قرأت باهتمام بالغ رسالة الزوج الكسول التي تتضرر فيها زوجة من كسل زوجها الشديد.. وتتساءل: هل تطلب الطلاق؟ أم تستمر في علاقتها معه, وتتولي هي المسئولية كاملة بالنسبة للبيت والأولاد؟ وقد دفعتني هذه الرسالة للكتابة اليك لأروي لك تجربتي, وأقول لك: إنني تزوجت منذ 31 عاما زواجا تقليديا بنظام الصالونات, ودون أن تكون هناك فترة خطبة كافية للتعرف علي طباع زوجي, واكتشفت فجأة أنه كسول لا يكاد يبرح مكانه مع أن عمره لم يتجاوز 28 عاما!, فهو لا يحب العمل, وقد يقضي عدة أيام في المنزل وأنا في العمل!.. وكان يومه كله نوما طوال النهار وسهرا طوال الليل مع شلة معارفه علي المقهي, ولا يرجع الي البيت إلا صباح اليوم التالي, وهو متعب ومنهك فينام.. وهكذا دواليك! لقد كان زوجي يعمل في القطاع الخاص, وكما تعلم ياسيدي, فإن الالتزام بالمواعيد هو شرط الاستمرار في هذا المجال, ولذلك لم يكن يستمر في أي عمل يلتحق به أكثر من شهر واحد ثم يجلس بعدها ستة أشهر علي الأقل بلا عمل.. ولقد فوجئت بذلك فأصابني نوع من الإحباط, لكني تماسكت وانهمكت في عملي وبيتي علي أمل أن ينصلح حاله, وان يوقن أن استقرار بيته هو الهدف الأسمي الذي يجب أن يصل اليه, ولكن استمرت الحال كذلك 11 سنة كاملة. ورزقنا الله بأطفال كبروا ودخلوا المدارس, فلم يشعر بمسئوليتهم, وصرت أنا الأب والأم لهم.. وصار يومي مشحونا منذ الصباح الباكر وحتي موعد خلودنا الي النوم.. فأعد طعام الإفطار واصطحب الأولاد الي المدارس ثم أذهب الي عملي, وأعود في مواعيد خروج التلاميذ من المدارس لكي أخذهم معي, وأسابق الزمن لإعداد طعام الغداء ثم ارتب لهم المذاكرة, وأقوم بشئون المنزل كاملة, وكل الطقوس اليومية أتحملها وحدي, وزوجي نائم أو جالس علي المقهي مع شلته.. وتحملت كل العذاب عسي أن يتغير مع الأيام أو يلين له جانب من كثرة كلامي معه.. ولكن هيهات.. ولجأت الي أهلي وأهله, وطالت جلسات الحوار والمناقشة فلم يفكر حتي في دفع فاتورة التليفون أو الكهرباء, أو حتي الاهتمام بالوقوف مع النجار أو السباك لإصلاح عطل في المنزل.. منتهي السلبية, وانتهوا جميعا إلي ان هذا نصيبي وعلي أن أتأقلم مع زوجي بكل سلبياته من أجل الأولاد. لكنني أصررت علي طلب الطلاق فأنا في كل الأحوال مسئولة عن أولادي.. ولكن عندما أقوم بهذه المسئولية بمفردي ودون وجود شريك ولو بالاسم فهذا افضل لي علي الأقل من الناحية النفسية.. وانفصلنا منذ أكثر من عشرين عاما.. وسارت الأمور كما هي, وكبر أولادي وتخرج بعضهم في الجامعة, والباقي في الطريق, ومازال أبوهم عاشق المقهي, جالسا عليه, وقد تعدي سن الستين, وهنيئا له روقان البال! انني أردت أن أقول إن الرجل الكسول سيظل كذلك حتي رحيله عن الحياة, ولا أمل في إصلاحه, وأقول لكاتبة رسالة الزوج الكسول اختاري طريقك, بنفسك فإذا كنت تستطيعين الحياة بمفردك بعيدا عن زوجك فلا تترددي في القرار, لأن هذا أجدي وأفضل لك.. والمهم هو ان تكون لديك العزيمة والقدرة علي الاستمرار بسفينة الحياة, والوصول بها الي بر الأمان!! البيت الناجح يقوم علي قاعدة اساسية بأن الزوج هو المسئول عن الأسرة وهو الذي يعمل ويتولي تلبية متطلبات المنزل والحفاظ علي كيان الأسرة.. وأن الزوجة ترعي شئون البيت وتهتم بالاولاد.. فاذا اختلت هذه القاعدة وحدث خلل فيها هنا تكون المشكلة وتثور الأزمات بين الزوجين ويهتز ميزان الاسرة.. ولو فتشنا في أسباب الطلاق وارتفاع نسبته لوجدنا ان عدم قيام الزوج بمهامه الاسرية هو السبب الأول والرئيسي في انفصاله عن زوجته.. فانصرافه إلي نفسه وعدم اكثراته بمهمته كأب يلقي بأعباء مضاعفة علي الزوجة التي تجد نفسها.. رجلا وامراة في آن واحد.. كما هو في حالتك ياسيدتي.. واذا كنت قد نجحت بعزيمتك وقدرتك علي مواجهة شدائد الحياة في العبور بأولادك إلي شاطئ الامان, فإن كثيرات قد لا يستطعن ذلك فتنهار الأسرة ويتشرد الاولاد.. ومن هنا فإن نصيحتي للزوج الكسول ان يفيق من غفلته وأن يدرك المثل القائل من شابه أباه فما ظلم وان أولاده سوف يكونون علي شاكلته.. ولن تقوم لهم قائمة مادام هو غير مدرك أبعاد ما يفعل. فعشق الجلوس علي المقهي والاسترخاء أمام التليفزيون قد يكون امرا لا غبار عليه اذا كان ذلك في وقت الراحة والفراغ اما ان تكون الحياة كلها علي نفس المنوال.. فهذا مرض لا يرجي الشفاء منه الا بمراجعة النفس ووضع حد لهذا السلوك غير المسئول. أرجو ان تكون رسالتك تحذيرا للآباء الذين ينتهجون نفس منهج مطلقك في الحياة فتربية الاولاد أسمي هدف للانسان ويجب ان يعي الجميع خطورة الكسل وعواقبه قبل ان يأتي يوم لا ينفع فيه الندم.