محافظة البحيرة تستقبل وفداً من جامعة الأزهر لتعزيز التعاون    الشعب سيد قراره.. رئيس الوطنية للانتخابات يدعو المصريين للمشاركة فى انتخابات الشيوخ    أشرف منصور: المتحف الكبير والعاصمة الإدارية والهوية البصرية رسائل للعالم    الأنبا إيلاريون يزور كنيسة الأنبا بولا ببشارة ويرسم 15 شماسًا في رتبة إبصالتس.. صور    13 أغسطس.. جامعة المنوفية تشارك في معرض مؤسسة أخبار اليوم للتعليم العالي    تراجع سعر الريال السعودي بختام تعاملات اليوم    رئيس الحكومة يتابع مع وزير الاستثمار جهود تطوير منظومة الإفراج الجمركي    وزير قطاع الأعمال ومحافظ الإسكندرية في جولة تفقدية لتطوير المعمورة «السياحية»    محافظة المنيا: تشغيل المجمعات الحكومية بالقرى لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    المساعدات تتدفق.. الفوج الخامس يعبر كرم أبو سالم    وزير الخارجية الألماني: حل الدولتين السبيل الوحيد للعيش في سلام وكرامة    هيئة بث الاحتلال الإسرائيلي: سحب لواءي الاحتياط 646 و179 من قطاع غزة    الأمم المتحدة: سكان غزة على شفا المجاعة ويضطرون لالتقاط العدس المتناثر من الأرض    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    عمرو ناصر: رفضت عروضا أكبر من الزمالك.. وأحلم بالانضمام للمنتخب    إنفوجراف| 8 صفقات ل الزمالك في الصيف    سمير عبد المعز يتوج بالذهب ومهند ورحمة يتألقان في بطولة إفريقيا للبوتشيا    «رجعلي جثة».. أم يوسف تروي تفاصيل مقتل ابنها غدرًا بالمطرية| فيديو    "السكة الحديد" توضح حقيقة خروج قطار عن القضبان بعد اصطدامه برصيف محطة السنطة    ضبط المتهم بقتل شاب وإلقاء جثته وسط الزراعات في قنا    امتحانات الدور الثاني 2025.. جولة تفقدية لإدارة الساحل التعليمية بعدة مدارس    الداخلية تكشف ملابسات قيادة طفل لميكروباص بالشرقية    أشرف زكي يشارك في مراسم جنازة الفنان الكبير لطفي لبيب    عائلة دنيا سمير غانم ونجوم الفن في العرض الخاص لفيلم «روكي الغلابة» | صور    محسن جابر يشارك فى فعاليات مهرجان جرش ال 39    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    «كفتة البطاطس بالدجاج».. لمسة خفيفة على مائدة الصيف    كيف أتخلص من دهون البطن بدون رياضة؟    ڤويا Passion سيارة فارهة جديدة تنضم إلى السوق المصري.. أسعار ومواصفات    حمزة نمرة يتصدر الترند بأغنية "شيل الشيلة" بتوقيع الملحن محمدي    أسعار الأسماك بأسواق مطروح اليوم الخميس 31-7- 2025.. البورى ب 150 جنيه    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    رئيس هيئة الأوقاف يوجّه مديري المناطق بالحفاظ على ممتلكات الهيئة وتعظيم الاستفادة منها    التصريح بدفن جثة طفل لقى مصرعه غرقا بقرية الجبيرات فى سوهاج    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    صفقة تبادلية محتملة بين الزمالك والمصري.. شوبير يكشف التفاصيل    انتخابات الشيوخ.. 100 ألف جنيه غرامة للمخالفين للصمت الانتخابي    ماذا يتضمن مشروع القانون في الكونجرس لتمويل تسليح أوكرانيا بأموال أوروبية؟    حبس بائع خردة تعدى على ابنته بالضرب حتى الموت في الشرقية    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    خروج قطار عن القضبان بعد الاصطدام برصيف محطة السنطة دون إصابات    وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات البنية الأساسية والتطوير بمدن بالصعيد    مسلسل «220 يوم» يتصدر التريند بعد عرض أولى حلقاته    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    وزير الخارجية يلتقي السيناتور "تيد كروز" عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أم حسن في الكنيسة
نشر في أهل مصر يوم 25 - 08 - 2016

في مطلع القرن قبل الماضي وهناك في أقصي جنوب الصعيد، جلس جدي الكبير مع جدتي في صحن البيت خمس دقائق فقط، ثم قام علي دعواتها ليبدأ رحلته المقدسة لأداء فريضة الحج متوجها إلي بيت الله الحرام والمسجد النبوي مرورا ببيت المقدس، حيث صلي في المسجد الأقصي ومسجد قبة الصخرة وألقي سلاما مقيما علي "كنيسة القيامة"، ثم عاد بعد عامين يردد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من مات في بيت المقدس فكأنما مات في السماء). وفي النصف الثاني من القرن الماضي كانت جدتي لوالدي تسكن منطقة "مصر القديمة" وكانت لها جارة يناديها الجميع ب (الحاجة أم حسن) كانت أم حسن قد أدت فريضة الحج سبع مرات، هذه السيدة كان كلما ألمت بها وعكة صحية تذهب لزيارة الكنيسة مع جارتها القبطية (الست أم يوسف)، وما أن تدخل الحاجة أم حسن إلي الكنيسة إلا وتشعر بتحسن كبير في حالتها كنوع من الراحة النفسجسدية بوصولها لحالة روحانية عالية... حكت لي جدتي الكثير عن زيارتها هي وجارتيها أم حسن وأم يوسف للكنائس وكيف كنّ يتعاملن كشقيقات وربما أكثر، ولم تفكر إحداهن في أن هذه مسلمة وتلك مسيحية!! هؤلاء الأجداد الذين تحدثت عنهم لم يكونوا من المتعلمين، ومع ذلك كانوا يفطنوا لقيمة تلك الروح السمحة التي أمر بها الله، أما الآن فالمتعلمين وأصحاب أعلي الشهادات لا يعرفون هذه القيمة الإنسانية!!! ومنذ ما يزيد عن الثلاثين عاما جلس المستشار "حكيم منير صليب" علي منصة المحكمة، قاضيا في قضية من أخطر القضايا، إنها القضية رقم 101 أمن دولة لسنة 1977، فالتهمة الموجهة للمتهمين فيها و البالغ عددهم 176 متهما لم تكن تهمة عادية بل كانت "محاولة قلب نظام الحكم" وحتي تلك التهمة برغم خطورتها لم تكن هي أخطر ما في القضية، وإنما كمنت الخطورة في أن هيبة النظام الحاكم بأكمله قد انهارت بعد مظاهرات 18 و19 يناير.. أو ما أطلق عليه "انتفاضة الخبز"، كان من ضمن المتهمين د.رفعت السعيد وحسين عبدالرازق والكاتب الصحفي عبدالقادر شهيب، والشاعر سمير عبدالباقي... لم يفرق المستشار "صليب" بين مسلم ومسيحي، لم يبرئ المسيحيين ويحكم علي المسلمين، بل أصدر حكما بالبراءة علي جميع المتهمين مسلمين وأقباط، فالخبز أكل الجميع، ومصر وطن الجميع، لا فرق بين من يحمل القرآن ومن يعلق الصليب في عنقه!!
لقد أقر الإسلام المفاهيم الجامعة لحقوق المواطنة فكان له السبق فى ترسيخها و تطبيقها على نحوٍ أكثر شمولأ و تسامحا من كافة الدساتير و القوانين التى عرفتها الأنظمة القانونية فى البلدان التى يعتنق أهلها أديانا غير الإسلام ، إلا أن لكل حق ضوابطه و حدوده، وهذا لا يعني أبدا أن تضع الدولة قيودا حديدة على "قانون بناء الكنائس" حيث شكل الصدام الأول بين الدولة والكنيسة، المعترضة على بعض البنود الواردة في القانون، على الرغم من مراجعته 14 مرة خلال الفترة الماضية.. الخلاف الأخير بين الطرفين، جاء بعدما أدخلت الحكومة تعديلات وصياغات على المسودة ال13 للقانون، بعد موافقة الكنيسة عليها. وفي مسودة القانون التي عدلتها الحكومة ألغام عديدة، منها الجُمل المطاطة على غرار ربط موافقة محافظ الإقليم برفض أو قبول بناء كنيسة، بعد استطلاع رأي "الجهات المعنية"، من دون إيضاح ماهية هذه الجهات، وحدود دورها واختصاصاتها.. ومتى توافق ولماذا ترفض؟ وقد ذهب أغلب المهتمين إلى أن هذه الجهات المعنية هي "الجهات الأمنية".
بناء الكنائس في مصر أزمة معقدة، يختلط فيها الديني بالسياسي بالأمني. فوفقاً للقانون، يخضع بناء الكنائس للخط الهمايوني، الصادر إبان تبعية مصر لدولة الخلافة العثمانية، والشروط "العزبية"، نسبة إلى وكيل وزارة الداخلية في الحقبة الملكية "عزبي باشا"، الذي وضع 10 شروط لبناء الكنائس، تتعلق ببعد الكنائس عن بعضها البعض، ومساحتها، وبعدها عن خطوط السكك الحديدية وترع وقنوات الري، ووجودها بين مساكن المسلمين، وشروط أخرى.
جرى العرف ولفترة طويلة، وفقا لتفاهم غير مكتوب بين الأجهزة الأمنية والكنيسة، أن يسمح الأمن للمسيحيين ببناء دار خدمات، يؤدون صلاتهم فيه، أو أداء الصلاة داخل منزل أحدهم، من دون بناء كنيسة. ويستقر الأمر على هذا، قبل أن تندلع مشكلة طائفية بين مسلمي المكان ومسيحييه، بسبب رغبة المسيحين في تحويل دار الخدمات إلى كنيسة لها "برج وجرس" وفقا لروايات تكررت كثيراً من الطرف المسلم، في مقابل روايات أخرى للطرف المسيحي تنفي هذا الإدعاء، وتتهم من هاجموا المكانن بالطائفية والعنصرية، وهي حوادث تكررت كثيراً، تحسم في نهايتها، برفض تحويل دار الخدمات إلى كنيسة.
يرد البعض ذلك الى الخوف من تغيير الهوية المعمارية "العربية/الإسلامية" لمصر، من خلال التمدد والتوسع في بناء الكنائس، وهنا لنا وقفة، منطقة "مصر القديمة" والتي بني فيها أول مسجد في مصر جامع "عمرو ابن العاص" هي ايضا موجود بها أقدم واهم الكنائس ذات الطابع المعماري الفريد مثل "الكنيسة المعلقة" ومرت قرون من الزمن على ذلك ولم تتأثر الهوية المعمارية، بل أن منطقة مصر القديمة تعد واحدة من أكثر الأحياء المصرية ألفة ومحبة بين ساكنيها وقد ضربت المثل بجدتي وجارتيها، ومازال الحال على ما هو عليه فالاحفاد لم يختلفوا كثيرا في طباعهم عن الأجداد.
لا داعي للدخول في دوامة الفتنة الطائفية والتعصب الأعمى، فلا ضرر من بناء كنائس ذات أبراج وأجراس، ولا ضرر من وجود دور عبادة اسلامية ومسيحية في نفس المنطقة، كل ما في الأمر انها البيروقراطية المصرية التي لازالت تعبث بمقدرات هذا الشعب.. مصر هلال وصليب، مصر محمد وجرجس ولم ولن يفرق أحد بين قطبي الأمة. علينا أن نحذر ونحتاط من الدخول لحلبة الصراع الطائفي، وإلا فلن يفيد البكاء علي اللبن المسكوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.