ليس في كل الأحوال تتغير الأشياء نحو الأفضل ففي كثير من الأحيان يتبدل الحال إلي الأسوأ, هذا هو الوصف الدقيق لأهم وأجمل شوارع مصر التاريخية وهو شارع المعز لدين الله الفاطمي. وسمي نسبة للخليفة الذي أرسل قائد الجيوش جوهر الصقلي ليشيد القاهرة كمركز للعاصمة منذ تخطيطها القديم ويمتد شارع المعز ليطل علي منطقتي خان الخليلي والصاغة ثم يقطعه شارع الأزهر مرورا بمنطقة الغورية والفحامين, وقد حظي علي مدي السنوات العشر الماضية بالرعاية والتطوير والترميم والعديد من أعمال الصيانة والمتابعة ومن أجله خصصت مشاريع أستعادتة وتنميته بميزانيات فاقت ملايين الدولارات ليتم إفتتاحه رسميا منذ ثلاثة أعوام فقط ويصبح أول متحف مفتوح بقلب شوارع القاهرة الفاطمية, وفي لقاء مع د.سهير حواس, رئيس الإدارة المركزية في هيئة التنسيق الحضاري, وتحدثت عن هذا المشهد قائلة: منذ أشهر قليلة حدث تراجع فجائي لذلك الأثر جملة وتفصيلا و تحول إلي موقف وساحة لانتظار السيارات, بالإضافة لتعرضه اليومي إلي العديد من صور التعديات والإشغالات بالمقاهي العشوائية والباعة الجائلين, وهو ما أدي إلي تشوه تراثنا المعماري النادر حيث يحتوي مجموعة من الآثار والقيم التخطيطية والطرز الإسلامية التي يرجع تاريخها إلي القرن التاسع الميلادي ثم في العهد الأموي والفاطمي والمملوكي حتي الحكم التركي مع محمد علي باشا ويصطف علي جانبي هذا الشارع العتيق أروع رموز البناء الباقية حيث تنفرد تلك الآثار برونق خاص من حيث جمال ودقة وتنوع وضخامة العمارة والزخرفة, والتي يصل عددها إلي29 أثرا ومنها: قصر الأمير بشتاك, جامع أحمد بن طولون, جامع الشيخ المؤيد. المدرسة الكاملية, منطقة النحاسين, مدرسة السلطان برقوق, المدرسة الأشرفية, سبيل سليمان أغا, مجموعة السلطان قلاوون, قصر الأمير طاز, حمام السلطان إنيال, متحف النسيج الإسلامي وجامع القاضي. وأضافت د.حواس: أن تلك الكنوز الأثرية قد وضعت علي قائمة السياحة العالمية والعربية كمزار أثري و أصبحت سوق تجارية يتردد عليها مئات الآلاف يوميا, كما كانت تعد وجهة ثقافية للطلاب المصريين في رحلاتهم الداخلية المستنيرة للتمسك بممتلكاتهم التاريخية المهددة الآن بالضياع و قد يصل الأمر للاندثار التام في ظل غياب كافة الأدوار الحكومية والمجتمعية, خاصة مع انعدام الوعي الثقافي اللازم للحفاظ علي تلك المعالم, ولابد من سرعة تحقيق سبل الحماية واتخاذ خطوات رادعة لكل من يسيء لقيم مصر.