نهاية سعيدة في مشهد فريد من نوعه, وعلي أرض مطار مسقط الدولي, امتزجت الدموع بالضحكات وتناثرت الكلمات بلغات مختلفة تعبيرا عن مشاعر إنسانية فياضة.لتكتب الفصل الختامي من قضية سياسية معقدة تتابعت مراحلها لنحو 26 شهرا ما بين إيران وأمريكا لتنتهي في سلطنة عمان, بالإفراج عن الأمريكيين شاين باور وجوش فتال. ورغم هذه النهاية السعيدة, مازال الخلاف محتدما بين المسئولين ووكالات الأنباء الأمريكية والأوروبية وبين نظرائهم الإيرانيين حول توصيف المفرج عنهما, الجانب الغربي يطلق عليهم المتنزهين في إشارة لروايتهما التي توضح أنهما دخلا الأراضي الإيرانية بطريق الخطأ وهما يتنزهان في جبال كردستان العراق, بينما يصر الجانب الإيراني علي أنهما جاسوسان. هذا المشهد يعيد إلي الذاكرة وقائع مماثلة شهدها ايضا مطار مسقط الدولي في عام 2010, عندما وصلته الصحفية الأمريكية سارة شورد التي كانت ثالثة الأمريكيين المتهمين بالتجسس علي ايران ثم تم الأفراج عنها بوساطة عمانية ايضا. والدور العماني في هذا السياق هو تعبير عن استراتيجية يتبناها السلطان قابوس بن سعيد دائما, تعتمد علي عدم الانعزال وإقامة الجسور مع مختلف الدول والقوي, والمساعدة في صمت من خلال هذه العلاقات علي حل المشاكل المعلقة بين بعض الدول, خاصة تلك التي لها طابع إنساني. والغريب أن تلك الإستراتيجية التي تعد نصرا للدبلوماسية العربية, كانت سببا في امتعاض النظام المصري السابق من سلطنة عمان, ووجود حالة من الفتور بين البلدين رغم العلاقات التاريخية المتميزة بين مصر والسلطنة. ففي أغسطس 2009 قام السلطان قابوس بزيارة لإيران الدولة الجارة للسلطنة هي الأولي من نوعها منذ قيام الثورة الإيرانية, وحظيت باهتمام عربي ودولي كبير, وانتهت بتوقيع عدة اتفاقيات أمنية واقتصادية بين البلدين, في إطار الحرص علي أستقرار منطقة الخليج. لكن نظام مبارك امتعض من تلك الزيارة, لأنه كان يعتبر العداء لإيران مسألة مقدسة يتعامل معها بطريقة من ليس معي فهو ضدي, متناسيا أن العلاقات الدولية تقوم علي أساس مراعاة المصالح العليا لا الإنسياق وراء الإنطباعات الشخصية. المزيد من أعمدة فتحي محمود