عاكف المصري: قمة شرم الشيخ أكدت أن مصر الحارس الأمين للقضية الفلسطينية وخط الدفاع الأخير    ضياء رشوان: مقولة الرئيس السيسي القائد الحقيقي يمنع الحرب لا يشنّها تلخص مشهد قمة السلام    رئيس مدغشقر يغادر البلاد دون الكشف عن مكانه    بريطانيا توجه رسالة شكر إلى مصر بعد قمة شرم الشيخ للسلام    وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي التوليدي يعيد تشكيل العملية التعليمية    عماد النحاس يكشف عن رأيه في حسين الشحات وعمر الساعي    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    جولة داخل متحف الأقصر.. الأكثر إعجابًا بين متاحف الشرق الأوسط    «زي النهارده».. استشهاد اللواء أحمد حمدي 14 أكتوبر 1973    «شرم الشيخ» تتصدر مواقع التواصل ب«2 مليار و800 ألف» مشاهدة عبر 18 ألف منشور    ترامب: لا أعلم شيئًا عن «ريفييرا غزة».. ووقف إطلاق النار «سيصمد»    الأمم المتحدة: تقدم ملموس في توسيع نطاق المساعدات الإنسانية بقطاع غزة    مدير منظمة الصحة العالمية يعلن دخول 8 شاحنات إمدادات طبية إلى غزة    إسرائيل تتسلم جثث أربعة رهائن كانوا محتجزين فى غزة    بشارة بحبح: تعريف الولايات المتحدة لنزع سلاح حماس لا يشمل الأسلحة الفردية    ارتفاع كبير في عيار 21 الآن بالمصنعية.. مفاجأة بأسعار الذهب اليوم الثلاثاء بالصاغة    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 14-10-2025    توفير أكثر من 16 ألف يومية عمل ضمن اتفاقية تحسين مستوى المعيشة بالإسكندرية    «اختياراته تدل على كدة».. رضا عبدالعال ينتقد حسام حسن: يحلم بتدريب الأهلي    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «بين الأخضر وأسود الرافدين».. حسابات التأهل لكأس العالم في مجموعة العراق والسعودية    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    سحب منخفضة على القاهرة وسقوط رذاذ.. بيان مهم من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    اعرف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في بني سويف    تسجيل دخول منصة الشهادات العامة 2025 عبر موقع وزارة التربية والتعليم لطلاب أولى ثانوي (رابط مباشر)    شاهد سقوط مفاجئ لشجرة ضخمة على سيارة بمنطقة الكيت كات    ذاكرة الكتب| «مذكرات الجمسي».. شهادة تاريخية حيَّة على إرادة أمة استطاعت أن تتجاوز الانكسار إلى النصر    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    إسعاد يونس: خايفة من الذكاء الاصطناعي.. والعنصر البشري لا غنى عنه    بعد استبعاد أسماء جلال، هنا الزاهد مفاجأة "شمس الزناتي 2"    أحمد التايب للتليفزيون المصرى: مصر تحشد العالم لدعم القضية الفلسطينية    957 مليون دولار أمريكى إيرادات فيلم A Minecraft Movie    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    4 طرق لتعزيز قوة العقل والوقاية من الزهايمر    هتشوف فرق كبير.. 6 مشروبات واظب عليها لتقليل الكوليسترول بالدم    التفاح والقرنبيط.. أطعمة فعالة في دعم صحة الكلى    علماء يحذرون: عمر الأب يحدد صحة الجنين وهذا ما يحدث للطفرات الجينية في سن 75 عاما    قرار جديد للشيخ سمير مصطفى وتجديد حبس صفاء الكوربيجي.. ونيجيريا تُخفي علي ونيس للشهر الثاني    مصرع شاب غرقًا في حوض زراعي بقرية القايات في المنيا    د.حماد عبدالله يكتب: القدرة على الإحتمال "محددة" !!!    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في بني سويف    موعد صرف معاشات شهر نوفمبر 2025    تخصيص 20 مليون دولار لتأمين الغذاء والمياه والمأوى بغزة    بالتفاصيل| خطوات تحديث بطاقتك التموينية من المنزل إلكترونيًا    ضبط 10 آلاف قطعة باتيه بتاريخ صلاحية مزيف داخل مخزن ببني سويف    أردوغان لميلوني في قمة شرم الشيخ: تبدين رائعة (فيديو)    89.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة الإثنين    قرار من النيابة ضد رجل أعمال نصب على راغبي السفر بشركات سياحة وهمية    ألمانيا تفوز أمام ايرلندا الشمالية بهدف نظيف في تصفيات أوروبا لكأس العالم 2026    قلادة النيل لترامب.. تكريم رئاسي يعكس متانة العلاقات المصرية الأمريكية    بحضور صناع الأعمال.. عرض أفلام مهرجان بردية وندوة نقاشية بالمركز القومي للسينما    محافظ قنا يشهد احتفالية قصور الثقافة بذكرى انتصارات أكتوبر    جامعة بنها: إعفاء الطلاب ذوي الهمم من مصروفات الإقامة بالمدن الجامعية    وزير الري يشارك فى جلسة "مرفق المياه الإفريقي" المعنية بالترويج للإستثمار فى إفريقيا    دار الإفتاء تؤكد جواز إخراج مال الزكاة لأسر الشهداء في غزة    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكفير الكاتب الجزائري كمال داوود.. تحقيقٌ مُضاد
نشر في أخبار الأدب يوم 03 - 01 - 2015

منذ 16 عاما يكتب كمال داوود في جريدة يومية وهران الناطقة بالفرنسية، عموده "رأينا رأيكم" يعتبر من أشهر الأعمدة الصحفية في الجزائر. عندما أصدر داوود منذ سنوات قليلة مجموعته القصصية "مقدمة الزنجي" عن دار البرزخ، والتي فازت بجائزة في الجزائر ورشحت لأخري بفرنسا وأعيد طبعها في فرنسا. يلتقي داوود بصحفي فرنسي جاء الي مدينة وهران ليكتب تحقيقا حول ألبير كامو الذي زار المدينة التي لم يكن يحبها- أين تدور أحداث روايته الطاعون. يكتب داوود عمودا، حول كامو، والجدل الذي لا ينتهي حول: جزائريته... فرنسيته... كولونياليته... بعدها يتصل به ناشراه سفيان حجاج وسلمي هلال مالكا دار البرزخ، ليخبراه أن العمود يحمل فكرة نص أطول... ينطلق داوود في كتابة تحقيق مضاد عن جريمة رواية الغريب، من الراوي؟ هارون! هارون من؟ أخو موسي! موسي من؟ موسي العربي الذي قتله ميرسو الغريب! سنة 2013 تصدر الرواية تحت عنوان ميرسو، تحقيق مضاد. تصدر في الجزائر عن دار البرزخ، قبل أن يعاد طبعها في فرنسا عن دار نشر أكت سود. بعد 71 عامًا من صدور رواية ألبير كامي، وبعد عشرات الدراسات حول شخصية ميرسو، بعد أن قارن كاتب ياسين بين "العرب" عند كامي ب"الزنوج" عند فوكنر، وبعد أن كتب إدوارد سعيد عن كامي في كتابه الثقافة والإمبريالية، وكل الدراسات التي تناولت أدب كامي من مقاربات مختلفة، يخرج العربي مرة أخري باسم... وأخ يحكي الحكاية! لكن تأتي حكاية أكبر تضمّ الكاتب وحكايته معًا....
الفزّاعة
شخص يسمي عبد الفتاح حمداش، ظهر للرأي العام منذ شهور عديدة، علي صفحات جرائد أو قنوات خاصة تتبع لنفس الجرائد، بوصفه زعيما لحركة سلفية غير مصرح لها بإنشاء حزب. لماذا ظهر؟ يظهر ليفتي في مسائل متعلقة بعيد الحب، وتعليق أقفال علي جسر في العاصمة مثل جسر باريس، أو ما يجب علي الفتيات لبسه... حمداش من تيار سلفي تكفيري، دخل السجن في التسعينيات وحسب مقال لفرانسوا غيز في موقع ميديابار الفرنسي يقال إن المخابرات وظفته بعد خروجه من السجن نهايات التسعينيات. من حي بلكور في العاصمة (الحي صار اسمه محمد بلوزداد بعد الاستقلال لكن العادة في الجزائر تسمية الاحياء بأسمائها القديمة) نفس الحي الذي سكنه كامو في الجزائر: بلكورت! يوم 16 ديسمبر 2014 كتب حمداش علي صفحته بالفيسبوك أنه يطالب بإعدام الصحفي كمال داوود علنّا، و"أفتي" بهدر دمه، وأنّ النظام في الجزائر ليس اسلاميا فلو كان كذلك لقتل الصحفي الزنديق الصهيوني الذي أساء للذات الالهية وتهجّم علي القرآن والعروبة!
حمداش وداوود ؟ بعد ساعات قليلة كان الفيسبوك اشتعل بدعوات منددة ب"فتوي" الشيخ، في أن صفحة هذا الأخير اختفت من الفيسبوك، وأنشأت صفحات تضامنا مع الكاتب المُهدر دمه في انتظار أن يتقدم بشكوي لدي الشرطة في مدينة وهران أين يقيم. في التسعينيات كانت دعوات القتل والفتاوي ضد المثقفين والكتّاب بخاصة شيئا روتينيا، كل يوم وكل خطبة جمعة تعلّق علي باب المسجد قائمة جديدة، لا يُعرف صاحبها بالضبط، لكنها تأتي من تيار معين أو عن جماعة معيّنة. لكن هذه المرّة، بالدعوة علي الفيسبوك ثم التّأكيد باتصال مباشر علي قناة النهار تي في (والتي ساهمت وتساهم منذ إنشائها أول الامر كجريدة في خلق ظواهر شعبوية وتكريسها، ولا ضير في التشهير بأشخاص وتلفيق تهم واللعب بالمصطلحات لتقديم الخبر للمشاهد البسيط) مؤكدا دعوته ومصرّا عليها. في نفس الاسبوع وعقب خروج أخبار عن "سقوط" أسعار البترول، وصعود بعض الاصوات المنادية بقدوم سنوات عجاف، سُرّبَ خبر للصحافة عن انعقاد جامعة صيفية لاعضاء قدم وتائبين من الجبهة الاسلامية للانقاذ، بجبال مدينة جيجل، تحت قيادة مداني مزراق! من هو مداني مزراق الذي سيستضاف علي قناة الشروق (والتي لا تختلف كثيرا عن زميلتها النهار) ليصرخ أنا ضحية هذا النظام؟ مداني مزراق هو قائد الجناح العسكري للجبهة الاسلامية للانقاذ في سنوات الدم... التسعينيات، المطلوب رقم واحد يوما ما... عودة وجوه كهذه عبر وسائل اعلام ذات قاعدة شعبية كبيرة، رغم كل الشبهات التي تلّفها وظهورها كتقنيات استبداد ناعمة خلال الانتخابات الرئاسية الفارطة، من خلال حملاتها الدعائية للمرشح الفائز عبد العزيز بوتفليقة، وتشهيرها بالاصوات المنادية بتنحيه، وخلقها لسلم قيم يزيد وينقص حسب الحاجة، ويتلوّن، تقاس به الظواهر والأشخاص تحت أعين المشاهدين، عودة هذه الوجوه في مرحلة كالتي نعيشها الآن يعني شيئا واحداً: الاستعانة بالفزّاعة... بالشبح القديم... بالحكاية القديمة حتي ينام الأطفال!
"مجتمع الفُرجة"
بدأ الموسم الادبي في فرنسا لعام 2014، وبدأت الروايات تطرح للجوائز من الأصغر حتي الأكبر: غونكور ! الموسم الأدبي تقليد "تجاري" في فرنسا تخرج فيه الروايات وتبدأ بالترشح للجوائز، وتبدأ المراجعات والبرامج التلفزية الأدبية تتكلم عن أقوي المتنافسين... آلة دعاية ضخمة بلمسة تضفي رمزية وعراقة فرنسية علي الشيء. رواية ميرسو، تحقيق مضاد والتي قطعت منذ نهاية عام 2013 شوطا علي صفحات الجرائد دخلت السباق، وبدأت تفوز ببعض الجوائز كجائزة فرنسوا مورياك في غرونوبل، ودخلت السباق علي غونكور. طيلة شهرين شكّل داوود حدثا، مواقفه من النظام في الجزائر، مواقفه المستفِزة بشكل عام ونجاح نصّه أو تحقيقه المضاد شكّلا مادة دسمة لوسائل الاعلام هناك. وصل داوود الي القائمة النهائية لغونكور ليخسر بفارق صوت واحد، كتبت الصحافة يومها أنه صوتُ طاهر بن جلون، أول روائي من أصل عربي يحصل علي نفس الجائزة من أصل اثنين.
ظهور أي شخصية عامّة جزائرية في وسائل الاعلام الفرنسية محصور بين ثنائية قطبية: وطني أو متملّق الغرب الخ... ظهر داوود في برامج عديدة، تلفزية وإذاعية، وكان ظهوره (كشخص لم يتكلم من قبل أمام كاميرات كثيرة ومعروف من خلال كتاباته فقط) مقبولا في إطار "مجتمع الفرجة". آخرها لما ظهر في برنامج "لم ننم بعد" علي القناة الفرنسية الثانية، وتكلّم في كل المواضيع التي طرحت من قبل عليه، وأهمّها: الجزائر، الربيع العربي، الدين، العروبة وارتباطها بالدين، مسألة الله في العالم العربي... والعربي الذي سمّاه موسي!
بعد هذا الظهور، بدأت بعض الاصوات في الجزائر تندّد بموقف داوود من العروبة والدين، ومن اللّغة الفرنسية كغنيمة حرب كما قال كاتب ياسين أو أملاك شاغرة تركها الاستعمار كمال قال داوود، وعن كون العربية مناخا حضاريا طبع الشعوب التي "فتحها" الاسلام، وأنها جزء من الهوية لا الهوية ككل... هذه الانتقادات كانت تنتقد آراء كمال داوود، الصحفي الكاتب، الذي حاول من ظهوره "المكثّف" المدافعة عن رأي يخصّه حول الهوية الجزائرية!
أصاب ؟ أخطأ ؟ لا يمكن لأحد أن يطلق حكما نهائيا، لأن الرأي مجعول لهذا الغرض: المجادلة والمراكمة!
الرأي بين إنتاج المعني والقَوْلَبة
الرأي وُجِدَ ليناقش لا ليُشارك (كما كتب سيد أحمد سميان أحد أهم الصحفيين من جيل داوود في مقال له عشية الفتوي عن انهيار الاخلاق وتصوّر معين للديمقراطية) نحن نتشارك الوجبات والمشاعر والأخوة، لكن الرأي شيء فردي حتي لو تشابهت الآراء، الرأي ليس ايديولوجيا ولا حزبا ولا مذهبا وليس بدين. الناس الذين يتعاطفون مع داوود بطريقتين: أنا كمال داوود أنا أسانده أو أنا لا أشارك كمال داوود الرأي لكن ضد فتوي قتله، الموقفان يقومان علي المشاركة أو عدمها، ينحازان لتنميط الرأي المقابل، إدخاله في القالب أو اخراجه...
"لا أشاركه الرأي لكني ضد فتوي اهدار دمه"ت! قول هذا أمام وضعية رجل مهدد بالقتل يجعلنا نفكر في أمور أبعد من التضامن أو كيف نتضامن. الاشارة الي "عدم المشاركة" في الرأي كشيء سلبي، يعني أننا لا نريد الخروج من القالب. الرأي، مرة أخري، يجب أن يُجادل ويثري، كمال داوود في ظهوره علي القنوات التلفزية الخاصة بعد الفتوي وفي كل تصريحاته وحواراته أصرّ علي كلمة واحدة: أنا منتج للمعني... كاتب صحفي يدافع عمّا يراه صحيحا...
داوود بظهوره الاعلامي الذي لامه عليه البعض لأنه لم يتعرف علي "نفسه" في خطاب الصحفي المُتحدث إلي الغرب، بظهوره الاعلامي قبل وبعد الفتوي، أثار داوود نقطة مهمّة: مدي قابلية الناس لتقبّل المختلف ومجادلته ! التفكير المُقولب، مع أو ضد، التفكير الفيسبوكي الذي يضغط لايك أو لا يضغط من دون التفكير في التعليق ومناقشة الرأي، هذا التفكير الذي يزعجه لون غير اللّون الذي يتبناه يذهب في تأويله للمُختلف الي حدّ التخوين، والاتهام بالعمالة وغيرها من القوالب الجاهزة... ويذهب الي التكفير والدعوة الي القتل في نسخته الأشد تطرفا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.