حملت لنا تعاليم الشريعة الإسلامية الكثير من المعاني التي تدل علي ضرورة تحقيق التكافل بين أبناء الأمة الاسلامية, وفي الوقت الحالي يمر الكثير من البلاد الإسلامية بظروف إقتصادية صعبة وصاحب ذلك انتشار البطالة بين الشباب وارتفاع معدلات الفقر نتيجة توقف كثير من الأعمال والمشروعات, والمؤكد أن الأثرياء في المجتمع المسلم عليهم دور لمواجهة تلك الصعاب من خلال التبرع بالأموال وخصوصا التي تصرف علي الحج والعمرة لمن أدي الفريضة قبل ذلك, لأن ذلك سيحمي المجتمع من المشكلات التي تصاحب انتشار الفقر والبطالة. يقول الدكتور فياض عبدالمنعم أستاذ الاقتصاد الإسلامي بكلية التجارة جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية كلها عدل ورحمة, والإسلام عالج قضية الفقر من خلال الدعوة لإخراج الزكاة والتصدق علي الفقراء والمساكين, وحدد الإسلام أوجه صرف تلك الأموال, ولذلك فالظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الكثير من البلاد الإسلامية في الوقت الحالي تستدعي تحقيق مبدأ التكافل بين المسلمين ليس في الوطن الواحد لكن في كل البلاد الاسلامية فهناك ضرورة لتطبيق هذ الفكرة في كل بلد إسلامي علي أن يتم توجيه تلك الأموال للبلاد الأكثر فقرا حتي نحمي المجتمع المسلم من انتشار الجرائم التي تصاحب الفقر والبطالة. ويطالب بأن تكون هناك هيئات اقتصادية إسلامية تدير تلك الأموال أو تقوم بإنشاء صندوق خاص بها ويتم إنشاء مشروعات اقتصادية عملاقة في البلاد الإسلامية تستوعب العمالة من الشباب من مختلف الدول الاسلامية, وأيضا فمن الممكن أن تستخدم تلك الأموال في إصلاح المرافق العامة والمستشفيات والمدارس في البلاد الاسلامية التي عانت في الفترة الأخيرة من أحداث تكاد تعصف باستقرارها. ويضيف أن إرساء مبدأ التكافل ومساعدة المحتاجين ضرورة شرعية لأن الشريعة الإسلامية تنظر إلي تقوية الأمة إقتصاديا علي إنها مقصد شرعي أساسي, فالقوة الإقتصادية للمجتمع المسلم ضرورة تتحقق بالعمل الجاد والسعي نحو كسب الرزق الحلال الذي يكفي حاجة الإنسان ومن يعول ويتصدق ويعطي المحتاجين, هذه القضية ندخل لها من منظور المقاصد والأهداف الكلية للنظام الإسلامي, فهناك ضروريات وهذه الضروريات تبلغ أهميتها وتزداد عندما تمس جانبا كبير من فئات المجتمع المسلم. ومن جانبه يقول فضيلة الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق: إن الله عز وجل قد فرض الحج علي الإنسان القادر الذي يملك المال ويستطيع أداء تلك الفريضة, والحج مرة واحدة في العمر, والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم حج مرة واحدة وأدي العمرة أربع مرات, فمن يمتلك المال ويريد أن يقوم بأداء الحج أو العمرة أكثر من مرة فهذا أمر محمود ويتمناه الكثير من المسلمين لأن زيارة بيت الله الحرام حلم لكل مسلم, لكن من قام بأداء فريضة الحج ولديه من المال ما يكفيه فإنه لو تبرع بهذا المال لخزينة الدولة أو للمستشفيات التي تعالج الأمراض الخطيرة وتعاني من نقص في الخدمات وتحتاج لدعم فإن ذلك يعد ضرورة شرعية وله الكثير من الثواب عند الله عز وجل كما أنه واجب ديني وأخلاقي. ويضيف أن الشخص الذي لديه مال ولم يقوم بأداء الحج أو العمرة فعلية أن يؤدي الفريضة أولا ولا يتبرع بهذا المال, لأن هناك أولويات وأداء الحج فريضة ومن أركان الإسلام, ويؤكد علي أن الشريعة الإسلامية حملت الكثير من المعاني التي تدل علي ذلك في قول الله تعالي ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتي المال علي حبه ذوي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتي الزكاة وهنا تقع المسئولية علي عاتق الدعاة وعلماء الدين في توضيح تلك المفاهيم التي تغيب عن كثير من الأثرياء.