ربما تجد صناعة السينما سبيلا إلي النهوض خصوصا أن الوجدان المصري بدأ يتشكل من جديد بعد ثورة 25 يناير, ولأن السينما المصرية دائما وأبدا هي المحك الأول لقضايا المجتمع, أصبح علي السينمائيين إعادة النظر في صناعة السينما واضعين في الاعتبار النهوض بها من أجل تقديم سينما جديدة تعبر عن نبض الشارع المصري في محاولة لتقديم موضوعات وقضايا تمس المواطن البسيط, خاصة أن السينما تمر بمرحلة فارقة في تاريخها نظرا للحراك السياسي الذي يعيشه المجتمع المصري والمتغيرات التي طرأت عليه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا, فكيف يفكر السينمائيون في النهوض بصناعة السينما؟ المخرج مجدي أحمد علي يقول: علي الدولة أن تدرك أن صناعة السينما في خطر, وأنها في انهيار كامل, وعلينا أن ننعشها, وذلك من خلال تقديم يد العون للسينما, وهناك طرق عديدة منها عمل صندوق لصناعة الأفلام, والمساعدة في إنشاء دور عرض كثيرة حتي تعمل علي توسيع دائرة العرض السينمائي, وتدعيم مشاريع الأفلام التي تتبناها وزارة الثقافة وتعمل علي زيادتها. المخرج د. محمد كامل القليوبي يؤكد: إن الوقت قد حان للقضاء علي قانون الاحتكار الذي عمل علي انهيار صناعة السينما قبل الثورة, حيث كان الموزع هو المنتج في نفس الوقت, وكان هناك تواطؤ مخيف لاحتكار الصناعة, وهذا يعد كارثة كبري, فكان الرهان علي النجوم ولكن ما بين يوم وليلة خسر هذا الرهان لأن بعد الثورة أصبح هناك جمهور جديد. ويضيف القليوبي: هناك متطلبات جديدة لصناعة السينما لأن الفترة القادمة سوف تشهد وجوها جديدة في العمل السينمائي, وبالتأكيد هناك إحساس بكرامة الوطن وكرامة الإنسان ظهر في واقع الأحداث الأخيرة, حيث رفع الشعب المصري رأسه عاليا واستعاد كرامته المهدرة, ومن هنا حدثت مفارقات عديدة أهمها عدم الاقبال علي دور العرض السينمائي في فترة ما بعد الثورة لأن الانتاج ليس مواكبا للأحداث, فنحن نمر بمرحلة انتقالية في الثقافة والفن والسياسة وعلينا كسينمائيين أن نرصد اتجاهات الشعب المصري, وأن نتصدي للتيارات الدينية المخيفة التي ظهرت علي الساحة السياسية من أجل التقدم, وأن نعطي الثقة لهذا الشعب ونحارب من أجل مصر. الناقد والسيناريست د. رفيق الصبان يوضح: إن صناعة السينما لابد أن تجد منتجين مهتمين ينظرون إلي شيء من التوازن بين الفن والتجارة كما كانت السينما المصرية في الخمسينيات والستينيات, ولابد من الاعتماد علي الدماء الجديدة التي من الممكن أن تطور السينما المصرية, وأن تعطيها دفعة جديدة حقيقية وتبعد عنها الروتين والنمطية التي أكلت عظامها. المخرج الشاب شريف البنداري يقول إن صناعة السينما مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمتغيرات السياسية التي طرأت علي المجتمع بعد الثورة, وهذا أدي إلي انهيار للصناعة التي كانت تعتمد بشكل كبير علي النجوم, والسبب أن الجماهير أصبحت لا تثق في هؤلاء ا لنجوم عدا القليل منهم, ويري أنه لابد من اعادة النظر في صناعة السينما لأن أي صناعة بها أكثر من منتج يجب أن تتعدد بها أشكال الأفلام حتي يكون هناك تنوع يعطي الجمهور مساحة الاختيار, ومن ثم يتشكل وعيه, وما كان يحدث سابقا وتحكم المنتج في شكل الأفلام التي تقدم للجمهور جعلت الأفلام التي قدمت علي مدي العشرين عاما الماضية متشابهة والفرق بينها ليس كبيرا, وبالتالي أصبح لا يوجد هناك تنوع ولا مساحة لحرية الاختيار. ويضيف البنداري إن أشكال الانتاج المختلفة تعطي مساحة كبيرة للمتفرج وتمنحه القدرة علي تشكيل ذوقه بنفسه, فالوصاية التي كان يفرضها المنتج قبل الثورة قد انتهت, فعلي القائمين بصناعة السينما أن يختاروا بأنفسهم الموضوعات التي يرغبون في تقديمها بحيث تكون موضوعات تتشابك مع الواقع وأن تكون إفرازا حقيقيا لمصر النهاردة.