(1) عبدالناصر يكشف أسرار التاريخ قبلنا الوحدة لإنقاذ سوريا من الشيوعية لم يحدث أن لعبت دولة في دماغ دولة أخري وفي تاريخها وقدرها كما فعلت سوريا مع مصر. وأهمية هذا المحضر لإجتماع مجلس الوزراء يوم11 أكتوبر1691برياسة الرئيس جمال عبدالناصر قبل05 سنة وبعد21 يوما من حدث الانفصال بين مصر وسوريا أنه يكشف كيف أثر الانفصال علي تفكير عبدالناصر وجعله يقرر إعلان الحرب علي كل الأغنياء وتجريدهم من فلوسهم حتي لا يشتري بها أحدهم من يقوم بانقلاب علي ثورة يوليو. ورغم ان عبدالناصر بدأ الاجتماع بالحديث عن الأفكار الثائرة والغاضبة التي خرج بها من الوحدة, إلا أنني رأيت أن أغير قليلا في سيناريو نشر المحضر دون المساس بمحتواه وأن أبدأ بخبايا الوحدة بين مصر وسوريا وهي الكلمة التي استخدمها عبدالناصر بعد أن تبين أن معظم الوزراء الذين حضروا الاجتماع لم يكونوا علي معرفة بها, وكانت أول مرة يحكي ويكشف فيها عبدالناصر تلك الأسرار. وانقل عن المحضر ماقاله الرئيس عبدالناصر نصا: السيد الرئيس: إن خبايا الاتحاد مع سوريا يمكن أن تكون غير معروفة, لقد وقفت معنا سوريا مائة في المائة شعبا في أعوام55 و65 و75 و.85 وفي أواخر عام5591 توصلنا إلي تكوين القيادة العسكرية المشتركة. وعين المشير عبدالحكيم عامر قائدا عاما للجيش السوري المصري. وإندفعنا في هذا الي اقصي ما يمكن. وفي عام7591 حاول شكري القوتلي( رئيس سوريا في ذلك الوقت) أن نعمل اتفاقا ثلاثيا مع الأردن, وأرسل لي رسالة بهذا الخصوص وقد عارضت فكرة تكوين قيادة مشتركة بين الأردن ومصر وسوريا وارسلت إلي القوتلي أبلغه بوجهة نظري عن الأردن التي لا يمكن إعتبارها دولة عربية خالصة. ولكن السوريين ضغطوا علينا ضغطا شديدا وعلي أساس ان في الاردن حركة وطنية. ولم اكن مقتنعا بهذا المنطق ولكن نتيجة لالحاح السوريين قبلت وضعا غير مقتنع به, وهذا خطأ لأنني قبلت وضعا غير متفق مع تخطيطنا. وبعد العدوان علينا في65( العدوان الثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) حصل تخطيط إنجليزي ووقع انقلاب في الاردن قضي علي العناصر الوطنية وقيل بأنه يوجد انقلاب مصري سوري شيوعي. وفي أحد أيام عام.8591 والكلام مستمر لجمال عبدالناصر حضرت بدون إذن طائرة سورية تقل02 ضابطا وقابلوا المشير عبدالحكيم عامر. ولم أتقابل معهم حيث كنت في زيارة لمدينة الأقصر في هذا الوقت مع ضيف مصر الرئيس أحمد سوكارنو( رئيس دولة أندونيسيا), وقالوا للمشير عامر إنهم إجتمعوا مع الجيش ووجدوا ان سوريا في خطر وتواجهها كارثة لتنازع أربعة أحزاب علي الحكم, وأن الباب مفتوح أمام الشيوعيين وسينقضون علي سوريا. والحل الذي اتفق عليه الجميع لإنقاذ سوريا هو طلب الوحدة من جمال عبدالناصر واتخذ البرلمان قرارا بالوحدة وفوجئت بالوحدة وكان موضوعا لم استطع بحثه. وحضر الضباط في فبراير85 وقالوا انهم توصلوا الي حل وهو الوحدة. قلت لهم ما رأي الحكومة ورئيس الجمهورية السورية شكري القوتلي, فقالوا بإنهم أرسلوا وفدا لشكري القوتلي الذي اعلن أنه لن يوافق علي الوحدة الا برضاء الجيش. فقلت لهم لا يمكن القبول بهذا لأنكم لستم حكومة سوريا, وحتي لا تتم الوحدة عاطفيا بهذا الشكل لأنها تحتاج إلي خمس سنوات ومن الافضل أن نبدأ بوحدة عسكرية وسياسية وثقافية وأخيرا النواحي الدستورية, لكننا إذا قبلنا الوحدة مباشرة فستقابلنا الصعاب, واننا علي استعداد لعمل برنامج لمدة خمس سنوات كتمهيد للوحدة الدستورية, ثم قابلتهم ثاني يوم في مجلس الامة حيث كانت هناك حفلة عشاء احتفالا بالدستور, وبعد العشاء بلغني منهم بأنهم تلقوا رسالة من دمشق بأن الحكومة وافقت علي مطالبهم وسوف ترسل مندوبا عنها لطلب الوحدة رسميا, وحضر صلاح البيطار مندوبا عن حكومة سوريا يطلب رسميا الوحدة, وقلت بإن هذا المطلب يعتبر عملية عاطفية وسياستنا هي القومية العربية.. وهي سياسة الأشباح لأن أعداءنا عندما يريدون ضربنا فلن يجدوا الهدف الذي يضربونه, ولكن إذا تمت الوحدة تحولت الأشباح الي حاجة مادية. ولم أعرف سوريا حق المعرفة في ذلك الوقت, جلسنا جلسة طويلة نتناقش, وكان من بين هؤلاء الضباط ضابط شيوعي كان أشدهم تطرفا في طلب الوحدة وهو عفيف البذري وكان في هذه الجلسة المشير عبدالحكيم عامر, وقلت لهم بإننا لن نقبل الوحدة بهذه السرعة فقالوا بإن سيادتكم تتكلم عن الوحدة العربية, وسوف تواجه الامر الواقعي بانهيار سوريا وضياعها فكأن سوريا لن تهمك.. فقلت لهم بأنكم ضباط في الجيش, واذا تمت الوحدة فسوف أخرجكم منه, فقالوا نقبل هذا الوضع, فقلت لهم ليس عندنا في مصر أحزاب, ولا أريد احزابا سورية, لأن الحزب الشيوعي يتلقي تعليماته من موسكو, والأحزاب الرجعية تتلقي تعليماتها من الغرب, وقد وافقوا علي عدم وجود أحزاب, وقابلت صلاح البيطار الذي حضر مندوبا عن الحكومة السورية ومعه مطلب رسمي بالوحدة, وأصبح الوضع: الجيش والحكومة يطلبان الوحدة, ونحن الذين نتزعم حركة القومية العربية نطالب بالوحدة وتعرض علينا ونرفضها, وكانت حجة هؤلاء في طلب الوحدة إذا لم تتم الوحدة ستضيع سوريا فكان جوابي نبحث الامر ويستدل من هذا أن الوحدة تمت بانقلاب عسكري سوري في سوريا, لأن الضباط أرسلوا02 ضابطا لشكري القوتلي بشرط موافقة الحكومة, واصبح كل واحد من المسئولين في سوريا يشكل نفسه علي أساس الامر الواقع, وبعد موافقتي علي طلب الوحدة حصل انقسام, قال الضابط الشيوعي بأننا تسرعنا في طلب الوحدة وأن دعوتنا لها رد عنيف فالشيوعون ضد الوحدة لأنهم كانوا علي ثقة بأنني لن أقبل الوحدة ولهذا انساقوا الي الدعوة من أجلها, وكان غرضهم لو رفضت طلب الوحدة الادعاء علينا بأن مناداة مصر للوحدة العربية والقومية العربية باطلة وللاستهلاك المحلي.. حضر شكري القوتلي الي القاهرة وتم التوقيع علي طلب الوحدة ثم وقف شكري القوتلي وقال هذا يوم من أيام عمري هذا اليوم من أيام التاريخ الي آخر خطبته. والآن رأيت الامور علي حقيقتها والتاريخ يكتب بغير الواقع, والوضع كان غير مستقر.. خمسة ضباط كانوا يحضرون اجتماع الوزارة السورية وتتم الموافقة علي القرارات علي الصورة التي يراها الضباط, لقد قلت لهم إنه يوجد أمامي في مصر خمس مشاكل واننا بدأنا نستريح, وباتمام الوحدة سيكون أمامي خمسة وعشرون مشكلة.. وسارت الامور في مجراها الاساسي, وبعد شهر من الوحدة بدأ التدريب لأول انقلاب في سوريا, واتضح هذا من إجراء عفيف البذري بنقله بعض الضباط الشيوعيين في مناطق معينة, واحتك مع المشير عبدالحكيم عامر وقدم استقالته, وبعد شهر ونصف الشهر من الوحدة بدأ كل واحد في سوريا يستعد لعمل انقلاب, لأنه يري أن الوحدة فرضت عليه من الجيش أقول هذا حتي تعرف الصورة الحقيقية للوحدة. ومازالت القراءة متواصلة في محضر مجلس الوزراء من05 سنة! المزيد من أعمدة صلاح منتصر