هذه الحكاية التي حدثت بالفعل تؤرخ للحقبة التي دارت فيها أحداثها, وترسم لنا كيف كانت المدرسة والمدرسون وعلاقتهم بالطلبة وأسرهم, وأهديها لوزارة التربية والتعليم وللمعلمين خاصة في المرحلة الابتدائية. والموضوع ببساطة أنه كان لي أخوة وأولاد عم يكبرونني وكانوا تلاميذ بنفس مدرستي ولما كانوا جميعا ملتزمين ومتفوقين فقد اهتمت بهم إدارة المدرسة متمثلة في مديرتها النشيطة وكانت المدرسة وهي حكومية بحي شبرا تصدر مجلة تبرز فيها الأنشطة وكانت تطبع علي ورق مصقول بغلاف جيد مدعومة بالصور الفوتوغرافية, وكان أخي الأكبر يتقن العزف علي الكمان علاوة علي التمثيل, وكم حضرنا حفلات المدرسة علي أعرق مسارح الدولة مثل مسرح الجمهورية, وكذلك المنافسات الموسيقية والعلمية,, وأكمل أخي دراسته وحافظ علي تفوقه وتخرج في قسم هندسة الطيران. أما أبلة فيولا فلها قصة, فالذي حدث أني وجدتها يوما وكنت وقتها في الصف الخامس تطلب مني ضرورة حضور ولي أمري, ولما كنت من الجادين في الدراسة وألتزم بقواعد السلوك التي تعلمتها من الأهل فقد تعجبت من ذلك الأمر فأن استدعاء ولي الأمر يرتبط غالبا بالمخالفات, ولما أخبرت والدتي استغربت الأمر أيضا وعندما ذهبت لمقابلة أبلة فيولا ظللت أرقب الموقف لمعرفة سبب الاستدعاء, ولما عدت إلي البيت عرفت من والدتي أن أبلة فيولا لاحظت أني قليل الحركة ولا أهرول إلي الفسحة علي طريقة الآخرين من الزملاء, أو كما عبرت- هادئ زيادة عن اللزوم, وطلبت من والدتي أن تعرضني علي الطبيب إن كانت هذه حالتي في البيت أيضا, وأخبرتها أمي أني أميل للهدوء, ولكن الأمر لا يخلو من شقاوة أحيانا مثل كل الأولاد في سنه, ومازلت أذكر تلك الواقعة وأشكر أبلة فيولا حرصها ودقة ملاحظتها لطلبتها. كم كانت المدرسة تعلمنا وكم قصصت لأولادي من ذكريات عنها! د. رائد منصور الأستاذ بطب الأزهر