة مسعورة تعمل لحسابات خاصة لا علاقة لها أبدا بمصير الرياضة ولا مستقبل الرياضيين. انني أبكي مصير الأمة والوطن. ولقد حذرت!: فهل تصل هذه الصرخة الصادرة عن قلب مكلوم ونفس ثكلي, وأسرة هدتها الأحزان إلي أسماع الأحرار والشرفاء في كل مكان؟ وهل ندرك نحن الآن في مصر بالرغم من كل ما يحدث قيمة ما نعيش فيه من حرية وكرامة, ومن عدل وانصاف ومن اسقاط لحواجز الخوف والرهبة التي لاتزال متحكمة في ملايين من ابناء الوطن العربي؟ المزيد من مقالات فاروق شوشة