في الوقت الذي تقرر فيه المملكة العربية السعودية وللمرة الاولي في تاريخها مشاركة المرأة السعودية في الشوري والانتخابات البلدية نجد المرأة المصرية التي جلست تحت قبة البرلمان اكثر من نصف قرن من الزمان تحاول وتناقش وتقترح وتدافع وتهاجم في صولات وجولات تشهد عليها المقاعد والجدران فجأة تتضاءل قامتها البرلمانية وتقدم في المشروع البرلماني الجديد عن استحياء, وفي آخر بيان المشروع وبجملة مختصرة جدا ألا وهي: أن تتضمن كل قائمة مرشحا من النساء علي الأقل!! والسؤال هنا: هل هذا ماتستحقه المرأة المصرية من مجتمعها والذي تمثل فيه49% من عدد سكانه وتشارك الرجل في كل مجالات الحياة وكان لها الدور الاكبر والأعظم في ثورة25 يناير سواء كانت بالمشاركة أم قدمت ابنها شهيدا أو أختا حثت أخاها علي النزول في الميدان وغيرها من الصور التي لايستطيع مرسوم قانون برلماني وغيره من القوانين واللوائح أن يمحوها من ذاكرة التاريخ؟! وهل هذا يكفي لتمثيل المرأة في البرلمان القادم؟ د. أميرة الشنواني استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية وعضو مجلس ادارة المجلس المصري للشئون الخارجية تبدي استياءها قائلة: مصر موقعة علي الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع اشكال التمييز ضد المرأة لعام1979 وقد كانت كوتة المرأة نوعا من التمييز الايجابي المؤقت للمرأة المنصوص عليه في هذه الاتفاقية الدولية فإن الغاء هذه الكوتة في المرسوم رقم108 لسنة2011 في شأن تعديل بعض احكام قانون مجلس الشعب28 لسنة1972 كان يقتضي ان تضم قوائم الاحزاب لانتخابات البرلمان القادم عددا كبيرا من السيدات بحيث يكون في كل قائمة عدد من النساء لايقل عن اثنين في ترتيب متقدم ان لم يكن اكثر من ذلك حتي تشعر المرأة أن الثورة والعهد الجديد قد اعطاها جزءا من حقها خاصة أن تقارير الأممالمتحدة تصنف الدول ومدي رقيها بمدي مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية ومدي تقلدها للمراكز العليا. وتري د. جورجيت قلليني المحامية وعضو مجلس الشعب سابقا انه في ظل التشريع الجديد لا وجود للمرأة في الانتخابات المقبلة حيث ان هناك الكثير من التحديات التي تقابل المرأة نتيجة لكثير من الآراء والثقافات التي سادت في الشارع المصري في الآونة الاخيرة واذا كانت الكوتة هي الوسيلة المثلي التي تعين المرأة علي هذه التحديات التي تحول دون وصول مشاركتها في الانتخابات فقد كان يجب أن يكون هناك اشتراط ان تتضمن القوائم نسبة معينة ولنقل نسبة عادلة للمرأة حتي تتماشي مع شعار الثورة في العدالة الاجتماعية وبدون هذا اعتقد ان نسبة المرأة لن تزيد علي1% ومن هنا فان اشتراط ان تكون هناك امرأة علي الأقل في كل قائمة غير دستوري من منطلق أن العدالة الدستورية تلزم أن يكون هناك نسبة عادلة في تمثيلها في البرلمان وهو مايدفعني للتساؤل: هل القائمة التي تحمل عشرة أسماء بينها امرأة واحدة علي الأقل ستكون بالدرجة نفسها من المساواة في القائمة التي تحمل خمسين اسما تضم امرأة واحدة؟ ايضا أين المساواة والعدالة الاجتماعية هنا خاصة ان عدد الناخبات تمثيلها50% من عدد الناخبين؟ ولذا كان يجب تمثيل بما لايقل عن عشرين في المائة علي الأقل ويتم توزيعها في القائمة بطريقة عادلة ولاتوضع في ذيلها. د. شريف بسيوني استاذ القانون العام بالجامعات المصرية كان له رأي فيما قالته د جورجيت قلليني حيث اكد ان شرط امرأة واحدة علي الاقل في القائمة لايجوز دستوريا حقا, أليس فيه اي مخالفة للدستور؟ وان كان سوف يؤدي الي تضاؤل دور المرأة البرلماني وهو ماينتقص من قدرها. وبوجه عام أنا غير متفائل بالمشاركة السياسية للمرأة في الفترة القادمة واتصور أن تمثيلها في البرلمان القادم سيكون تمثيلا شرفيا. ويتفق ايضا حسين عبد الرازق عضو المجلس الرئاسي بحزب التجمع في رأيه مع استاذ القانون العام في النظرة التشاؤمية لتمثيل المرأة في البرلمان المقبل, ويقول تحسبا لذلك اقترحنا في حزب التجمع صيغة وتقدمنا بها لكل الأحزاب السياسية ومجلس الوزراء وللمجلس الأعلي للقوات المسلحة طالبنا فيها أن ينص في قانون الانتخابات علي ضرورة أن تكون30% علي الأقل من مقاعد مجلس الشعب لكل من الجنسين بمعني أن لو الأغلبية في المجلس رجال لابد أن تضمن30% للمرأة والعكس صحيح, وطالبنا بذلك حتي لا يطعن بعدم الدستورية رغم إدراكنا بأن الفقه الدستوري يعرف ما يسمي بالتمييز الايجابي للطبقات الضعيفة وأن الدستور المصري أخذ بهذه الصيغة عندما ميز العمال والفلاحين وخصص لهم50% علي الأقل من مقاعد مجلس الشعب حيث هناك48 دولة بموجب نصوص لديها في الدستور أو في قانون الانتخابات ما ينص علي تخصيص40% من المقاعد للمرأة. وتحث فريدة النقاش, رئيس تحرير جريدة الأهالي ورئيس مجلس إدارة ملتقي تنمية المرأة, كل الحركات النسائية أن تتكاتف مع القوي الديمقراطية حتي بعد نظام الكوتة الذي عاش في بعض البلدان في أوروبا الشمالية لمدة نصف قرن ومازال هناك دول تقول إنه من المبكر الغاؤه لأن التمييز الذي جري ضد النساء كان تمييزا مركبا ومعقدا وتاريخيا عقب آلاف السنين وليس من السهل إلغاؤه في سنوات قليلة, وفي النرويج, والكلام مازال لفريدة النقاش, قبل خمس سنوات أصدرت الحكومة قانونا يلزم الشركات بتخصيص40% من مقاعد الإدارة للنساء وبدأت الحكومة بتطبيق هذا القانون هي نفسها عندما أصدرته, فورا, وبالتالي نحن أمام نظام توافقت عليه نسبة كبيرة جدا من الدول وأطلقت عليه الأممالمتحدة وصف التمييز الايجابي المؤقت وثبت أنه أفضل الطرق لتلافي ما لحق بوضع المرأة من أضرار نتيجة التمييز ضدها رغم أنها تقوم بأدوار لا تقل أهمية بل ربما تزيد عن الأدوار التي يقوم بها الرجال, فهي انخرطت في العمل في نظام واسع فضلا عن عملها في الاقتصاد غير المنظم حيث أثبتت إحدي الدراسات في مصر أن النساء في المدن ينتجن32% من الثروة و42% من الثروة في الريف وأن نسبة العاملات في الزراعة هي20% من العاملين وتشكل ثلثي قوة العمل علي الصعيد العالمي, ومع ذلك لا يحصلن إلا علي10% من ثروة العالم, كما أن المرأة تقوم بأعمال هائلة غير محسوبة وغير مدفوعة الأجر في المنزل وخارج المنزل مثل الأعمال الزراعية وتربية الأطفال.. ولا تقبل بالطبع غالبية النساء أن يتقاضين أجرا من أجل أمومتهن ولكنهن يتوقعن من المجتمع أن يكافئهن لأنهن يجددن الجنس البشري كله, وبالتالي أريد أن أؤكد أنه مهما كانت هناك من قوي محافظة ومعادية لعمل المرأة السياسي لم ولن تنجح في تعطيل مسيرة النساء نحو التحرر عبر المشاركة الساسية والعمل الاجتماعي والقدرة علي تقرير المصير.