الشرق الأوسط, تلك البقعة الساخنة والملتهبة من العالم, تشغل دائما بال الجميع في كل القارات لما لها من أهمية استراتيجية, فما يحدث فيها يؤثر علي العالم كله. ولا تحظي تلك المنطقة باهتمام السياسيين والعسكريين فقط بل والسينمائيين أيضا ومنهم المخرج الأمريكي' هاري هانكلي' الذي عرض له الاسبوع الماضي في عدد كبير من سينمات الولاياتالمتحدة الفيلم الوثائقي( القنوات السرية ثمن السلام) الذي يتناول اتفاقية كامب ديفيد بعد أكثر من ثلاثين عاما من توقيعها بين مصر وإسرائيل. ويستعرض من خلال أحداث الفيلم ما مر بالمنطقة من أحداث منذ أيام سيدنا ابراهيم وحتي حرب اكتوبر1973 مستخدما تكنيك القنوات الاخبارية العالمية مثلCNN. ويوضح هانكلي أن هدف الفيلم إظهار مدي أهمية الشرق الأوسط للجميع وأنه منطقة لا يمكن تجاهلها أو تجاهل تاريخها خاصة هذه الأيام التي تشهد عدة ثورات عربية أهمها الثورة المصرية ومحاولة إعلان قيام الدولة الفلسطينية في الأممالمتحدة. ويؤكد هانكلي في حديث لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن السلام بين مصر وإسرائيل هو القاعدة أو الركيزة الأساسية للسلام في الشرق الأوسط, وتتضمن أحداث الفيلم لقاءات مع الشخصيات التي عملت مع الزعماء الثلاثة المصري أنورالسادات والأمريكي جيمي كارتر ورئيس وزراء إسرائيل الراحل مناحم بيجين, وهم الثلاثة الذين غيروا العالم بما حققوه من إنجاز علي حد قوله. ويقول هانكلي: لقد أردت أن أوضح لمشاهدي الفيلم أن ما حدث في الماضي يمكن أن يحدث أو يتكرر مرة أخري ويضيف نحن نحتاج اليوم إلي سياسيين أقوياء يتمعتون بالشجاعة لكن للأسف هؤلاء اختفوا من عالم اليوم فالثمن الذي دفعه السادات وكارتر وبيجين كان غاليا وباستثناء اسحق رابين لم يجرؤ أي زعيم آخر علي السير بجدية في اتجاه السلام. وقد ولد هاري هانكلي في مدينة فيرمونت وبعد أن انهي دراسته للعلوم السياسية اتجه للعمل في مجال مختلف عما درسه حيث عمل كمخرج أفلام تسجيلية للتليفزيون وتركز نشاطه في مدينة نيويورك وسلسلة أفلام' أسرار نيويورك' منحته شهرة كبيرة في مجال الأفلام التسجيلية ومهدت الطريق أمامه لاخراج أفلام أخري. ومنذ عامين بعد انتهاء عمله في فيلم عن مارتن لوثر كينج قام بمغامرة تجول فيها في عدد من دول العالم لجمع المادة الخاصة بفيلمه القنوات السرية, يقول هانكلي: سافرت وفريق العمل إلي مصر وإسرائيل وفرنسا والنمسا وتجولنا في أنحاء الولاياتالمتحدة وكنت مندهشا من الحماسة التي أبداها من التقينا بهم ممن ساهموا في توقيع اتفاقية كامب ديفيد قبل30 عاما. وتتناول أحداث الفيلم لقاءات مع الأشخاص الذين عملوا خلف الستار أو في الكواليس لدفع مسيرة السلام مثل الدبلوماسي المصري عبد الرءوف الريدي ومستشار الامن القومي الأمريكي بيل كواند ورجل الأعمال الأمريكي ليون تشيرني والجنرال الإسرائيلي أبراهام تامير.. هذا الفريق كما يقول كان مدهشا, ويدرك هانكلي أن للسياسة في الشرق الأوسط تأثيرا مباشرا علي كل أمريكي ويعترف بأن الولاياتالمتحدة لا يمكنها الاستغناء عن بترول المنطقة وإذا تجاهلت السياسة في الشرق الأوسط وما يدور فيه فهي بذلك تعرض مصالحها لخطر كبير. وعن الشعور السائد في واشنطن بأن علي الولاياتالمتحدة ان تنشغل بمشاكلها الداخلية وسحب جيوشها من المنطقة والتوقف عن لعب دور شرطي العالم يقول هانكلي ان ما يحدث اليوم يختلف عما كان متبعا في عهد جيمي كارتر وفي حالة وجود زعيم قوي فإن الولاياتالمتحدة تستطيع أن تدفع مسيرة السلام في الشرق الأوسط إلي الأمام. ويضيف ان عددا ممن التقينا بهم خاصة كارتر والمستشار السياسي بجينسكي قالوا كان يجب علي أوباما فور انتخابه البدء فورا في اتخاذ خطوات عملية لدفع عملية السلام. وأعتقد والكلام هنا لهانكلي أن أوباما ليس قويا بما يكفي والعواصف أو رياح التغيير التي تهب علي العالم العربي هي دليل قوي علي ضعف تأثير الولاياتالمتحدة في المنطقة. ويعرب هانكلي في حديثه للصحيفة الإسرائيلية عن أمله في أن يرجع الجميع بالذاكرة إلي السبعينيات, ليدركوا أن ما حدث يمكن أن يتكرر مرة أخري وان الوصول إلي سلام شامل يتطلب شجاعة كبيرة ومصالحة من جانب كل الأطراف المعنيين بالأمر, ويمكن كما يقول هانكلي ان يكون اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل هو حجر الأساس في تحقيق السلام الشامل وعلي عكس السادات وكارتر وبيجين يبدي هانكلي تشككه في الزعماء الحاليين, فالجميع يتحدث عن ضرورة السلام, لكن لا يوجد في الواقع زعيم قوي لديه استعداد لدفع ثمن تحقيق اتفاق سلام, ويري هانكلي ان مستقبل العالم متعلق بصمود اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل ففشل كامب ديفيد يعني اندلاع حرب ويتساءل المخرج الأمريكي في النهاية قائلا: كيف كان العالم سيبدو اليوم لو لم يقتل السادات واعيد انتخاب كارتر من جديد ؟