أمام المجتمع المصري الآن, وبعد ثورة 25 يناير, آفاق اقتصادية واعدة وعلينا التوجه لتنمية شاملة للمجتمع والدولة والاقتصاد المصري ومستقبله, في نظرة طويلة الأجل بعيدا عن النظرة الجزئية, وتفاصيل الإدارة اليومية, القصيرة المدي. وهناك مشروعات قومية قابلة للتنفيذ: منها ممر التنمية والتعمير, وتوشكي, وشرق التفريعة, وشمال خليج السويس, ومنخفض القطارة.. وتعمير وتنمية سيناء, والتصنيع المكثف والسريع. وبالأخذ في الأعتبار الحالة الأمنية, ولها الأولوية. خاصة مع قصر أمد الحكومة الحالية. فإنها يمكن أن تضع الأسس لحل المشاكل الحالية والمستقبلية في مصر, وتكدس السكان في 6% من مساحة مصر, وعدم اليقين القادم من حوض النيل, والفراغ السكاني والأمني في سيناء, وأن مصر ليس بها ثروات أو موارد طبيعية هائلة. وأن قوة مصر وميزتها النسبية هي في شعبها ومواردها البشرية, والقوي العاملة بها, مما يستدعي إعادة النظر للسكان بنظرة منتجة فعالة, بالتركيز علي رفع مستويات التعليم والتدريب, فاليابان, مثلا, بها موارد طبيعية أو أراض زراعية مهمة, ولكنها أحسنت توجيه مواردها البشرية, وقواها العاملة, بالتعليم والتدريب, لتصبح ثاني اقتصاد في العالم. وأعتقد أن حل مشاكل مصر الأساسية مع الأخذ في الاعتبار القيود المستقبلية للمياه, والتركيز السكاني, وانتشار الفقر والبطالة, وضعف صفات الموارد البشرية, وتدهور الخدمات.. فإن الزراعة التقليدية, وحدها, لن ترفع من مستويات المعيشة, لذلك يجب توجيه القدرات البشرية المصرية المطورة, نحو تشجيع التصنيع المكثف والعميق والسريع, في إطار خطة للتنمية مستديمة, مع جعل الزراعة جزءا من الصناعة, وتطوير أساليب الري بالرش والتنقيط والزراعة الحديثة. سيناء هي الحصن الطبيعي لمصر, وهي خط الدفاع الأول, فقد جاءت معظم الغزوات عن طريقها. كما أن سيناء تشكل أهمية اقتصادية كبيرة, لذلك يجب التركيز, في المرحلة القادمة, علي تنمية وتعمير سيناء, وذلك بنظرة تنموية مجتمعية شاملة متكاملة, بمعني التركيز علي الجوانب الانتاجية أولا زراعة وصناعة وتعدين. وترك سيناء مفتوحة المجال, يجعلها هدفا للأطماع الصهيونية, ونذكر هنا أن تنمية سيناء لا تتعارض مع اتفاقيات كامب ديفيد بل أن هناك شبه إهمال متعمد, بترك سيناء فارغة, بدون تنمية خلال السنوات الثلاثين الماضية. وقد يكون ذلك بتفاهمات واتفاقات ضمنية وغير مكتوبة, أو بالسكوت وعدم الاعتراض, بما يفيد الموافقة أو القبول, بين الحكم السابق, والأطراف المعنية الأخري ونترك ذلك للتاريخ لتأييده من عدمه. والتخطيط الاستراتيجي, يعني الأخذ بالأولويات حسب الأهمية, وحسب التكلفة والعائد, في ضوء الموارد الاقتصادية والمالية المحدودة للدولة. لذا نجد أن مشروع التنمية والتعمير مثلا, يكلف أكثر من 100 مليار جنيه, وأهميته محل الشك. وبالتالي تكون الأولوية, من ناحية الأمن القومي, هي تعمير وتنمية سيناء. والمطلوب توطين أكثر من ثلاثة ملايين نسمة بها. وإذا كان المصريون قد هاجروا, من قبل, إلي العراق والسودان لتملك الأراضي الزراعية, فالأولي بهم الأراضي المصرية, خاصة في سيناء. ولتنفيذ المشروع القومي لتنمية سيناء, لابد من إنشاء هيئة باسم هيئة تعمير (أو تنمية) سيناء, تقوم علي غرار هيئة تعمير جنوب ايطاليا المتخلف والتي قامت بتنميته وإعماره, بإنشاء شبكات من البنية الأساسية والطرق والمياه. وتقوم هيئة تعمير (أو تنمية) سيناء, علي أساس خطة قومية استراتيجية متكاملة, طويلة المدي, مع وجود البرامج القابلة للتنفيذ علي مدي زمني, بالمهام وبالخبرات, وابتكار أساليب التمويل اللازمة والمناسبة. ومد ترعة سيناء والانفاق والطرق والسكك الحديدية, وحفر وصيانة الآبار وتوفير البنية الأساسية الصالحة للاستثمار, والتنمية الاجتماعية والثقافية. وتوطين السكان, في إطار مجتمعات وقري ومدن انتاجية زراعية صناعية متكاملة. ولكن الأمر ليس ورديا هكذا, إذ يحتاج إلي إرادة جدية وتنمية علمية, حيث تزخر تنمية سيناء بالمشكلات, فلا تزيد نسب تنفيذ استثمارات المشروع القومي لتنمية سيناء العام الماضي عن 30% ونسبة التدهور في التنمية الزراعية 68%, والصناعة والتعدين والبترول 41% والسياحة 55% والإسكان 90%. لقد مضي نحو ثلاثون عاما من الكلام عن توطين وإعمار سيناء, والمطلوب تنفيذ هذا, بمخطط لتنمية وتعمير شامل لسيناء, مع فك الاشتباك, بين الوزارات والهيئات المسئولة عن التخطيط والإشراف والتنفيذ. وجعل سيناء كلها منطقة جاذبة للاستثمار, والأيدي العاملة. مع تشجيع المساهمة الشعبية في تنمية سيناء. وخلق نماذج مبتكرة من التمويل العام والخاص. وحل مشكلات الملكية, وحق الانتفاع في أراضي سيناء. مع إحترام كامل لأهل سيناء باعتبارهم مصريين كاملي الوطنية, ومراعاة تقاليدهم وعاداتهم القبلية. وبصفة عامة ملء الفراغ الاستراتيجي في سيناء, وإذا كنا في حاجة إلي مشروع قومي, فيجب أن تكون الأولوية لسيناء.