على مدار اليومين الماضيين تصاعدت حدة الصراع بين رجل الأعمال نجيب ساويرس، وطارق عامر، محافظ البنك المركزي، عقب استحواذ "ساويرس" على بنك الاستثمار "سي آي كابيتال" التابع للبنك التجاري الدولي. فمن جانبه، وجه "ساويرس" انتقادات لازعة ل"عامر" من خلال مقال له بجريدة الأخبار يحمل اسم " الاستثمار وسوء استخدام السلطة " حيث قال "ساويرس" إن هناك تعنتًا حكوميًا في صفقة استحواذه على "سي.آي كابيتال"، وألمح إلى أنه قد يخرج استثماراته خارج مصر، قائلا: "أرض الله واسعة". وكان البنك التجاري الدولي، وافق في فبراير الماضي، على بيع بنك الاستثمار "سي.آي كابيتال" المملوك للبنك مقابل 924 مليون جنيه أي ما يعادل 104.05 مليون دولار - لساويرس من خلال شركته أوراسكوم للاتصالات والإعلام لكن الصفقة لم تنفذ حتى الآن. ومن خلال المقال، سرد "ساويرس": "عملية شراء شركة سي آي كابيتال من البنك التجاري الدولي والموضوع يتلخص في أن شركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا،لتي أرأس مجلس إدارتها وأنا أيضا أكبر مساهم بها قد قدمت عرضا لشراء شركة سي آي كابيتال من البنك التجاري الدولي وقد فوجئت بقيام البنك الأهلي وهو بنك قطاع عام مملوك للدولة بالكامل بتقديم عرض منافس للشراء بإيعاز من رئيس البنك الأهلي السابق وهو محافظ البنك المركزي الحالي". وكان البنك الأهلي المصري أعلن رغبته في الاستحواذ على "سي.آي كابيتال" لكنه لم يتوصل إلى اتفاق نهائي مع التجاري الدولي بشأن مدة الفحص النافي للجهالة وانسحب بعدها من الصفقة. ومن جانبه، وصف "ساويرس" تلك الخطوة بالرسالة السلبية والمؤذية لمناخ الاستثمار مؤداها احذروا أيها المستثمرون إذا أردتم الاستثمار في مصر فستدخل الدولة وتنافسكم بالأموال العامة!". وأضاف أنه بعد الشكوى إلى رئيس الحكومة انسحب البنك الأهلي من العرض. "لكن أبدا لم ينته مسلسل الترصد فقد فوجئنا بانسحاب بنك حكومي من تمويل الشراء بناءً على تعليمات من البنك المركزي.. فذهبنا إلى البنوك الخاصة والتي وافقت على التمويل إلى أن جاءتها نفس التعليمات مرة أخرى لكن متأخرة بالانسحاب أيضا!". ومن جانبه، رد "عامر" في مقابلة تليفزيونية قائلا: "إنه لم يصدر تعليمات إلى بنك مصر وهو البنك الحكومي الذي أشار إليه ساويرس، بالامتناع عن تمويل صفقة الاستحواذ". وردًا على ما إذا كان قد أصدر توجيهات لبنك مصر قال عامر، "لا أنا مقولتش كده.. احنا حطينا قواعد.. قولنا مش هنمنع الاستحواذ.. بس هنخلي في نسب.. هنخلي المستثمر ييجي بفلوس". وكان المركزي قرر في بداية الشهر الجاري تعديل قواعد تمويل الاستحواذ على الشركات داخل السوق المحلي من خلال خفض إجمالي التمويل الموجَّه لهذا الغرض إلى 2.5% بدلا من 5% من إجمالى محفظة القروض للبنك الواحد، وألّا يزيد حد تمويل العميل الواحد والأطراف المرتبطة به على 0.5% من إجمالي المحفظة. واشترطت التعديلات عدم زيادة إجمالي التمويل المقدم من خلال البنوك العاملة في مصر بغرض تمويل عملية استحواذ واحدة عن 50% من قيمة العملية. الاقتصاد لازم يستفيد وبرر عامر إصدار هذا القرار قائلا "في مصر شركة أو فرد يقول أنا عايز اشتري الشركة دي.. ومش معاه فلوس يشتري بها، يروح للبنك الفلاني ياخد 90 أو 80% ويدفع هو وكام شريك معاه 20%.. وخدوا الشركة.. الاقتصاد استفاد ايه؟". كما نفى عامر أن يكون قد أصدر تعليمات للبنك الأهلي بالمنافسة على شراء سي أي كابيتال. وقال "هو قالي (رئيس البنك الأهلي) إن الشركة (سي أي كابيتال) هتطلع من الجهاز المصرفي.. أيه رأيك..عايزين القطاع المصرفي يكون عنده شركة استثمار.. قولتله معندناش مانع". خبرته ايه وقال "لو كانت بتعليمات مني كنت خلصت.. وقولت له اشتريها من غير فحص نافي للجهالة". وقال عامر "نفسي أعرف المستحوذ (ساويرس) إيه خبرته في بنوك الاستثمار؟ إيه القيمة اللي هيضفها في بنوك الاستثمار؟ هل الحكاية حكاية فلوس؟ لأ..لازم أسأله.. خبرتك ايه..؟" وأضاف "ده رأي شخصي.. لكن أنا مليش أقوله يبيع ولا ميبعش هو حر". مما دفع "ساويرس" للدر قائلا:- "أملك دليلا على تدخل محافظ البنك المركزي في وقف تمويل الصفقة مع بنك مصر، ولن أستطيع نشره حتى لا يكون ذلك إحراجا لمن قام بتسليمي هذا الدليل، وطارق عامر لا يستطيع إلا نفي تدخله وما فعله شيء غير محمود وغير مسبوق". وأضاف أن القوانين العالمية تمنع على البنوك العامة العمل في مثل هذه الصفقات تجنبًا لتضارب المصالح. وقال ساويرس: "طارق عامر طعن في أهليتي في شراء الشركة وقال عني معنديش خبرة.. لما يبقي عنده خبرة زيي يبقي كويس". ثم هاجمه قائلًا: "لما ييجي يتكلم عن حد يدرس تاريخه كويس، وأنا مش عايز اتكلم عليه وأنا لو اتكلمت فالمفروض محافظ البنك المركزي يكون راجل اقتصاد مش بنكي، وأنا راجل بنيت نفسي بنفسي من ولا حاجة ونصف شركات البورصة من عائلتي، ومش هخوض في مؤهلاته ولو خضت فيها مش هينبسط"، ناهيا حديثه قائلا:- "أعلم أن مقالتي هذه ستفتح عليّ النار ووقف الحال.. لكني لم أعهد السكوت على الخطأ خاصة في حق الوطن! الأمل في الدستور والبرلمان.. والضمائر الحرة.. أما عني أنا واستثماراتي فإن أرض الله واسعة".