تطالعنا بعض الصحف اليومية وبعض قنوات التليفزيون بمادة اعلانية تخاطب مشاعر ووجدان المتلقي وتثير في نفسه الشفقة والعطف علي الاطفال الأيتام ومجهولي النسب تحت معني اكفل طفلا يرعاك في الكبر. قد لايكون هناك اختلاف حول هذا المعني اذا كان له إطار يحكمه ويتفق مع صحيح الدين والشريعة الاسلامية التي وضعت لهذا الامر قواعد تصون مشروعية الأنساب, فكلنا يعلم ان الاسلام اهتم بموضوع النسب اهتماما كبيرا حتي إن الفقهاء يعتبرون النسب من المقاصد الشرعية الكبري التي يجب الحفاظ عليها, ومن هنا قال صلي الله عليه وسلم: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم وذلك لان النسب تترتب عليه آثار كبيرة منها الميراث وثبوت المحرمية والحضانة والولاية وغيرها من الاحكام الفقهية ومن ادعي إلي غير أبيه أو انتمي الي غير مواليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين رواه البخاري. والاسرة البديلة نظام وضعه القائمون علي جمعيات كفالة الأيتام طلبا للمساعدة من الاسر التي لم يرزق اهلها بالاطفال بحيث تقوم بضم طفل أو أكثر الي كفالتها في البيت تضمن له الحنان والعطف والرعاية, علي أن يتم ذلك وفق قواعد تحددها وزارة التضامن الاجتماعي. وجاء الحكم الشرعي حول هذا الاقتراح بأن كفالة الأيتام من الواجبات الشرعية علي كل فرد قادر علي الاسهام في هذه الكفالة. غير أن هذا الاقتراح ينبغي ان توضع له بعض الضوابط الشرعية حتي لا تقع أي مخالفات تتعارض وحكم الشرع, فلا يجوز لهذه الأسرة البديلة أن تنسب هذا الطفل المكفول اليها وتعطيه اسمها, والقرآن واضح في النهي عن ذلك أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله والحديث الشريف يقول: من دعي إلي غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام ولذلك يجب الاحتفاظ بالاسم المستعار الذي اطلق عليه في دار الرعاية التي تسلمته في بادئ الأمر. ومن الضوابط الشرعية ان تقتصر فترة الرعاية والكفالة علي ما قبل البلوغ ثم يعود المكفول الي دور الرعاية مرة ثانية تجنبا للوقوع في المحرمات ومغبة اختلاط الأنساب وهما أمران يهددان سلامة البناء المجتمعي, اذا لم تكن هناك ضوابط رقابية تفرض علي الكفيل الالتزام بها بكل حزم ووضعه تحت طائلة القانون حال ثبوت المخالفة, ففي ظل غياب الرقابة والمتابعة المستمرة استطاعت بعض الاسر البديلة تحت ضغط عاطفي ونفسي ان تخفي الأوراق الرسمية الاصلية التي تحفظ هوية المكفول والمسلمة لهم عند بداية اجراءات الكفالة, ويتم استخراج اوراق ومستندات جديدة تحمل بيانات مغايرة تنسب المكفول الي اسم الكفيل بالتزوير وفي ذلك مخالفة جسيمة نهي عنها الشرع والقانون, وتؤدي الي اختلاط الانساب وضياع الحقوق الشرعية( مادية ومعنوية) علي أصحابها الشرعيين, ولابد من التصدي لهذه الحالة بكل قوة حتي لا نكون أمة ملعونة ضاع الحق بيد أهلها.