انتخابات عمداء الكليات شهدت مفاجآت منها فوز المرشحين المعتدلين وتراجع مرشحي التحالفات وكذلك إعادة انتخاب كثير من العمداء المستقلين.. وكان أهم ملامح هذه الانتخابات هو الشفافية, وان كنا نؤكد أن فكرة انتخاب قيادات الجامعة ليست جديدة, فحتي عام1986 كان يتم اختيار العمداء بالانتخاب, لكن الجديد هو تطبيق مبدأ الانتخاب علي رؤساء الجامعات أيضا, وبالرغم من رفض بعض رؤساءالجامعات الحاليين الاستقالة من مناصبهم تمهيدا لإجراء الانتخابات علي المقعد الشاغر, فإن التوقعات تشير الي أن الانتخابات ستتم وستكون لها إيجابياتها. الدكتور عبدالله زلطة رئيس قسم الإعلام بجامعة بنها, يعتبر أن الانتخابات آلية وحيدة مادامت في ظل مناخ مجتمعي إيجابي, ويمكن حصر هذه الايجابيات في احساس جميع اعضاء هيئة التدريس والمعيدين والمدرسين المساعدين بالعزة والكرامة, وأن عميد الكلية ليس مفروضا عليهم من خلال قرار أعلي أو أمني, وتتمثل الايجابيات أيضا في إرساء مبدأ الديمقراطية داخل المؤسسات التعليمية وعلي رأسها الجامعات لتكون نواة لتعميمها في كل الجامعات التي لم تجرها من قبل, ومنها يمكن الاستفادة والاقتداء بها في المدارس الثانوية والإعدادية, فيما بعد لتنشئة جيل قوي من المعلمين ومنهم ممثلون عن الطلاب لإرساء الديمقراطية في اختيار المديرين والنظار. وأضاف قائلا: شاهدت بنفسي الانتخابات بالجامعة معظم النهار ورأيت الحرية والنزاهة في الأداء وفرز الأصوات بشفافية, إلا أن الملاحظ أن أيا من الأساتذة المرشحين لم يفز من الجولة الأولي بل شهدت الكليات جولة ثانية في انتخابات العمادة, ولم تتلق, إدارة الجامعات أي طعون بل علي العكس كان الاستاذ المنافس يهنئ زميله الفائز في روح من المحبة مما يبشر بأن انتخابات رئيس الجامعة المقبلة ستكون جيدة أيضا, وفي ذلك فإن هناك سلبيات لايمكن إغفالها لمواجهة الانتخابات وهي ما يروجه أنصار الفكر الشمولي بعدم قدرة المرشح الفائز في الانتخابات علي اتخاذ القرارات الصائبة التي قد لا ترضي القاعدة العريضة من هيئة التدريس. ويضيف الدكتور عبدالله سرور أستاذ البحوث التربوية بجامعة الاسكندرية أن الانتخابات شابها أخطاء كبيرة من حيث التنظيم, ذلك أن وزير التعليم العالي السابق شكل لجنة من31 أستاذا تحت مسمي اختيار القيادات الجامعية ولوضع النظم المقترحة للاختيار ووضعت في اعتبارها التيارات الموجودة بداخل الجامعة, وهي اللجنة القومية للدفاع عن الجامعة, وحركة9 مارس وممثلو مشروع نقابة الأساتذة, والقوي الوطنية الثورية, إضافة لممثلي الاتجاهات المختلفة, وجامعيون من أجل الاصلاح ويتمثلون في الإخوان المسلمين, غير أن توصيات اللجنة التي تتكون من11 عضوا أساسيا, ذهبت أدراج الرياح ولم يأخذ بها الوزير الحالي وأصدر قرارات فردية دون الرجوع حتي الي مجلس الجامعات أو غيره, بعد أن اقترحت اللجنة أن تكون نسبة الحضور للناخبين بما لا يقل عن40 60% إلا أن تيارا منظما استطاع أن يؤثر علي الوزير فخفضها الي30%, وهو ما يحقق مصالح فئة علي حساب آخرين وبهدف السيطرة علي الجامعات, ولكن المفاجأة ان المعتدلين من الأساتذة كانوا أغلبية وحضروا جميعا هذه الانتخابات وانتخبوا الأصلح فعلا. وقال إن من الأخطاء أن الوزير استجاب لنداء البعض بإلغاء استخدام العضو لتوكيل خاص بزميله حتي يضيقوا الخناق علي تلك المواقع, وتوسيع الفرقة بين الأساتذة, ومع ذلك ثبت أن المشكلة كلها ليست في تغيير القيادات ولكن في تحسين الدخول والمرتبات ووجد الوزير الفرصة في أن يوفر جزءا كبيرا من حوافز الأساتذة المعتمدة من وزارة المالية حتي يكسب الجميع, خاصة أنه يحس أنه غير مسنود أي أن وزارته ضعيفة ولا تحميه وكان الأجدي به أن يشكل لجانا لإعداد قانون جديد مقترح بتنظيم الجامعات والذي لم يتغير منذ10 سنوات ولا يواكب الظروف الحالية. وأضاف د.عبدالله سرور, أن الشفافية في الانتخابات والأداء في الجامعات تتطلب أيضا المحاسبة في مشروع الجامعة اليابانية, وهي مصرية قلبا وقالبا, بل إن أساتذتها مصريون أيضا وتحصل علي مصروفاتها من الميزانية, فتجد من يعمل بها يحصل علي عشرات الآلاف من الجنيهات بينما زميله في مبني مدينة مبارك الذي تقع به نفس الجامعة لا يتعدي راتبه3 آلاف جنيه, وتنفق الدولة المصرية علي الطالب بهذه الجامعة نحو22 ألف دولار سنويا, وهذه الأخطاء كلها تحتاج إلي تدخل الوزير لارساء قواعد عادلة. أما الدكتور عبداللطيف الصباغ العميد المنتخب بكلية الآداب بجامعة بنها, فيؤكد أن تجربة العمادة الحالية غير مسبوقة حيث كانت الانتخابات السابقة تتيح للقيادات اختيار أحد3 من الحاصلين علي أعلي الأصوات, ولكن الانتخابات الحالية تتيح اختيارا مباشرا, دون أي تدخل, وأدخلت أصوات أعضاء هيئة التدريس المعاونة بنسبة10%, وتحررت التجربة الحالية من تدخل السلطات الأعلي بأي شكل من الأشكال, وأصبحت حرية مطلقة في اختيار العميد, والذي أصبح يستمد سلطاته وامكاناته من منتخبيه ليعمل في خدمتهم وخدمة العملية التعليمية بمسئولية كاملة. ويضيف الصباغ أنه برغم شفافية ونجاح الانتخابات هناك سلبيات مثل لجوء بعض المرشحين للتلويح بمكاسب أو وعود انتخابية قد تضر بالمؤسسة عند تنفيذها فضلا عن وجود بعض التربيطات, لكن انتخابات العمادة في آداب بنها تجاوزت مثل هذه الممارسات الخاطئة, وثبت عمليا أن عضو هيئة التدريس ومعاونيه علي قدر المسئولية, ويحسب لهذه الانتخابات أنها تتوجه لاختيار الشباب أملا في التغيير أو حتي أصغر المرشحين سنا دون مصالح شخصية, ولكن من أجل انجاح الأداء وتحقيق المصلحة العامة للجميع, وفي نفس الوقت يجب علي من ينجح أن ينسي موقف المنافسين له وأن يكون عادلا في تعامله مع الآخرين دون حزازات أو حساسية لأن هذه أولا وأخيرا هي أمانة في عنقه. ويشير د. حامد طاهر نائب رئيس جامعة القاهرة سابقا, الي أن الانتخابات الحالية كشفت عن قوة وعزم الأساتذة في التغيير الذي دعت إليه الثورة وظهرت إمكانات وأهداف صادقة لبناء الأداء الجامعي بالكليات والجامعات, ويدرك الجميع أنه في موقع المسئولية في انتخابات المرشح سواء في اختيار الأكثر أخلاقا وعلما وتفتحا في الذهن والسلوك, لكن يعيب هذه الانتخابات أن هناك بعض التكتلات التي تريد أن تكسب الجولة بأي شكل ولكن وعي الأساتذة أفسد الكثير منها وفاز التيار المعتدل بعيدا عن التكتلات أو التيارات, وكانت بالفعل مفاجأة فلم يحصل مرشحو التيارات علي أكثر من5% برغم اعتقاد البعض أنهم منظمون ولكن الحقيقة كشفت أنهم قلة كثيرة الشعارات. وقال إن هناك مشكلة ستتولد بالطبع هي أن هناك من عارضوا المرشح الناجح ولأننا بشر فإن النفوس قد تتغير, فيصبح العميد مثلا أو رئيس الجامعة الناجح مستقبلا, كل جهده لصالح فئة علي حساب أخري وقفت ضده, فإذا أصيب بضعف النفس فإن ذلك لن يكون في صالح العملية التعليمية أو الأداء الأفضل بالكلية, بينما هناك آخرون منتفعون من كل الموائد ومع الذي يكسب, فتجد هناك بعض مكافآت التميز والمساعدات غير العادية للبعض دون غيرهم من غير المناصرين له, منها تخليص الأوراق الخاصة بالسفر مثلا وتعطيل أخري, وهذا ربما ينسحب أيضا علي رئيس الجامعة الذي قد يتأثر بوقوف عميد وأساتذة في كلية ضده في المجمع الانتخابي.