تعليقا علي الرسائل التي قرأتها في بريدك الاسبوعين الماضيين التي تتحدث عن مشكلات العنوسة ونظرة المجتمع ومشكلات الزواج الثاني. لا اخفي اعجابي الشديد بردودك عليها, والتي تتسم بالصدق ونفاذ البصيرة, ولكني أردت أن أنقل إليك بعض آرائي في كل هذا باعتبار أني وقعت ضحية لهذا بأكمله, ولست أحب أن استخدم هذا التعبير ضحية لأنه ليس الوصف الحقيقي لي, ولكنه مجرد تعبير انتشر كثيرا أخيرا, ويبدو أنه اعجب الناس, فيميلون إلي تكراره بشكل متزايد, ولكن الوصف الحقيقي له هو مجرد أني مررت بهذه الخبرات الحياتية ضمن خبرات كثيرة, ومتعددة قد يتعرض لها البعض هذه الأيام الأخيرة التي قد تفوق بمراحل هذه الأشياء التافهة, وبعضها تجاوزته والبعض الآخر مازلت احاول تجاوزه. ولكني تعلمت ألا اتوقف امامها كثيرا فنحن نضع المشكلات امامنا, ونقف امامها طويلا نترقبها ونفحصها ونجعلها جبالا شاهقة تصدنا, وتوقف آمالنا واحلامنا وطموحاتنا, لا أنكر أنها تؤثر فينا قطعا, وقد تصيبنا بالاحباط والحزن والبكاء, ولكن هذا ليس سببا لتوقف حياة الإنسان, فالله خلق الإنسان لعدة مهام في الأرض, وليس لمهمة واحدة, فليس لاني لم اتزوج بعد أو أني مررت بمشكلة عاطفية عنيفة يعني هذا أني أهمل عملي, دراستي, أهلي أو اصدقائي أو بالأخص أهمل عبادتي لله, لا علي النقيض فقد يجوز جدا أن الله قد أزاح عني هم الزواج وتربية الابناء للقيام بوظائف أخري قد لا تقدر عليها المتزوجات, ولا أقصد بهذا الوظائف العملية فقط, بل أي شيء يعطي الحياة طابعا إنسانيا هو في حد ذاته عمل جليل الحياة تحتاجه منا. ولست اكتب ذلك, وأنا في برج عاج مثل الكثير من الفلاسفة, ولكني أري نماذج كثيرة أمامي منهن صديقاتي وقريباتي لم يتزوجن بعد, ولكنهن يسرن بخطي ثابتة في الحياة أو بمعني أصح في الجانب المفتوح أمامهن من الحياة, فمنهن من تراعي اخاها واولاده الصغار, ومنهن من تراعي والدتها المريضة, ومنهن من تكون الصديقة الحنونة لاصدقائها اللاتي يلجأن إليها ليشتكين من مصاعب الحياة, ومنهن من توجه اهتمامها للأعمال الخيرية والايتام والفقراء. هذا هو الواقع سيدي, هذا هو ما يحدث فعلا, ولكن لا ينشره الاعلام الذي ينشر فقط اننا نري الانثي غير المتزوجة محبطة منكسرة تسعي للزواج بأي شكل من الاشكال, وأنا لم أر هذا أمامي إلا في حالات معدودة, ونتيجة ظروف اقتصادية ليس أكثر أما الباقي, فكل منهن له حياته, ولم يتوقف امام مشكلته الشخصية, فقط بل تجاوزها إلي مشكلات البعض الآخر التي قد تكون اعنف واقسي. كذلك الامر في قضايا الزواج الثاني والاحتياجات الخاصة, يبدو اننا قد تخلصنا من كل المشكلات الحياتية من أكل وشرب ومسكن وعلاج وتريبة أولاد ومذاكرة, وفوق كل هذا أداء شرائع الله علينا لنتفرغ للاحتياجات الخاصة! وما الاحتياجات الخاصة إلا أنها افواه لا تشبع مهما حاولت اشباعها, بل بالعكس هي تزيد كلما التفت اليها, وحاولت اسعادها وتمردت عليك أكثر وطالبتك بالمزيد وكلما تجاهلتها والتفت لغيرها ضعفت واختفت تدريجيا. ولصاحب رسالة احلاهما مر هل تساءلت لماذا الآن؟؟ وليس من قبل لماذا الآن فكرت في موضوع الاحتياجات الشخصية هذه رغم زواجك من فترة ليست بالقصيرة, وأنك أصبحت أبا لثلاث زهرات لا أعرف اعمارهن بعد, أحقيقي أنك لم تحاول البحث عن السبب, ولكنك حاولت البحث عن حل فقط!! مع انك لو كنت حاولت التفكير فيه لكنت وفرت علي نفسك طريقا طويلا من المعاناة والقلق والتوتر والمشاحنات الزوجية, السبب هو أن جسدك قد سئم الغذاء الذي تقدمه له, وبدلا من أن تفكر في بدائل لهذا الغذاء لا قررت أن تزيد له كمية الغذاء الذي تبتلعه بالتفكير في أخري وأخري, ولكنه أقسم علي هذا أنه لن يشبع ابدا كل ما سوف يحدث أنه قد يهدأ قليلا ثم يعود ليطاردك مرة أخري لتبحث له عن غذاء أكثر وأكثر إلي أن تدخل في دوامة تنتهي بفقدانك كل شيء. الحل كان في يدك ومازال التفت حولك لوهلة, التفت لعائلتك الجميلة التي أنا نفسي أنتمي عائلة مثلها التفت لبناتك اللاتي يرونك مثلهن الاعلي التفت لازواجهن في المستقبل ان شاء الله التفت ان هؤلاء الأزواج سيجدون فيك ذريعة لارتكاب كل الأخطاء, وتبرير خيانتهم الزوجية المتكررة فإن كنت تسعي للحلال والزواج هم سيسعون للعلاقات المشينة وتبريرها انهم لم يفعلوا مثلك ويتزوجوا علي أم بناتهن. فهل ترضي كل هذا فعلا!! وبعيدا عن كل هذا التفت حولك الآن, ونحن في مرحلة فاصلة في حياة مصر ألا يشغلك كل هذا!! يا الهي سبحانك, هناك من يضحون بحياتهم كلها من أجل هدف سام يعليهم ويعلي من شأن أسرهم. ويعلي من شأن مصر, وأنت تريد أن تضحي بكل شيء من أجل مثل ما يقولون أن تأخذ حقك في الحياة تالت ومتلت! ولصاحبة رسالة الحزن المجهول أننا لن نحزن باقي عمرنا علي غلطة أيا كانت وعمر الحزن ما يحل أي مشكلة إنهضي وواجهي مشكلتك وانشغلي بالحياة ومشكلاتها, مشكلتك لن توقف العالم, ولا حياتك أيضا برحيلك قد توقفها, ولكن الحياة قد تتغير فعلا بمشاركتك فيها فكري كم شخصا يحتاجك يحتاج حتي صداقتك أو عطفك ودعك من هذا الشخص فمنه لله الذي لن يهمله ابدا. نحن نحتاج القليل من التفاؤل والعمل وإن شاء الله سنصل لبر الأمان.