واصلت القوات التابعة للمجلس الانتقالي في ليبيا أمس هجومها علي جميع المحاور, باتجاه عمق مدينة سرت مسقط رأس الزعيم الهارب معمر القذافي, علي أمل أن تكون تلك المعركة هي الأخيرة, وسمع دوي انفجارات في مختلف أنحاء المدينة المحاصرة بينما تصاعدت أعمدة الدخان في سماء سرت.وذكر قادة عسكريون أن الاشتباكات زادت كثافتها فجر أمس, ومازال الموالون للقذافي يسيطرون علي بلدة بني وليد في الجبال الوسطي, لكن زعماء عسكريين ليبيين يرون أنه من المهم أولا تحرير سرت. وقالت مصادر عسكرية إن الهجوم استهدف القوات الموالية للقذافي التي تتخندق داخل المدينة الساحلية, ونقلت هذه المصادر عن الميدان بالقول إنهم يعتقدون أن عددا من كبار مسئولي نظام القذافي, وبينهم نجله المعتصم, يختبئون داخل المدينة. وفي الوقت نفسه, ذكرت قناة ليبيا الحرة أن الثوار تمكنوا من السيطرة علي مقر كتيبة الساعدي القذافي, نجل العقيد الهارب, والمنطقة رقم واحد في سرت. وأضافت أن الثوار وجدوا مقر الكتيبة مهجورا, وعددا من الطائرات المحطمة علي أرضية المطار الصغير الذي يتبع المقر, لكن قوات القذافي تبدي مقاومة شرسة. ومع احتدام المعارك بين الطرفين حذرت منظمات حقوقية دولية من تدهور الوضع الإنساني في المدينة المحاصرة منذ أسابيع, كما عثر الثوار علي كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة, وعلي مقتنيات تركتها فلول الكتائب إثر فرارها. وقد فر آلاف المدنيين من المدينة مع اشتداد حدة القتال مخلفين وراءهم وضعا إنسانيا يزداد بؤسا وسط دوي الانفجارات في أرجاء المدينة.وأشار العقيد أحمد العبيدي أحد قادة المجلس الوطني الانتقالي العسكريين إلي ضربات قوية في جميع الاتجاهات متعهدا بإنهاء المهمة والسيطرة علي سرت خلال يومين.وقال أطباء في مستشفي ميداني شرقي سرت إنهم سمعوا انفجارا هائلا داخل المدينة بعد منتصف ليلة أمس الأول. وقال العبيدي إن الانفجار وقع بعد أن أصابت قواته مخزنا للأسلحة يخص أنصار القذافي.وفي مستشفي ميداني علي بعد عدة كيلومترات غربي سرت نقلت عشرات سيارات الإسعاف50 مقاتلا ومدنيا علي الأقل أصيبوا في القتال, ومعظمهم مصابون بإصابات خطيرة.من ناحية أخري أرسل برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة مساعدات غذائية إلي نحو47 ألف شخص من النازحين جراء القتال العنيف الدائر في مدينتي سرت وبني وليد في ليبيا, حيث وصلت شحنات إضافية إلي بلدات تقع في إقليم فزان في أقصي الجنوب الليبي. ومن جهة أخري حذر أيان مارتين مستشار الأمين العام للأمم المتحدة لشئون تخطيط ما بعد الأزمة في ليبيا قوات المجلس الوطني الانتقالي من الأعمال الانتقامية بحق أهالي مدينة سرت, بعد فرض سيطرتهم علي هذه المدينة التي تعتبر معقل القوات الموالية للزعيم المخلوع معمر القذافي.وقال مسئول أمريكي كبير في وزارة الدفاع ان قيادة الحلف الأطلسي تعتبر أن الزعيم الليبي معمر القذافي فقد السيطرة علي القوات الموالية له ويكاد ينهزم في مسقط رأسه بمدينة سرت.وأشار المسئول إلي ان ضباطا في الحلف الأطلسي ابلغوا وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا بهذه المعلومات خلال اجتماع جمع الطرفين في نابولي يوم الجمعة الماضي. وأضاف: أن القذافي لم يعد له فعليا اي سيطرة علي القوات العسكرية الموالية له,وأن مصير معركة سرت سيحدد بشكل كبير مستقبل الهجمات الجوية التي يقوم بها الحلف الأطلسي, مشيرا إلي ان المجلس الوطني الانتقالي قادر علي السيطرة علي كامل البلاد إلا انه لا يزال بحاجة إلي تحسين قدراته التنظيمية. وفي واشنطن: قال مسئول أمريكي رفيع المستوي إن قادة عمليات حلف شمال الأطلسي( ناتو) يعتقدون بأن القوات الموالية للعقيد معمر القذافي باتت علي وشك الهزيمة في سرت, وهي خطوة ضرورية من أجل إنهاء عمليات الحلف في ليبيا. وأضاف المسئول الأمريكي الذي رفض الكشف عن هويته حسبما أفادت قناة( الجزيرة) الفضائية أمس ان القذافي فقد السيطرة علي مقاتليه, مرجحا بأن هزيمته في سرت آتية علي الارجح خلال ايام أو أسابيع. وقد بحث جلال الدغيلي وزير الدفاع الليبي بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي في طرابلس الليلة قبل الماضية مع كل من وزيري الدفاع البريطاني ليام فوكس والإيطالي أينياتسو لاروسا لبحث إمكانية التعاون المشترك بين ليبيا وبريطانيا وإيطاليا في المستقبل, ودعم الموقف علي الحدود الليبية بالتقنية الأوروبية والتكنولوجيا الحديثة لمنع التهريب عبر الحدود. يأتي ذلك في وقت تتسابق حكومات وشركات غربية, بعد انهيار نظام القذافي, بخطي حثيثة للاستحواذ عل كل الوثائق والمستندات الخطيرة التي تثبت تعاملاتها مع العقيد الليبي في السابق للتخلص منها وتدميرها بالكامل.ونقلت صحيفة ذي تايمز عن مصادر أمنية شرق أوسطية أنه تم تكليف فرق مخابراتية وشركات أمن خاصة بمهمة جلب أو تدمير أية أدلة علي تعاملات قد تكون مصدر حرج لجهات معينة تعاملت في السابق مع نظام القذافي. ويأتي هذا التطور- بحسب الصحيفة البريطانية- بعد اكتشاف كميات كبيرة من الوثائق السرية في عدد من المقار الحكومية عقب سقوط العاصمة الليبية طرابلس بيد الثوار في أغسطس الماضي.وكشفت الوثائق التي عثر عليها في مكتب وزير الخارجية السابق موسي كوسا في طرابلس مدي التعاون والارتباط الوثيق بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا من جهة والقذافي من جهة أخري, وتحديدا في المرحلة التي تلت رفع اسم ليبيا من قائمة ما تطلق عليهم أمريكا الدول المارقة.