تمكنت روسيا خلال الشهر الماضي من إجراء تجربة ناجحة لإحدي الطائرات الحربية التي تعتمد علي تكنولوجيا طائرات الشبح الخفية. واعتبرها الخبراء الدوليون في المجال بمثابة رد روسي كاسح علي أحدث مقاتلات وقاذفات سلاح الجو الأمريكي من طرازي إف 35 وإف 22 وقال مهندس طيران أمريكي إن الطائرة الروسية رائعة, مضيفا أنه ليس للقوات الجوية الأمريكية إلا أن تأمل في ألا تتوافر لدي روسيا الموارد المالية لتصنيع عدد كبير من طائراتها الشبح. تصل سرعة الطائرة الروسية التي وصفت بأنها فريدة وتختلف اختلافا جذريا عن مثيلاتها الأمريكية الي2100 كيلومتر في الساعة ومدي تحليقها5500 كيلومتر وهي مسلحة بمدفع عيار30 مم بالإضافة الي16 وحدة لإطلاق الصواريخ, ويمكنها حمل القنابل والصواريخ ما زنته7500 كيلوجرام, وهي متعددة المهام وذات قدرات كبيرة علي المناورة ويمكنها الاقلاع والهبوط من ممر قصير جدا لا يتجاوز طوله300 متر فقط. علي أن أغرب ما تثيره الشبح الروسية هو جعل فائدة هذا الطراز من الطائرات محل شك, فحتي وقت قريب كان بإمكان الشبح الأمريكية دك المدن والقري والمواقع العسكرية دون أن يراها أحد, وكانت هذه الوسيلة المريعة في يد الولاياتالمتحدة وحدها, أما الآن وقد أصبح الروس في الميدان فإن قيمة هذه الطائرات كرادع بدأت في التلاشي لأن العدو يمكن أن يكون لديه هذا النوع من الطائرات الخفية التي كانت ميزة حصرية علي القوات الجوية الأمريكية, فإذا أضفنا الي ذلك التطور الذي حققته الصناعات الحربية الروسية في مجال صواريخ الدفاع الجوي والرادارات القادرة علي رصد الطائرات الخفية وأهمها تلك التي تعمل عليها منظومات الصواريخ إس 400 وإس 300 والتي يمكنها ليس فقط اسقاط الطائرات الحديثة جدا بل الصواريخ متوسطة وبعيدة المدي, وصواريخ توما هوك الطوافة, والطائرات المتطورة العاملة بدون طيار فإن روسيا في النهاية تكون بهذه المنظومات مجتمعة مع طائرتها الشبح التي ستدخل الخدمة عام2015 قد قضت قضاء مبرما علي أسطورة التفوق الجوي الأمريكي الذي مكنها من فرض سيطرتها علي سماوات العالم خلال العقدين الأخيرين, وطبعا ستسعي الولاياتالمتحدةالأمريكية الي إيجاد سبل جديدة لاستعادة تفوقها, لكن الجديد أن الثعلب الروسي الذي ظن الجميع أنه كان نائما لم يكن كذلك بل أيقظ العالم علي حقيقة سعيه من أجل إيجاد أقطاب عالمية أخري يمكنها تحقيق التوازن الاستراتيجي المطلوب مع واشنطن. إن المتتبع لتداعيات تجربة طائرة الشبح الروسية, يمكنه أن يتيقن من أن الروس بحاجة علي الأقل الي150 طائرة من هذا النوع ستضيف إليها الهند طلبا آخر بالحصول علي200 طائرة علي الأقل, وهذان الرقمان بحد ذاتهما سيجعلان القوات الجوية الأمريكية في المركز الثالث علي مستوي العالم من حيث امتلاك الطائرات الخفية الستيلث لأن واشنطن تملك عددا أقل بكثير جدا لايتجاوز العشرين طائرة, كما أن طلبات السلاح الجوي الأمريكي من الطائرات الأحدث( إف 35) لا تصل الي الأعداد الروسية أو الهندية. ولن تقف الصين حائرة أو منتظرة دورها في الحصول علي الشبح الروسية, خاصة أن غريمتها التقليدية الهند سوف تحصل عليها وأتذكر هنا أنه في عام2001 حاولت روسيا أن تقدم للصين مشروعا مشتركا لإنتاج الشبح, إلا أن الصينيين نظروا للعرض الروسي بارتياب وتوقعوا أن يحقق الروس مكاسب علي حسابهم وقرروا أن بإمكانهم انتاج طائرة سيطرة جوية من الطراز الأول دون معاونة روسيا, وعلي ذلك فلن نفاجأ بأن نري قريبا الشبح الصينية تحتل مكانها بين الأشباح العالمية الكبري. ويري بعض المحللين ما هو أبعد من إنتاج الشبح الروسية ويتجاوزه الي أسواق التصدير, وتعد إيران الأسواق المنتظرة للبضاعة الروسية الجديدة المطلوبة بشدة, فإذا ما قررت موسكو بيع هذه الطائرات لطهران فمن المنتظر أن تحصل كل من إسرائيل وبعض دول الشرق الأوسط علي رخصة إنتاج أجزاء من الشبح الأمريكية وبالتالي امتلاك بعض أسرابها وستفعل واشنطن ذلك أيضا مع اليابان اذا ما ظهرت الشبح الصينية. وتبقي باكستان في موقف لا تحسد عليه عندما تزود روسيا الهند بالطائرات الخفية ولن يكون أمام إسلام آباد إلا التوجه بطلباتها الي الصين للحصول علي ما تريد. وعلي الصعيد الفني والتكنولوجي فإن اختراع طائرات الشبح الروسية يبرز القدرات العلمية والتقنية الروسية الضخمة, وأن موسكو قادرة علي بلوغ آفاق تكنولوجية جديدة تمكنها من تطوير مركبات القتال الطائرة التي تعمل بدون طيار والتي تنطوي علي علوم وتكنولوجيات بالغة التعقيد.