تعتبر الروائية بيترا هولوفا أحد أشهر كُتّاب الألفية الجديدة في التشيك، وأغزرهم إنتاجًا، وأجودهم فنيًا. تدور عوالمها عادةً في العلاقات الإنسانية، وتسلط الضوء علي العلاقة بين الرجل والمرأة لتخرج من ذلك بسؤال يخص الوجود الإنساني نفسه، كما تولي موضوع المهاجرين اهتمامًا كبيرًا، وربما هذه هي منطقتها الخاصة والمفضلة: الغرباء في أرض جديدة. كتبت هولوفا 8 روايات، كل عمل مختلف عن الآخر سواء في تيماته أو أسلوبه، تقول:"في البداية دارت أعمالي في بيئات أجنبية، العمل الأول دار في منغوليا وتناول قصة 5 سيدات؛ والثاني في سيبيريا، أما الثالث فكان عبارة حوار بين أم وأب حول اختلافهما الأسري. ثم كنت مشغولة في فترة بعالم العاهرات، فكتبت رواية عبارة عن مونولوج طويل لعاهرة تتكلم عن نفسها". تقول هولوفا:"التشيك مليئة بالأقليات، لكن أكثر الأقليات هي الأوكرانية ولفت انتباهي سوء معاملتهم من جانب التشيكيين، لذلك كتبت عنهم رواية لاستعرض أزمتهم في مجتمعهم الجديد". اختلاف أسلوب الكاتبة التشيكية من كتاب لكتاب يبدو لافتا، حد أن الريفيوهات حول كتبها تقول إن كل كتاب كأنه ينتمي لكاتب مختلف. تقول:"نعم، أحب أن يكون لكل كتاب حياته الخاصة، وأفعل ذلك حتي أجدد من نفسي، وأيضًا حتي لا يمل القاريء أو يتوقع عملي الجديد". ما الذي يهم هولوفا ككاتبة؟ تقول:"بصفة عامة، أنا مهتمة بقضية الحياة، وأزماتها، والأسباب التي تتحكم في تصرفات البشر ومصائرهم" وتضيف:" أؤمن بحرية الإنسان في الاختيار، لكن أؤمن أيضًا أن هناك أسبابًا تدفع لكل مصير. بالإضافة لذلك، أهتم باللغة وبالحكاية، والحكاية عندي تتخذ شكلًا طريفًا، إذ تعتبر كل رواية استكمالًا لحكاية في رواية سابقة. وفي كل حكاية أريد أن أقول شيئا، ومثل كل الكُتّاب أسعي لأكون كاتبة جيدة". تقول هولوفا إنها تغير لغتها في كل عمل بحثًا عن التجديد، لكن هل تتمتع اللغة التشيكية بهذه الامكانيات؟ تجيب هولوفا:"مشروعي في اللغة هو الكتابة بلغة بسيطة تقترب من لغة الناس في كلامهم العادي، ممكن أن تقولها إنها لغة عامية أو مزيج من اللغة الأدبية والعامية، وهي لغة أعجبت بعض المناطق ولم تعجب مناطق أخري. لكن مع الوقت، أصبحت العامية رتيبة ولا تحقق لي المتعة بالفعل، لذلك عدت مؤخرًا للغة الأدبية مع تطعيمها بكلمات فجة". في كل أعمال هولوفا، البطل هو المرأة، هذا طبيعي لأنها امرأة، ولأنها تعرف النساء أكثر، لكن ألا يشغلها مصطلحات مثل الأدب النسوي مثلاً؟ تقول هولوفا:"هذا النوع من الأسئلة لا يوجه عادة للرجال. في الحقيقة أنا أهتم بعلاقة الرجل بالمرأة وما بها من تعقيدات، فإن كان هذا نسوية فأنا نسوية". تنتمي بيترا هولوفا للجيل الثاني بعد سقوط سور برلين ونشوب الثورة التشيكية..هل أدت تلك الأحداث لتغيرات في موضوعات الأدب؟ "نعم بالطبع" تقول هولوفا وتضيف:"فترة ما قبل الثورة كان الكُتّاب منصاعين للسلطة، لم يكن بوسع أحد أن يخرج عليها، وكانت الموضوعات محددة والرقابة بيد من حديد. وكان هناك ما يسمي ب اتحاد الكُتّاب، التابع للسلطة أيضًا. لكن مع سقوط النظام، تغير كل شيء، اختفت الإدارة المركزية للأدب، وبدأت تظهر الأعمال السرية والمركونة في الأدراج، وطرحت موضوعات لم تكن مطروحة من قبل في الأدب التشيكي". تضيف:" بعد الثورة ظهر تجمع آخر للأدباء كمنصة جديدة، ما أدي لظهور الأدب الممنوع في العشر سنوات التالية لسقوط السور". تري هولوفا أن أزمة الجيل الذي ظهر في التسعينيات أنه تخلي عن النظرة النقدية للسلطة القائمة حينها، لأنهم كانوا يُقابلون بكثير من النقد بدعوي أن نظرتهم غير موضوعية وأن مهاجمة النظام لم يعد منطقيًا"، وتضيف:"في رأيي، هذا فشل أدبي، لأن غياب النقد من الأدب يؤثر عليه سلبا، لكن الجيل الجديد تدارك ذلك". من تأثيرات الثورة التشيكية الإيجابية علي الأدب في رأي هولوفا هو "ظهور عدد كبير من السيدات في عالم الكتابة، بعد أن كن غائبات عن هذا العالم".